منذ فترة ليست بالقصيرة تحدث الدكتور إسماعيل سراج الدين عن الإنترنت منبهاً عن ثورة لم يتحدثها الإنترنت بعد، موضحاً أن النت ليس أداة أو وسيلة لنقل المعلومات، بل عما قريب سوف يكون مشاركاً فى الأحداث، بل وصانع لها، أى لن يبقى مفعولاً به وإنما سوف يتحول إلى فاعل. - ونفهم من هذا أن العالم الافتراضى الذى يطاردنا ليل نهار ويلحقنا كظلنا وفرض نفسه علينا ووقعنا فى هواة (ومحدش سمى علينا) من أول نقرة (نظرة) أصبح حقيقة لا مفر منها. - ومن البداية يجب أن نذكر أن العالم نسى أن يحتفل بالعيد الواحد والأربعين لمولد الإنترنت، لأنه مشغول بما هو أهم وأجدى من تلك الاحتفالات النظرية، وهذا الانشغال بسبب بركان (ويكيليكس) الذى أطالت حممه جميع أرجاء العالم ولم تسلم منه دولة أن لم يكن بالمدح فبالفضح. - وفى العام الماضى تم الإعلان عن اختيار كلمة (تويتر) كلفظ العام، وهى تعنى مغرد ورمزها – عصفورة زرقاء – وهى تصميم جاك دورسى فى عام 2006. - وقد وصف الكاتب الكبير أنيس منصور هذا العالم الذى كان افتراضيا بقوله – (هذه الوسيلة الإلكترونية فتحت لنا مجالات وسماوات فى كل فروع العلوم الإنسانية، إنها اختراع عظيم وجهد علمى إلكترونى هائل). - إن ما يموج به الإنترنت ينطبق عليه وصف من (الإبرة للصاروخ) فيه ما يدعو إلى الإيمان، وبه ما يدعو إلى الكفر، وبه ما يدعو إلى الإلحاد، وبه ما يدعو إلى العلم والتقدم، وبه ما يدعو إلى التخلف واللا منطق، وبه ما يدعو إلى العبث. - وقد كان صادقاً تماماً الرجل الذى وصف هذا الذى يحدث بسبب الإنترنت بأن البحر من أمامنا والجهل من ورائنا. - وهذا القول يعنى أنه لا مفر من التعامل مع الإنترنت تعامل الفرسان الداخلين فى حرب لابد خوضها. - إن الإنترنت لم يخترع من أجل اللعب وإضاعة الوقت، كما يتخيل الكثير منا، فالنت ثقافة بمعنى كلمة ثقافة فإن لم تكن أنت فى الأساس راجلا (شابا) مثقفاً.. فكيف سوف نتعامل مع قمة الأدوات الثقافية (هنا بعض الناس لا تقرأ إلا الجريدة ولا تقرأ فى الجريدة إلا الرياضة) فكيف لهم أن يتعاملوا مع النت ودروبه المتعددة. - نعم حياتنا أصبحت (أون لاين) لكن لا نستسلم لقوته وطغيانه وإنما لابد لنا أن نتعامل معه معاملة برجماتية، حتى يتحول الإنترنت إلى أداه بناء وليس أداة هدم وفضح أن ما أحدثته وثائق (ويكيليكس) يعد انقلاباً ثقافياً تكنولوجى من الدرجة الأولى.. لذا فنحن يجب أن ننظر إليه بعين الثقافة وليس بعين السياسة، لأننا لو نظرنا إليه بعين الثقافة فسوف نستفيد من النت وما أحدثه بركان ويكيليكس أما إذا نظرنا إلى ما حدث بنظره سياسية فلن نستفيد كثيراً، بل يمكن أن نغضب ونثور، لأننا كان يمكن أن تكون مكان الولاياتالمتحدة. - إذا يجب علينا أن ننظر إلى ما حدث إلى أنه حدث ثقافى يجب أن ننتبه إليه لأنه سوف يطولنا بصورة أو بأخرى وفى نهاية الأمر لا أجد شيئاً أنهى به مقالى غير أن أرفع القبعة وأنحنى احتراما للإنترنت. - مداخلة أخيرة (هو بركان وليس زلزال، لأن البركان بطول أناس كثيرة من خارج المكان الذى انفجر فيه – بعكس الزلازل الذى يضر من يقع فى محيطة وبعيدنا وعنكم البراكين والزلازل – قولوا أمين).
