وزير التموين: الشراكة مع القطاع الخاص تكليف رئاسي    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    محافظ القليوبية يشارك في تكريم أوائل الثانوية والماجستير والدكتوراه    جامعة جنوب الوادى الأهلية تقرر غلق باب القبول للعام الجامعي 2024 / 2025    استشهاد شريف أبو الأمين قائد حماس بلبنان و3 قياديين بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أول استهداف صهيوني لقلب بيروت    مقتل 5 مواطنين وإصابة 57 آخرين في غارات إسرائيلية على الحديدة باليمن    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    سيدتان تنفذان وصية دجال بدفنه فى منزله وتشييد مقام له    التصريح بدفن جثة فتاة تناولت سم فئران بمنطقة المرج    حبس خفير لاتهامه بالتحرش بطالبة فى الشروق    بعد وقف تصاريح فيلم «التاروت».. علي غزلان يرد : «طالع بشخصيتي الحقيقية وعملت المشهد مجاملة»    وزير الصحة: الحكومة تلتزم بتهيئة بيئة مناسبة لضمان قدرة المستثمرين الأجانب على النجاح في السوق المصري    قافلة طبية شاملة من جامعة قناة السويس إلى الجزيرة الخضراء بالتل الكبير    500 وفاة لكل 100 ألف سنويا .. أمراض القلب القاتل الأول بين المصريين    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    الرئيس السيسي: وحدة وتماسك الشعب هما الضامن الأساسي للحفاظ على أمن واستقرار الوطن    والد محمد الدرة: الاحتلال عاجز عن مواجهة المقاومة.. ويرتكب محرقة هولوكوست بحق الفلسطينيين    خُط المنطقة المزيف    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    أخبار الأهلي : تفاصيل جلسة لم الشمل للاعبي الأهلي بعد خسارة السوبر    الزمالك 2007 يكتسح غزل المحلة بخماسية نظيفة في بطولة الجمهورية للشباب    «الشعب الجمهوري»: نتبنى توجيهات القيادة السياسية بدعم ذوي الهمم    محافظ مطروح يتابع جهود المبادرة الرئاسية "بداية جديدة" فى مدينة النجيلة    النيابة تواجه مؤمن زكريا وزوجته ب التربي في واقعة السحر    يختصر الاشتراطات.. مساعد "التنمية المحلية" يكشف مميزات قانون بناء 2008    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    القاهرة الإخبارية: رشقة صاروخية من الجنوب اللبناني صوب أهداف إسرائيلية    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    «قومي المرأة» تنظم ندوة «نحو الاستخدام الآمن للتواصل الاجتماعي»    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    «الإجراءات الجنائية» يفتتح انعقاد «النواب».. الإثنين بدء انتخابات اللجان    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    الخدش خارج السطح.. إليك كل ما تحتاج معرفته حول التهاب الجلد التحسسي    عشريني يُنهي حياته شنقا في قنا    1 أكتوبر.. فتح باب التقديم للدورة الخامسة من "جائزة الدولة للمبدع الصغير"    كريم رمزي: عمر مرموش قادر على أن يكون الأغلى في تاريخ مصر    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    جامعة بنها: منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بالبرامج الجديدة لكلية الهندسة بشبرا    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    إيران تعلن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل جدي    وزير الشباب يستعرض ل مدبولي نتائج البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    أمينة الفتوى: هذا الفعل بين النساء من أكبر الكبائر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقسم بالله أن المشهد كان هكذا
نشر في اليوم السابع يوم 23 - 02 - 2011


المكان: منزلى بالقاهرة
الزمان: الساعة السابعة مساء يوم الجمعة 28 يناير 2011
الحدث: ابنتى ذات الثلاث سنوات تداهمها الحرارة بشدة وتصل إلى الأربعين درجة.. ابنتى الأخرى ذات الست سنوات تصرخ فى حضن أمها التى تضع الكمادات المثلجة على رأس شقيقتها الصغرى وصراخها يعود إلى حالة الذعر التى سيطرت عليها وأمها، بل وجميع الجيران المحيطين بنا.
هرعت إلى التليفون الأرضى (حيث إن المحمول كان متوقفا يومها بناءً على تعليمات الداخلية!) هرعت وأنا أتحامل على نفسى مدعيا التماسك أمامهم لكونى رب هذه الأسرة، واتصلت بطبيب ابنتى الذى هو فى الوقت ذاته ابن خالتى، وبعد عدة رنات أجابنى بصوت مرتعش فهو الآخر فى حالة يرثى لها، حيث إن الفوضى تسود المنطقة التى يقطنها! أجابنى باختصار بأننى يجب أن أحضر "لبوس" أى أقماع خافضة للحرارة، وأيضا مضاد حيوى على الفور تخوفا من أزمة الاختناق الحنجرى التى تصيب ابنتى بسبب الحساسية التى ولدت بها.
موقف عصيب وضعت فيه وزاد من توترى، اتصلت دون مبالغة بما يقرب من عشر صيدليات إلا أن جميعها لا ترد، الأمر الذى دفعنى للنزول مسرعا إلى الشارع لأبحث عن أى صيدلية مجاورة كانت أو بعيدة ويا ليتنى ما فعلت.. لقد كانت الشوارع فى حالة فوضى لم أرها من قبل، حيث من يحمل سلاحا أبيض ويحطم كل شىء وأى شىء، ومن يرتدى سروالا فقط ويجرى حاملا ماكينة "ATM »الصراف الآلى! ومن يحطمون مطعما ويقتحمونه، ومن يحرقون سيارة أمن مركزى بعد أن حطمت أولا عن آخر! رأيت مجموعات من البشر ربما لم أرها من قبل، وكما لو كانوا قد خرجوا من الجحور والقماقم مستغلين تظاهرات الثورة وحالة الانفلات والشلل الأمنى التام.
يأست من إيجاب صيدلية بعد ساعة كاملة من البحث وسط مشاهد مازلت أحلم بها إلى الآن، وقررت العودة إلى منزلى، وتأكدت أن الشرطة قد رُفعت من الخدمة بعدما شاهدت بعينى قسم الشرطة الذى يجاور بيتى خاليا تماما إلا من بعض الغوغاء الذين كانوا يسرقونه! "يا نهار أسود القسم اتسرق أمال إحنا هيعملوا فينا إيه"؟! هكذا كان لسان حالى.
عدت إلى المنزل ووجدت جميع الرجال من قاطنى البناية التى أقطنها مجتمعين أمام البوابة، ومنهم من يحمل عصاه أو بندقية رش أو مضرب جولف إلخ.. لقد علموا أن هناك أفرادا متشردين يحملون أسلحة يهاجمون المنازل ويسرقونها! أسرعت إلى شقتى وتحديدا لدولابى الخاص حيث أضع مسدسى (المرخص) وأخذته بعد أن حشوته بالرصاص ونزلت لأحمى أسرتى من الشارع، إنها حقا لحظة عصيبة أدعو الله ألا يعيدها مرة أخرى.. ماذا أفعل؟ وماذا أحمل؟ لم أتصور يوما أن أحمل سلاحا ولم أتصور أيضًا أن أستخدمه! ما هذا الذى يحدث أهو كابوس أم واقع أعيشه؟! ربما أن قريبا جدا من اللحظة التى سأكون فيها قاتلا أو مقتولا!
فى ظل كل ما سردت وفى ظل تأكدى من أنه لا يوجد من مغيث الآن، فقدت أعصابى وفقدت صوابى أيضا، خاصة بعد أن سمعت تبادلا لطلقات النار بشارع قريب من شارعنا جعل جميع أطفال وسيدات بنايتنا يصرخون، ازداد توترى وفكرت فى مخرج من هذه الأزمة واتصلت بالزميلة الإعلامية البارزة منى الشاذلى على تليفونها الخاص وطلبت منها الاتصال بى من خلال برنامجها المتميز (العاشرة مساء) حتى يصل صوتى إلى الجهات الأمنية، بعد ما يقرب من نصف ساعة بدأ البرنامج وبالفعل قاموا بالاتصال بى وأدخلونى على الهواء ولحظتها شعرت أننى طفل قد وجد أمه أو أباه بعد ساعات من الخوف والوحدة، فصرخت كما لم أصرخ من قبل وفقدت تماسكى الذى كنت أدعيه أمام الجميع لشعورى أن صوتى سيصل لمن يستطيع إغاثتى، تحدثت من قلبى وأذكر أننى كنت أرتعش ودموعى تتساقط وضربات قلبى تنبض فى سرعة غير مسبوقة..
قلت كل ما كنت أشعر به فى لحظتها ووصفت من روعونا وسلبوا وسرقوا وحطموا وخربوا بالحثالة، مؤكدا أنهم ليسوا على علاقة قريبة أو بعيدة بمن قاموا بثورة 25 يناير وكفاية أو حتى الإخوان وغيرهم من الأحزاب (هذا مثبوت وموجود على موقع اليوتيوب لمن يريد التأكد)، وسألت: أين البرادعى وإبراهيم عيسى وباقى رموز الثوار الذين شاهدناهم بالتلفاز بمظاهرات صباح هذا اليوم وأصبح لا أثر لهم الآن على الشاشات؟ وسألت: أين الشرطة؟ محذرا من خطورة ما يحدث، وطلبت من كل متظاهر أن يهدأ لأن الأمر قد انفلت خاصة أن لحظتها كان الرئيس مبارك قد أقال الوزارة.
كل ما سبق ليس به عيب كى أجد كم البذاءات والسب فى شخصى فى تعليقات الفيديو الخاص بالمكالمة على موقع اليوتيوب، ربما كان خطئى الوحيد فى هذه المكالمة أنه أثناء انفعالى وبشكل لا إرادى ونظرًا للظروف السالف شرحها وللضغط النفسى والعصبى قد قلت لفظا خارجا لم أعن به أحدا بعينه (وإن كان يجب على أن أعتذر للجميع ممن كانوا يستمعون لى وأولهم الإعلامية منى الشاذلى- وأكررها لم أكن أقصد أحدا بعينه)، إلا أن هذا اللفظ أيضا لا يستوجب أن يرسل لى خطابات تهديد بالقتل! أو سب بالأم والأب والعرض على صفحات النت المختلفة، هذا فضلا عن وضعى فى قائمة سوداء مع بعض الزملاء الفنانين!
يا سادة أريد أن أوضح موقفى الذى كتبته فى عامودى بجريدة الأهرام المسائى يوم الأحد 6 فبراير 2011 قبل تنحى الرئيس وأعربت فيه عن سعادتى بمكاسب الثورة، وشكرت من خلاله شباب 25 يناير وحذرت فيه من الذين يريدون استخدام الثورة لمصالحهم الشخصية والركوب على أكتاب الشباب وحذرت من نوايا بعض القوى الخارجية وبالأخص أمريكا وإيران، ورفضت فيه الإساءة لشخص الرئيس مبارك الذى ظل يحكمنا لمدة 30 عاما، وأيدت أن يرحل الرئيس بعد انتهاء مدته الشرعية والدستورية بأكتوبر المقبل، كما أننى قمت بمداخلة تليفونية يوم تنحى الرئيس على قناة النيل للأخبار وأكدت على النقاط السالف ذكرها ولم أغير موقفى مثل كثيرين كانوا يمتدحون النظام حتى الثمالة وبعد تنحى الرئيس سبوه أيضا حتى الثمالة وغيروا مواقفهم ومبدئهم فى لحظة! يا للعار.
يا سادة لست أنا الرجل الذى يغير من كلامه ومواقفه ولست أنا الذى يخطئ ولا يتقدم بالاعتذار ولست أنا من يبرر خطأه (والدلائل متوافرة للجميع على صفحات النت) ولست أنا من يزايد أو يقفز من السفينة مثلما فعل أيضًا الكثيرون، ولست أنا من يغير من جلده مثلهم ولست أنا الذى يركب فوق مجد الآخرين، لقد كان موقفى واضحا وضوح الشمس، حيث لم أرفض الثورة على الفساد وعلى التوريث والدستور والانتخابات المزورة وعلى مكاسب كثيرة حققها غيرى، إلا أننى سأستفيد منها مثلهم، ولكننى كنت ضد رحيل الرئيس بهذه الطريقة فى تلك الفترة الحرجة التى يمر بها البلد حتى لا تسود الفوضى والثورة على كل كبير، وكان رأيى الانتظار لأشهر قليلة حتى تنتقل السلطة سلميا، كما أننى كنت وما زلت ضد إهانة الرئيس.
لقد حدث ما حدث ورحل من رحل وبقى الوطن الذى يجب جميعا أن نتكاتف من أجل خروجه من محنته.. وأخيرًا تحيا مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.