ان تقبل الانسان لسمات ذاته التي لا يستطيع التدخل للتغيير فيها، هي من اهم الأمور التي دعا لها علم النفس لتعزيز شعور الثقة بالنفس لدى الانسان، لحمايته من التوابع السلبية لفقدان او قلة الثقة بالنفس، كالخجل والعزلة الاجتماعية وبالتالي عدم النجاح في العمل الجماعي ومن ثم عدم القدرة على تكوين صداقات او التعامل مع الآخرين والاحباط ....الخ. وبين الثقة بالنفس والغرور مساحة ضئيلة جداً تجعل الأشخاص الأسوياء اصحاب الانسانية والرقي الاخلاقي في مدينة الثقة بالنفس، والعكس فأصحاب الشعور بالنقص والسطحية يستوطنون مدينة الغرور وبالتالي تقل نسبة صحتهم النفسية يوم بعد يوم ..
عزيزي القاريء: ما سبق كانت مقدمة هامة استخدمها علم النفس كأساس للرد على الكثير من علامات التعجب والتعليقات التي وجهها جزء لا يستهان به من الجمهور كردود افعال تجاه الاعلان الذي يقدمه النجم محمد هنيدي في رمضان هذا العام .
منهم من قالوا ( كبر هنيدي !! طيب بلاش بقا يتزحلق وكده .. ازاي نجم بحجم هنيدي يعمل اعلان حتى لو كان اعلان ايه !!! هو فين هنيدي ما يجدد بقا بيختفي ليه من على الساحة !! .. هو اي حاجه بيقدمها وخلاص عشان الفلوس !! )
ومنهم من قالوا ( هو أصلاً وشه برييء مش باين عليه .. هو كوميدي هيجدد يعمل ادوار إنسان جاد يعني ؟ مش هيليق .. هو عسل في اي حاجه بيعملها .. انا قعدت معاه قبل كده على الطبيعة وشايف نفسه لدرجة ما كنش حتى بيضحك ولا حاجة ).. وقالوا وقالوا.... واستقبل علم النفس كل ما قالوه بصدر رحب وتأمل به جيداً. والآن أراد ان يقول.. عزيزي المشاهد القاريء: ان الفنان محمد هنيدي نموذج لابد ان يتم الاقتداء به في الثقة بالنفس. فقصر قامته لم يعيقه على ان يصبح نجم في مجاله. كما ان تقدم العمر به على حد الاقوال لم يعيقه أيضاً على حبه للحياة.. فهناك أشياء ليس للإنسان تدخل فيها كالجنس، العائلة، الطول والملامح ...الخ. ومن لم يرضى بهذه الاشياء يحيا طوال حياته في مشاكل نفسية تزداد يوم بعد يوم وتعيقه عن الحياة والتفوق.
كما انك لا تتوقع عندما تقابل فنانكوميدي انه في حياته الخاصة سيكون فكاهي طوال الوقت، وذلك لانه إنسان اي يضحك تارة ويزعل مرة اخرى ويخاف ويبكي ويفرح ويتعصب ... الخ. لانه إنسان.
اما عن ظهوره بإعلان يحيا وكأنه شباب رغم كبر سنه كما قالوا، فهذا امر صحي جداً والصحة النفسية باستمرار تشجع على القيام بذلك.. فمن قال ان اللعب تم خلقه في الحياة للاطفال فقط؟ من وضع هذه القوانين الخاطئه ؟؟ ومن قال ان العمر يقاس بالملامح او عدد السنوات؟
ان العمر الحقيقي هو عمر شعورك بالحياة . فكلما كنت تشعر بلذة للحياة كلما تم تصنيفك في علم النفس من الشباب. والعكس صحيح. والدليل على ذلك انك قد تجد شاب صغير ولا يمارس الرياضة ويحمل الهموم، فينحني ظهره اثناء المشي وينتابه الإرهاق من اقل مجهود. وقد تجد رجل في السبعينات ولكنه إنسان رياضي وظهره مستقيم اثناء جلسته وسيره ويشعر بلذة للحياة..
ما سبق كانت مسلمات أساسية من علم النفس. اما عن قبوله كفنان لفكرة تقديم اعلان واختفاءه من المسلسلات المطروحة، فهذه بها احتمالات. قد يكون هو كنجم له متطلبات يصعب على جهات الانتاج تلبيتها. او ان الاعمال التي يتم عرضها عليه لا يستهويه تقديمها. او انه لا يساعد نفسه على تجديد ثوب الإطار الذي قدم من خلاله أعماله. وقد يكون كسل منه. او عدم رغبة في تقديم مسلسل هذا العام لانشغاله بمشاريع شخصية او التزامات اخرى ..وقد ... وقد .... فجميعها احتمالات. ولكن، حتى وان تم قبوله لفكرة تقديم اعلان من اجل المادة فقط فهذا امر صحي لا ينقص من قيمة الانسان. خاصة وان الاعلان في إطار شخصيته المرحة التي اعتاد الجمهور استقبال طاقة إيجابية منها ..
