عبد المنعم أبو الفتوح ◄◄القسم السياسى والمهنيون يبحثون حل إشكالية العلاقة بين «الجماعة والحزب» وإعادة النظر فى البنود المتعلقة بشأن المرأة والأقباط كشفت مصادر داخل جماعة الإخوان المسلمين أن د. محمد بديع، المرشد العام للإخوان، بوصفه رئيس مجلس شورى الجماعة، سيدعو لاجتماع المجلس كاملاً فى مكان واحد بعد أكثر من 15 عاماً من حظر اجتماعات مجلس الشورى خلال أيام، ويناقش المجلس قضايا تتعلق بالوضع الجديد، خاصة مع قرار استعداد الجماعة لإنشاء حزب سياسى فى حال إتاحة الفرصة لذلك. الاجتماع سيكون المرة الأولى التى يحضر فيها فى مقر واحد أكثر من 120 عضوا من قيادات الجماعة من مسؤولى المكاتب الإدارية بالمحافظات، وأعضاء مكتب الإرشاد، ومسؤولى مجالس شورى المحافظات وأعضاء مكتب الإرشاد السابقين الذين مازالوا على قيد الحياة، منهم د. محمد حبيب ومحمد عبدالله الخطيب ولاشين أبوشنب ود. عبدالمنعم أبوالفتوح، حيث كانت تتم جميع مناقشات مجلس الشورى عبر التليفون أو ما يسمى ب«التمرير» لأوراق مناقشات أو مقترحات أو حتى التصويت فى الانتخابات، كما حدث فى انتخابات مكتب الإرشاد فى ديسمبر 2009، وفى انتخابات المجلس ذاته فى مايو 2010. ويناقش الاجتماع عدداً من القضايا، منها طريقة الفصل بين الجماعة والحزب السياسى، وطريقة التعامل بين الأنشطة، خاصة الخيرية والاقتصادية والمدارس التابعة للجماعة، ودراسة مقترحات الأسماء التى يمكن أن تدخل فى الحزب السياسى، وكذلك تلقى مقترحات الشكل الذى ستكون عليه الجماعة مع الحزب. وعلى مدار الأيام الماضية عقد قسم المهنيين، والقسم السياسى، اجتماعات مكثفة لدراسة شكل التعامل مع الواقع السياسى الجديد، وبدأ القسم السياسى فى مناقشة تعديلات على برنامج حزب الجماعة الذى تم إعلانه فى 2007، خاصة البنود المتعلقة بالجدل بشأن المرأة والأقباط وحظر توليهم أو ترشحهم لرئاسة الدولة، كذلك تنقيح عدد من الفصول بشأن الوضع الاقتصادى والثقافى فى ظل التغيير بعد الثورة. لم تقتصر دراسات الاجتماعات على القضايا السياسية فقط، بل وصل الأمر إلى تحديد الجماعة عدداً من القضايا للدراسة، ووضع دراسات جدوى اقتصادية عنها الفترة المقبلة، ومنها إنشاء صحيفتين للجماعة، إحداهما تكون تابعة للحزب الرسمى للجماعة وناطقة باسمه وتستمد مبادئها- كما نقل قيادى بالجماعة- من الحزب، والأخرى تكون قطاعا خاصا بشركة مساهمة مصرية لقيادات من الجماعة، بالاشتراك مع رجال أعمال يحملون فكر الإخوان وقريبين من الجماعة، ولم يتحدد أى من الصحيفتين يمكن أن تبدأ أولا بسبب عدم تغيير القوانين الحالية الخاصة بالصحف أو الأحزاب، إلا أن الجماعة بدأت فعلياً الاستعداد لجمع كوادر الإعلام فى الجماعة وإمكانية الاستفادة منهم. كل هذه التحركات على مستوى التنظيم تتوازى معها مطالب وتحركات أخرى على مستوى القواعد للمطالبة بتغيير فى القيادة والتعديل فى اللوائح الحاكمة للجماعة، خاصة أن مكتب الإرشاد يناقش تعديلات اللائحة الداخلية للجماعة منذ 2005، ولم ينته حتى الآن من تقديم تعديل يرضى كثيرا من قواعد الجماعة، خاصة «الإصلاحيين» الذين كانوا يعدون لمؤتمر فى يناير الماضى لتعديل اللائحة إلا أن الثورة أجلت اجتماعاتهم، كما وضع مختار نوح، القيادى عضو جناح الإصلاحيين، مشروع لائحة تم تداوله. وأوضح نوح أن الثورة ستنعكس على حالة الإخوان الداخلية، محذرا الجماعة من أنه فى حال عدم إحداث تطوير وإصلاح داخلى يتيح حرية الرأى والتعبير وتداول السلطة داخل الجماعة ستتعرض لأزمة كبيرة، معتبراً اللائحة الحالية لن تساعد على تطوير الجماعة لآلياتها فى ظل حالة الانفتاح السياسى والحرية التى تتيح للجميع إنشاء حزب سياسى، معتبراً أن الإخوان فى حال تقديم أنفسهم للمجتمع كما هم حاليا يسيئون إلى «الإخوان» وتاريخها، فضلاً عن أنه لن يعتبر نموذجا يمثل الإسلام، ويصيب مصداقية الدعاة الإسلاميين فى مقتل، قائلاً: «كيف تنادى بالإصلاح ولا تطبقه على نفسك؟، فربما إذا ما قدمنا نموذجاً جدياً استطعنا تحقيق خطوة تاريخية فى الجمع بين القبول العصرى لسلطة مدنية والمنظور الإسلامى». أما حسام تمام، خبير الحركات الإسلامية، فيرى أن اللحظة الراهنة للجماعة تحتاج التأسيس الثالث للتنظيم الذى أنشأه حسن البنا فى نهاية عشرينيات القرن الماضى، لتتحول كمدرسة لها أكثر من مسار غير مرتبط تنظيمياً، خاصة أن الاختلاط والتمحور حول تنظيم شمولى غير مقبول الآن، بل يثير خوف كثيرين وقلقهم من النموذج الإسلامى، ليقوم التنظيم والفكر على أساس ديمقراطى سليم يتناسب مع العصر الحديث والثورة، مبرراً ذلك بصعوبة استمرار الوضع القديم الذى يخفى فى داخله تنوعات كبيرة سياسية ودعوية وتوجهات وأفكارا مختلطة كان يجمعها تنظيم قائم على السمع والطاعة، قائلاً: «كلما كان جو من الحرية والانفتاح فى الواقع السياسى والديمقراطية، ظهرت تناقضات الإخوان الداخلية». لكن الإشكالية أمام الجماعة- كما يقول تمام- هى عدم قدرة الجماعة على استلهام نموذج للأحزاب الإسلامية فى المنطقة ذات الخلفية الإخوانية، معتبراً أن النموذج المغربى لحزب العدالة والتنمية الذى استقل عن الجماعة وأصبح يمثل المشروع الإسلامى السياسى ذا الخلفية الإخوانية، مما أتاح له مساحة من المرونة جعلته يمثل أكثر النماذج التفاعلية المقبولة فى العصر الحديث.