زعمت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية فى تقرير مفصل وطويل تناولت خلاله الحياة السياسية فى مصر قبل أيام من بدء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، أن الحكومة المصرية تواجه معارضة شديدة من نوع خاص وهو شباب "الفيس بوك". وقال تسيبى برائيل، المحلل السياسى الإسرائيلى فى الشئون العربية والشرق الأوسط والسياسة الداخلية المصرية، إن شباب "الفيس بوك" أصبحوا بمثابة صداع فى رأس حكومة نظيف، وأنها ستواجه نشاط الإنترنت السياسى بصورة ضخمة عشية الانتخابات البرلمانية، مشيرة إلى أنه منذ بداية الشهر الجارى أكمل الرئيس حسنى مبارك عامه ال30 رئيسا لجمهورية مصر العربية فى ظل صراعات داخلية سياسية شهدتها البلاد، خاصة فى الفترة الأخيرة حيث أصبع الصراع الداخلى حول الحكم يدار عن طريق الحاسب الآلى من خلال "الإنترنت"، مضيفا أن الحكومة المصرية طوال فترة تاريخها كانت لا تتصور أن المعارضة تتحول للمدونين وأعضاء ب"جروبات" بموقع الفيس بوك ليصل أعدادهم للملايين من سن يتراوح بين 18و27 عاما وذلك عن طريق بضعة نقرات من الفأرة أو لوحة المفاتيح وتمرير الرسائل إلى الملايين من الناخبين المحتملين. وسرد برائيل تطور المعارضة المصرية قائلا: "بدأت الجبهات المعارضة الجديدة فى الظهور على السطح فى الانتخابات السابقة فى مصر عام 2005، وكان من أبرزها حركة "كفاية" التى تأسست رسميا فى العام قبل الماضى وبدأ العمل من خلال إنشاء موقع على شبكة الإنترنت ضم حوالى 12 حركة فرعية طالبت بتغيير النظام، ومع انطلاق موقع كفاية أنشأت حركة الإخوان المسلمين موقعها الخاص وبدأت نقل رسائلها على الشبكة، ثم بدأ عصر المدونين الذين جلبوا أعدادا من المعارضين ضخمة وكان تأثيرها واضحا بالشوارع". وأضاف المحلل الإسرائيلى أنه قبل خمس سنوات كان نشاط الإنترنت فى مصر لا يزال ضئيلا جدا، وكانت البيانات الصادرة عن المواقع المتخصصة على شبكة الإنترنت التى تتابع الإحصائيات العالمية وتراقب استخدام وتوزيع الإنترنت حول العالم قالت إنه فى نهاية عام 2000 فى مصر وصل أعداد المستخدمين للإنترنت حوالى 450 ألف مستخدم بينما بلغ عددهم 18 مليون نسمة هذا العام أى ما يقرب من 22٪ من عدد السكان، وبالتالى فإن بعضا من السكان الشباب الذين تتراوح أعمارهم من 18 إلى 27 عاما سيكون لهم تأثير واضح فى الانتخابات المقبلة. وقال برائيل إن من بين مظاهر المعارضة الإلكترونية الضخمة تلك هى الحملة التى قام بها الدكتور محمد البرادعى، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والحاصل على جائزة نوبل عندما أسس الجمعية الوطنية للتغيير، والذى أعلن فى الأيام الأولى من إنشائها بأن التغيير لن يحدث إلا عن طريق الشباب، مشيرا إلى أن البرادعى بالرغم من ذلك لم يعلن عن نيته حتى الآن ترشيح نفسه لمنصب الرئيس، ولكن تمكنت جمعيته بالفعل من إغراق شوارع القاهرة والعديد من مدن مصر بشعارات التغيير وذلك عن طريق أنصاره من الشباب بالمجموعات على الفيس بوك، والتى طالبت بتغيير الدستور، وأضاف أن أكثر من 120 ألفا من أنصار مؤيدى جمال مبارك، نجل الرئيس، الذى يعتبر الأوفر حظا للفوز حال ترشيح نفسه للانتخابات ردوا على أنصار البرادعى بتكوين مجموعات على الفيس بوك ونشروا صورا مسيئة لابنة البرادعى "ليلى" بملابس البحر وهى شبه عارية. وأضاف برائيل أن الحملة الانتخابية الرئاسية بدأت فى وقت مبكر، فى الوقت الذى لم تبدأ الانتخابات البرلمانية بعد والتى مقرر لها ال28 من نوفمبر المقبل، زاعما أن الانتخابات البرلمانية ستكون اختبارا مبكرا للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث أن جماعات المعارضة تريد جلب أكبر عدد ممكن من المقاعد فى مجلس الشعب. وقال المحلل الإسرائيلى إنه بالرغم من كل هذا فإن الحكومة المصرية ترى أن المصدر الرئيسى للتهديد ليس الشباب ولكن جماعة الإخوان المسلمين التى تناضل حتى وقت قريب سواء فى المشاركة بالتصويت فى الانتخابات أو فى مقاطعتها جنبا إلى جنب مع حركات المعارضة الأخرى، وفى نهاية المطاف قررت جماعة الإخوان المسلمين خوض الانتخابات والتى جمعت 160 عضوا من المرشحين، لافتا إلى أنه بالرغم من أن القانون يحظر على الحركة عملها كحزب سياسى ولكن مرشحيها يشتركون فى الانتخابات كمستقلين كما هو الحال فى الانتخابات السابقة عندما تمكنوا من الحصول على عدد لا بأس به من المقاعد فى البرلمان، ولكن هذه المرة سوف تكون قادرة على تنظيم حركة قوية. وأشار الكاتب الإسرائيلى إلى أن حركة الإخوان المسلمين صدمت النظام السياسى العام فى عام 2005 عندما حصدت 88 مقعدا من أصل 454 مقعدا، مضيفا أن قادة الحركة يسعون خلال الأيام الجارية لحصد ما يقرب من نصف مقاعد البرلمان. وأضاف بأن النظام السياسى يواجه التهديد الرئيسى من قبل الجماعة المحظورة عن طريق التدابير التقليدية مثل إلقاء القبض على أكثر من 200 من ناشطى الإخوان المسلمين، أو بالوسائل الإلكترونية عن طريق حجب مواقعها عن الجمهور، بالإضافة إلى إغلاق حوالى 4 محطات فضائية دينية تتبع الجماعة بحجة مخالفتهم شروط البث. واختتم المحلل الإسرائيلى المخضرم تقريره بأنه قد تبدو الانتخابات المقبلة حربا "يائسة"من قبل الحكومة حيث تحاول حماية نفسها فى انتخابات البرلمان والرئاسة. وأضاف برائيل أن الرئيس مبارك قد يحذو حذو نظيره الإسرائيلى، شيمون بيريز، ويفتح حسابا خاصا به على موقع الفيس بوك لبث برنامجه الانتخابى الجديد فى الانتخابات المقبلة، وذلك لمواجهة معارضيه بنفس سلاحهم المستخدم وهو الإنترنت.
