أكدت صحيفة لوفيجارو الفرنسية أن اليوم ينتظر أن يتم الإعلان عن تعديل حكومى، تخرج بموجبه وزيرة الخارجية ميشال آليو- مارى من الحكومة بعد ثلاثة أشهر من توليها المنصب ويرجح أن يحل مكانها وزير الدفاع آلان جوبيه. وقالت إن هذا التغيير يتسق مع إعادة تهيئة السياسة الخارجية الفرنسية للتأقلم مع مسيرة التغيير فى الدول العربية، وإن ذلك سيعلن عن تفاصيله الرئيس نيكولا ساركوزى فى كلمة مساء اليوم. وأكدت الصحيفة أن رئيسة الدبلوماسية الفرنسية ثمن سلسلة تصرفات قامت بها إزاء تونس بدأت بعرضها خبرة فرنسا الأمنية على الرئيس المخلوع زين العابدين بن على لمواجهة التظاهرات، ومن ثم رحلاتها على متن طائرة تخص رجل أعمال تونسياً مقرباً من بن على على حين كانت السلطات التونسية تقمع المتظاهرين المناهضين للنظام، مشيرة أن هذه التصرفات أثارت استياء فى فرنساوتونس، مما أدى إلى غيابها عن أول زيارة وزارية فرنسية إلى تونس قبل أيام، ليحل مكانها وزير الشئون الأوروبية لوران فوكييه. والمفارقة أن وزير الخارجية التونسى أحمد وانيس اضطر للاستقالة بسبب مدحه لأليو مارى على حين ترفض هى الاستقالة، رغم أن 53% من الفرنسيين يرغبون فى استقالتها، ومن هنا يريد ساركوزى إبعادها عن حكومته وربما مع شريك حياتها وزير الدولة للعلاقة مع البرلمان باتريك أوليه، صديق القذافى. ولفتت الصحيفة أنه من الأفضل للرئيس الفرنسى استباق الأمور وإبعادهم عن الحكومة قبل أن تبدأ الصحف بكشف معلومات عن علاقتهم بليبيا، وبكل الأحوال أعلن أوليه أنه فى حال غادرت أليو مارى سيغادر معها. كما عرضت الصحيفة ما قدمته وسائل الإعلام الفرنسية من سيناريوهات للتعديل الحكومى، قاسمها المشترك إسناد الخارجية إلى جوبيه الذى أدار الدبلوماسية الفرنسية بين عامى 1993 و1995 ومازال يحتفظ بشعبية كبيرة فى أوساط الدبلوماسيين. ومن السيناريوهات المتداولة نقل وزير الداخلية بريس هورتفو الصديق الحميم لساركوزى من الداخلية إلى الدفاع على أن يتولى حقيبة الداخلية أمين عام الرئاسة كلود غيان. وفى حال تأكد هذا الاحتمال، فذلك يعنى أن ساركوزى حسم أمره لجهة إعادة الاعتبار إلى "الكى دورسى"، نظراً لموقع وثقل الآن جوبيه كرئيس وزراء سابق ولاعب أساسى فى اليمين الحاكم، فجوبيه لا يرضى بأن يكون وزير خارجية مهمشاً من مساعدى الرئيس، لاسيما جيان والمستشار الدبلوماسى جان دافيد ليفييت، وهكذا قد يشكل تسلم جيان لوزارة الداخلية مخرجاً لإبعاده عن ملفات الدبلوماسية. ويترافق التغيير مع جدل حول أداء الدبلوماسية الفرنسية أخذ بعداً جديداً مع انتقادات من داخل الجسم الدبلوماسى عبر بيان وقعه عدد كبير من الدبلوماسيين الحاليين والسابقين أطلقوا على أنفسهم اسم "مارلى"، وهو اسم المقهى الباريسى الذى التقوا فيه فى 22 فبراير الحالى، إذ اعتبرت المجموعة فى مقال نشرته صحيفة «لوموند» أن الدبلوماسية الفرنسية يقودها «هواة» وتفتقر للمهنية»، و"تقوم على الارتجال وعدم وضوح الرؤية وردود الأفعال المتسرعة غير المدروسة"، ورأت أن هذه الدبلوماسية فقدت هويتها منذ أن انحازت إلى إملاءات واشنطن بعد وصول ساركوزى عام 2007، ورأى الدبلوماسيون أن «سياستنا فى الشرق الأوسط لم تعد متماسكة وباتت ضبابية وتندفع باتجاه النفق المسدود وتعزز الأوراق بيد سورية». وألقت مجموعة مارلى بمسئولية ما آلت إليه الدبلوماسية الفرنسية من ضعف ووهن وانحياز للدبلوماسية الأمريكية على اثنين من مساعدى الرئيس ساركوزى، وهما الأمين العام لقصر الإليزيه كلود جيان، والمستشار الخاص للرئيس هنرى جينو، الذى تبرع بالرد على المجموعة عبر مقال اعتبر فيه أن الدبلوماسية تختلف عن السياسة الخارجية، لأن الدبلوماسية مجرد تكتيك فى حين السياسة الخارجية تقع على عاتق السياسيين ولا يصنعها الدبلوماسيون. وقالت الصحيفة إنه من الواضح أن ساركوزى بدأ باستخلاص العبر من دروس الثورات العربية والانتقادات الموجهة إلى دبلوماسيته، لاسيما بشأن تونس ومصر، واختار أنقرة منبراً ليعلن موقفاً متقدماً جداً بشأن ليبيا، ويسجل أنه أول زعيم غربى يطالب القذافى بالتنحى عن السلطة، بعد أن كان دعا إلى عقوبات أوروبية ومن ثم أممية من مجلس الأمن لوقف العنف، ولم يتردد بالإعلان عن تغيير حقيقى فى سياسته يتعلق ب"إعادة التفكير بالرؤية التى كانت لديه بشأن الاتحاد من أجل المتوسط"، بعد سقوط شريكه فى رئاسة الاتحاد حسنى مبارك. وقال ساركوزى: "النية لا تزال هى نفسها، ولكن لا يمكننا أن نبنيها بنفس الطريقة مع الشارع العربى الذى يتظاهر من أجل الديمقراطية على حين كان لدينا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أنظمة سلطوية وكانت لدينا علاقات معها لأنها كانت علمانية ولم يكن هناك بديل".