قلل مسئولون أمريكيون من شأن تحقيق واسع أجرته صحيفة "واشنطن بوست" تعرضت فيه أجهزة الاستخبارات الأمريكية لانتقادات شديدة ووصفت بأنها باتت متشعبة وسرية ومعقدة، لدرجة أنه يستحيل معرفة فعاليتها بدقة. وينشر القسم الثانى من التحقيق الذى يأتى فى ثلاثة أجزاء الثلاثاء، فى اليوم الذى يتوجه فيه الجنرال المتقاعد جيمس كلابر الذى عينه الرئيس باراك أوباما مديرا للاستخبارات الوطنية إلى مبنى الكابيتول لتثبيته فى هذا المنصب. والتحقيق الذى يحمل اسم "أمريكا فى غاية السرية" هو ثمرة عمل استمر عامين شارك فيه حوالى عشرين صحفيا من الصحيفة الأمريكية العريقة التى هى وراء السبق الصحفى لفضيحة ووترجايت التى أدت إلى استقالة الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون فى العام 1974. وقال وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس إن: "تسارع الأحداث منذ اعتداءات 11سبتمبر بات يطرح تحديا ليس فقط لمدير الاستخبارات الوطنية، بل لأى فرد ولمدير وكالة الاستخبارات المركزية ولوزير الدفاع". ويؤكد التحقيق أنه بعد تسع سنوات على الاعتداءات التى أوقعت ثلاثة آلاف قتيل "أن العالم السرى الذى أنشأته الحكومة أصبح واسعا، ويصعب التعامل معه ولا أحد يعرف تكاليفه أو عدد الأشخاص الذين يوظفهم أو البرامج الموجودة أو عدد المكاتب المختلفة التى تؤدى المهمة نفسها"، ونتيجة لذلك "بعد تسع سنوات من النفقات غير المسبوقة بات النظام الذى أنشئ لحماية الولاياتالمتحدة معقدا لدرجة لم نعد نعرف مدى فعاليته". وقال ديفيد جومبرت، مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية إن: "هذا المقال لا يظهر أجهزة الاستخبارات كما نعرفها"، مؤكدا أن الإصلاحات التى أجريت فى السنوات الأخيرة سمحت ب"تحسين نوعية وكمية" المهام، مضيفا "فى حين تنشط وكالة الاستخبارات فى بيئة تحد من كمية المعلومات التى يمكن تقاسمها نجح عملاء أمريكيون فى إحباط هجمات ويحققون يوميا نجاحات لا يتم التحدث عنها". وكتبت الصحيفة أن 1271 وكالة حكومية و1934 شركة خاصة موزعة على 10 آلاف موقع عبر الولاياتالمتحدة، تعمل على برامج مرتبطة بمكافحة الإرهاب أو الاستخبارات، وتوظف هذه الهيكلية 854 ألف شخص بإمكانهم الاطلاع على معلومات سرية و33 مبنى شيدوا أو قيد التشييد فقط فى العاصمة الفدرالية واشنطن. وقالت الصحيفة: "إن هذه البيروقراطية تؤدى إلى إجراءات إدارية كبيرة، ولاحظت الصحيفة على سبيل المثال أن 15 مدينة مختلفة مكلفة مراقبة نقل أموال الشبكات الإرهابية"، وقال مسئول فى إدارة أوباما طلب عدم كشف اسمه لقناة "إى بى سى": "إن وجود برامج مكافحة الإرهاب مقلق بحد ذاته"، واصفا إياها بأنها "خارطة طريق لخصومنا". وأقر البنتاجون بوجود "مشاكل تنظيمية"، موضحا "أنه لا بد من التذكير بأنه فى الوقت نفسه لم يقع اعتداء كبير فى الولاياتالمتحدة منذ 11 سبتمبر"، إلا أن الصحيفة قالت: "إن آلة الاستخبارات الأمريكية العملاقة تنتج كما من التقارير حوالى 50 ألفا سنويا، لكن "يتم ببساطة تجاهل عدد منها". وذكرت الصحيفة أنه بسبب هذه الأخطاء لم تتمكن الاستخبارات الأمريكية من إفشال محاولة تفجير طائرة كانت تقوم برحلة بين أمستردام وديترويت يوم عيد الميلاد أو حادثة إطلاق النار فى فورت هود فى تكساس التى أوقعت 13 قتيلا فى نوفمبر.