تمر اليوم ذكرى رحيل الإمام الحسين، الذى مثل أيقونة فى التاريخ الإسلامى وقد اهتم به الشعراء، وكتب عنه عبد الرحمن الشرقاوى مسرحيتى الحسين ثائرًا والحسين شهيدًا، وتساءل الجميع: كيف السيوف استباحت بنى الأكرمين؟ نزار قبانى سأل المخالف حين أنهكه العجب هل للحسين مع الروافض من نسب لا ينقضى ذكر الحسين بثغرهم وعلى امتداد الدهر يُوقِدُ كاللَّهب وكأنَّ لا أكَلَ الزمانُ على دمٍ كدم الحسين بكربلاء ولا شرب أوَلَمْ يَحِنْ كفُّ البكاء فما عسى يُبدى ويُجدى والحسين قد احتسب فأجبته ما للحسين وما لكم يا رائدى ندوات آلية الطرب إن لم يكن بين الحسين وبيننا نسبٌ فيكفينا الرثاء له نسب والحر لا ينسى الجميل وردِّه ولَإنْ نسى فلقد أساء إلى الأدب يالائمى حب الحسين أجننا واجتاح أودية الضمائر واشرأبّْ فلقد تشرَّب فى النخاع ولم يزل سريانه حتى تسلَّط فى الرُكب من مثله أحيى الكرامة حينما ماتت على أيدى جبابرة العرب وأفاق دنياً طأطأت لولاتها فرقى لذاك ونال عالية الرتب وغدى الصمود بإثره متحفزاً والذل عن وهج الحياة قد احتجب أما البكاء فذاك مصدر عزنا وبه نواسيهم ليوم المنقلب نبكى على الرأس المرتل آية والرمح منبره وذاك هو العجب نبكى على الثغر المكسر سنه نبكى على الجسد السليب المُنتهب نبكى على خدر الفواطم حسرة وعلى الشبيبة قطعوا إرباً إرب دع عنك ذكر الخالدين وغبطهم كى لا تكون لنار بارئهم حطب مظفر النواب فضةٌ من صلاةٍ تعمّ الدخولْ والحمائمُ أسرابُ نورٍ تلوذ بريحانةٍ أترعتها ينابيعُ مكةَ أعذبَ ما تستطيعُ ولست أبالغُ أنك وحى تواصلَ بعد الرسولْ ومن المسك أجنحة وفضاءٌ كأنى أعلو... ويمسكنى أن ترابك هيهات يُعلى عليه وبعض الترابِ سماءٌ تنيرُ العقولْ... ليس ذا ذهباً ما أقبّلُ... بل حيثُ قبّل جدّك من وجنتيك وفاض حليب البتولْ... لم يزل همماً للقتالِ ترابُك.. أسمع هولَ السيوفِ ووهجَ ضماك ينيرُ الضريحَ ويوشكُ قفلُ ضريحك أن يتبلج عنك... أراك بكل المرايا على صهوةٍ من ضياءٍ وتخرج منها فأذهل أنك أكثر منا حياةً ألست الحسينَ بنَ فاطمة وعلى لماذا الذهول؟... تعلمت منك ثباتى وقوة حزنى وحيداً.. فكم كنت يوم الطفوف وحيداً ولم يكُ أشمخ منكَ وأنت تدوس عليك الخيولْ... من بعيدٍ رأيتَ ورأسك كان يُحزُّ حريقَ الخيامِ على النارِ أسبلت جفنيك حلماً بكى الله فيك بصمتٍ وتم الكتابُ فدمعك كان ختام النزول... مُذْ أبيتَ يبايعك الدهرُ... وارتابَ فى نفسه الموتُ مما يراك بكل شهيدٍ فأين تُرى جنةٌ لتوازن هذا مقامك هل كنت تسعى إليها... حثيث الخطى أم تُرى جنة الله كانت تريد إليك الوصول؟! واقفٌ وشجونى ببابك ما شاغلى جنة الخُلد أو استجيرُ من النارِ لكننى فاض قلبى بصوتك تستمطرُ الله قطرة ماءٍ تطيلُ وقوفك ضد يزيدٍ إلى الآن أمل دنقل كنت فى كربلاء قال لى الشيخ: إن الحسين مات من أجل جرعة ماء وتساءلت كيف السيوف استباحت بنى الأكرمين؟ فأجاب الذى بصرته السماء إنه الذاهب المتلألىء فى كل عين: إن تكن كلمات الحسين وسيوف الحسين سقطت دون أن تنقذ الحق من ذهب الامراء أفتقدر أن تنقذ الحق ثرثرة الشعراء.