كامل الوزير : هشتغل من 8 صباحا ل 3 عصرا بوزارة الصناعة.. ومن 3 ل 10 مساءً بالنقل    كوليبا يبحث مع بلينكن تعزيز الدفاع الجوي الأوكراني واستعادة نظام الطاقة في البلاد    سيراميكا كليوباترا يحسم مواجهة الإسماعيلي بهدف أحمد ياسر ريان    اه ولا لأ.. أحمد سعد يروج لعمل يجمعه بشقيقه وأحمد حلمي    بوتين خلال لقاء شي: العلاقات الروسية الصينية في أفضل حالاتها    البيت الأبيض يكشف حقيقة انسحاب بايدن من السباق الرئاسي    البيت الأبيض: الحديث بشأن تقاعد بايدن «غير صحيح»    قائمة نواب الوزراء الجدد 2024.. تعرف على أبرز الأسماء    رئيس «استئناف قنا» سابقًا.. من هو وزير العدل الجديد؟    شيخ الأزهر يخصص منحًا دراسية لطلاب «دار القرآن» بماليزيا    وزير الثقافة الجديد: بناء الانسان أولويتنا.. وسنستعين بالفنانين والأدباء    أسماء جلال تعلن موعد حلقتها مع منى الشاذلي    احذر من النوم بالقرب عن تليفونك .. مخاطر صحية للنوم بالقرب من الهواتف المحمولة    «ابدأ» تهنئ القيادة السياسية والشعب المصري بتشكيل الحكومة الجديدة    منتخب مصر فى التصنيف الأول قبل سحب قرعة تصفيات أمم أفريقيا 2025 غدا    منتخب إنجلترا بالقوة الضاربة قبل مواجهة سويسرا    عضو ب"رجال الأعمال" يطالب وزير الإسكان بتيسير منظومة التمويل العقاري    عاطل ينهي حياة زوجته بعد ضربها بماسورة على رأسها بالغربية    حبس شخصين ألقيا مادة حارقة على 5 بائعين في الشرابية    تونس.. فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة خلال يوليو الجاري    أبو الغيط يبحث مع الدبيبة التطورات على الساحة الليبية    "سي إن بي سي": نزوح جديد في خان يونس نتيجة رد إسرائيل على صواريخ حماس    خبير إعلامى يوضح أهمية تفعيل "الاتصال السياسى" فى الحكومة الجديدة    تمهيدا لطرحها خلال أيام .. أبو الليف ينتهى من تسجيل أغنية "بركاوى" بتوقيع برازيلى    مهام كبيرة على عاتق وزير الخارجية الجديد.. اختيار بدر عبد العاطى يعكس تعاطى الدولة مع المستجدات العالمية.. إدارته للعلاقات مع أوروبا تؤهله لقيادة الحقيبة الدبلوماسية.. ويمثل وجها للتعددية فى الجمهورية الجديدة    خالد عبد الغفار: مشروع التأمين الصحي الشامل على رأس تكليفات الرئيس السيسي    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية (تفاصيل)    رئيس الإنجيلية يهنئ مرجريت صاروفيم على توليها منصب نائبة وزيرة التضامن    21 توصية للمؤتمر الثالث لعلوم البساتين.. أبرزها زراعة نبات الجوجوبا    بيان الإنقاذ وخطاب التكليف !    وزير العمل: العمال في أعيننا.. وسنعمل على تدريبهم وتثقيفهم    يامال: أتمنى انتقال نيكو ويليامز إلى برشلونة    سوداني يسأل الإفتاء: أريد الزواج من فتاة ليس لها وليّ فما الحكم؟.. والمفتي يرد    السيرة الذاتية للدكتور محمد سامي التوني نائب محافظ الفيوم    ماذا نعرف عن الدكتور عمرو قنديل نائب وزير الصحة والسكان؟    وزير الأوقاف: سنعمل على تقديم خطاب ديني رشيد    ارتياح فى وزارة التموين بعد تولى شريف فاروق حقيبة الوزارة    للتدريب على استلهام ثقافة المكان في الفن.. قصور الثقافة تطلق ورش "مصر جميلة" للموهوبين بدمياط    حسام حسني يطرح أغنية «البنات الحلوة»    خبيرة فلك تبشر الأبراج النارية والهوائية وتحذر العذراء    إفيه يكتبه روبير الفارس.. شر السؤال    ضبط 44 جروبًا على "واتس آب وتليجرام" لتسريب الامتحانات    المؤبد و10 سنوات لصاحب معرض السيارات وصديقه تاجري المخدرات بالشرقية    لويس دياز يحذر من الاسترخاء أمام بنما    أشرف صبحي: مستمرون في تحقيق رؤية مصر 2030    وزير الإسكان يؤكد على أولوية مشروعات الإسكان والتطوير في مصر    السيرة الذاتية للدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة    النائب إيهاب وهبة يطالب الحكومة بالتوسع في إنشاء صناديق الاستثمار العقاري    "رموا عليهم زجاجة بنزين مشتعلة".. كواليس إصابة 5 بائعين بحروق في الشرابية    حملات يومية بالوادي الجديد لضمان التزام أصحاب المحلات بمواعيد الغلق    أمين الفتوى: ثواب جميع الأعمال الصالحة يصل إلى المُتوفى إلا هذا العمل (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 3-7-2024    نيابة ثان أسيوط تستعجل تقرير الإدارة الهندسية لملابسات انهيار منزل حي شرق    عودة المساجد لسابق عهدها وتطوير هيئة الأوقاف.. ملفات على طاولة أسامة الأزهري وزير الأوقاف الجديد    ليس زيزو.. الزمالك يحسم ملف تجديد عقد نجم الفريق    تطورات الحالة الصحية ل حمادة هلال بعد تعرضه لأزمة صحية مفاجأة (خاص)    تعرف على القسم الذي تؤديه الحكومة أمام الرئيس السيسي اليوم    يورو 2024.. مواجهات ربع النهائي ومواعيد المباريات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد صلاح يكتب: من يحصد ثمار الثورة فى تونس؟
نشر في اليوم السابع يوم 18 - 01 - 2011

المقال نقلاً عن العدد الأسبوعى الصادر اليوم الثلاثاء 18/1/2011
من ذا الذى لا يطرب قلبه فرحا حين يرى إرادة الناس تعلو فوق إرادة البطش والقهر وقنابل النار والدخان؟
أهل تونس دخلوا بالعرب أجمعين إلى نهائى مونديال الحرية، وأعادوا للشعوب المقهورة مهابتها فى صناعة القرار، بعد أن ظن حاكم غاشم أن رصاص عسكر الطغيان أقوى من دروع الكرامة، وأن حصون الظلم أقوى من أن تقتلعها عاصفة الحرية فى ضمائر المظلومين.
يبدو المشهد أعقد من أن يقطع صفوه شىء، حتى هذه الأفكار الهادئة التى تتأمل فيما بعد هذا الانتصار التاريخى للشعب التونسى. فهؤلاء الذين أطاحوا طاغية من صولجانه، ربما لم يتأملوا فى الخطوة التالية مباشرة، أو ربما لم يسألوا أنفسهم: من ذا الذى يستحق أن يتوّج رأسه بأكاليل الحرية التى صنعها الشعب التونسى بدماء أبنائه من الشهداء.
لا يفزعنى هنا أكثر من هذه اللحظة، فهؤلاء الأبرياء الذين افتدوا مستقبل وطنهم الصغير بصدورهم العارية، وزرعوا فى أيام معدودات أرض تونس البكر بنخيل الحرية، لم يتأملوا بعد فيمن يتربص فى الخفاء للانقضاض على هذا الزهو الشعبى المهيب.
تحققت الثورة، وهرب الاستبداد إلى غير رجعة، لكن من ذا الذى يستعد للقفز إلى مقاعد السلطة؟ ومن ذا الذى يمكنه ترجمة هذه الأحلام الجماهيرية التى تحركت كصاعقة من السماء فى شارع الحبيب بورقيبة، إلى واقع حر، ووطن حر، وشعب حر؟ ومن ذا الذى يمكنه أن يضمن الخبز والماء، ويستعيد الأمن إلى الشوارع والبيوت وإلى تراب الوطن؟
لا نريد أن تعلو أبيات أمل دنقل إذ يقول (وخلف كل قيصر يموت قيصر جديد)، إذ يبدو لى أن قياصرة متعددين يتحركون الآن من وراء حجاب فى المشهد التونسى. قياصرة يرتدون ملابس العسكر، وقياصرة يرتدون عمائم الدين، وقياصرة يرفعون الرايات الحمراء بأقنعة العدالة الاجتماعية.
يفزعنى أن يحل قيصر جديد فى قصر قرطاج. قياصرة العسكر كانوا رفاقا للطاغية، وربما هم أول من كسر قلبه، وأطاح به من عليائه، فلو كان زين العابدين بن على قد اطمأن إلى ولاء قادة جيشه، ما فرّ كالفأر فى الظلام.
ويفزعنى أن يحل قيصر آخر فى البيت الرئاسى من قياصرة الاستبداد الدينى. فالتونسيون الأوفياء الذين ثاروا من أجل الحرية، قد ينجرفون نحو النقيض الموضوعى للحالة الاجتماعية التى سلكها زين العابدين بن على، فتهوى البلاد- دون أن تدرى- إلى أحضان الاستبداد السياسى المقنّع بأحجية الدين، فيحل القيصر الجديد باسم الشريعة، وتنهار الحرية مجددا تحت ألوية السمع والطاعة فى المنشط والمكره، وفى السراء والضراء.
ويفزعنى أيضا أن يحل قيصر أحمر، ينسب النصر الشعبى لكتائب الأحزاب الشيوعية، ويختال على الناس بأفكار الثورة الجامحة، ويعتبر أن ما جرى لم يكن سوى حصاد لحركة التيارات الاشتراكية فى مواجهة اليمين المتعفن، والاستبداد النخبوى الأحمق لعصر زين العابدين بن على، وهنا تضيع تونس مجددا تحت بطش آخر لقيصر جديد.
لو يأذن لى هؤلاء الثوار الأبرياء فى تونس أن أحذرهم من القياصرة الجدد الذين يستعدون فى الخفاء للانقضاض على هذه الثورة الطاهرة، لتأذن لى عائلات الشهداء وشباب شارع الحبيب بورقيبة، أن أقاطع من بعيد لحظات النشوة والزهو بالثورة، لأؤكد أن الانتصار الكامل لم يتحقق بعد، وأن هؤلاء الذين قاوموا القيصر المستبد عليهم أن يقاوموا أحلام القياصرة الجدد، فلا تسلّموا بلادكم للعسكر، ولا تسلّموا حريتكم للعمائم، ولا تهدروا ما تحقق على أيديكم فى الاقتصاد التونسى لهؤلاء الذين قد يسحبونكم جميعا إلى عصر الثورة البلشفية.
أكره أن أكون أول من يوقظ الثوار من كبريائهم الوطنى غير المسبوق، وأكره أن أزعج فرحة الجماهير، لكن ما جرى فى تونس خلال الساعات التى تلت هروب زين العابدين بن على، يكشف عن أن أصابع أخرى غير أصابع الجماهير الطاهرة، كانت تلعب فى الخفاء، فحالات السرقة والانفلات الأمنى وانسحاب رجال الشرطة، لم تكن أعمالا عفوية، والثمن الذى يمكن أن تدفعه تونس نتيجة غياب الأمن فى الأيام التالية للانتصار ربما يكون أكثر فداحة من الثمن الذى دفعته تحت حكم الطاغية الهارب.
أكره أن أكون أول من يضىء هذا الجانب المظلم من المشهد فى لحظات الاحتفال، لكننى إذ احتفل بانتصار الشعب التونسى، لا يمكن إلا أن أخاف على هذا الشعب نفسه من القياصرة. فالثورة الجديدة تحتاج إلى مشروع جديد، والحركة الجماهيرية غير المسبوقة تحتاج إلى منظومة سياق فكرى يؤسس لعقد اجتماعى مختلف، ومن دونه فقد يحل القياصرة الجدد محل القيصر البائد، أو قد يتقاسم القياصرة الجدد ثمار الثورة وحدهم، رغم هذا النضال الشعبى التليد.
فلتحيا تونس.. وليذهب القياصرة القدامى والجدد إلى الجحيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.