اشكر لفيلم بنتين من مصر جرأة طرح الفكرة والحديث عن المناطق المسكوت عنها فى نفسية الفتاة المصرية والعربية بل والشرقية بصفة عامة، ولى عتاب على القالب الذى صب فيه المؤلف والمخرج العمل برمته، فهو ينتمى للدراما العرضية، وهى تعنى ببساطة غياب الخط الدرامى التقليدى من بداية وحبكة ونهاية، ولهذا وجدنا الفيلم منذ المشهد الأول يستعرض مشاهد حياتية من واقع فتاتين تربطهما صلة قرابة ومن واقع طبقى واحد، إلا أنهما من مستوى علمى مغاير. لنتحدث فنياً، هذا النوع من الأفلام ذات البناء الأفقى يحتاج المخرج فيه لدرجة عالية من التركيز على موضوعه حتى لا يخرج الفيلم مفككا، وهو ما لم يتحقق بدرجة كبيرة فى هذا العمل، حتى أننا إذا أردنا التعرف على موضوع الفيلم نتساءل: هل هو عن احتياج الفتيات للجنس؟ أم الرغبة فى تحقيق الأمومة؟ أم دخول الحياة متسلحات بالرجل؟ وإذا كان كذلك، فكيف يزج بغرق العبارة السلام 98 ! وإهمال استثمار لحظة الرغبة التى اجتاحت زينة بالاحتكاك بابن خالتها الشاب، حتى أنها استطاعت كسر الحلم بسحب قميص النوم الأبيض وارتدائه، وكأنها قد زفت إلى تلك اللحظة فى مشهد بليغ ومؤثر وإن لم يستثمر. لماذا لم يتعامل الفيلم مع مشهد وعبارة الخطيب الذى يقول لزينة وهما فى نزهة نيلية إنه لن يستطيع استكمال الزواج لأنه غير واثق من عذريتها ولديه شك، فيطلب منها عمل كشف الشرف الذى ترفضه ابنة العم الطبيبة الممثلة صبا مبارك وتقبل زينة به، فى حين هو يعكس خوف وعجز الشاب الذى يكتفى بهذه المساحة من العلاقة مع الخطيبات، فقد أراد تقبيلها وفقط وبالرغم من التأكد من عذريتها يتركها ويهرب بحجة الشك بينما هو عجزه عن التعامل مع المرأة. الفيلم يرصد بجرأة لا تملكها هذه الطبقة التى عكسها الفيلم، فكلهن أكدن أن الفقد الجنسى أبسط أنواع الفقد، وبذلك يعترف الفيلم بقدرتهن على تحقيق إشباع بديل يحافظ على مكانتهن الأخلاقية من جهة ويضمن العذرية المطلوبة للعلاقة الزوجية من جهة أخرى !! والمفاجأة الأخرى أن أمينة المكتبة الفنانة زينة التى لم تستطع إيجاد رجل بالرغم من تنازلها عن كل الشروط، تسعى لعمل عملية تجميل بالصدر، بل وتضع نوع من الجيل المكبر بحمالتها الصدرية، فهل هؤلاء الفتيات مصريات أم ينتمين لطبقات غير تلك التى يتعرض لها الفيلم. للحق بالرغم من جرأة طرح جزء من عالم مسكوت عنه، إلا أن المخرج أشعرنا بقدرته المعرفية، أكثر من تقديمه عملا فنيا متكاملا ومفعما بالأحاسيس، والتى لا يتحقق الفيلم إلا بها، فهو يعرف ما يعرض له ولكن لا يشعر به، فما حاجة العمل لهذا المهزوم والمنسحب المدون "أحمد توفيق" الرافض لكل ما يجرى فى البلد، وبعد ذلك يتم القبض عليه لأنه كتب منتقدا سياسة الدولة. هل اراد به عكس صورة من مستقبل كل الإنسانيين فى هذا الوطن رجال ونساء؟ أم هل من المقبول أن طبيبة بهذا المستوى من التعليم والجمال وتملك قرارها كما عكس الفيلم تستطيع أن تمارس عملا نقابيا حرا وتستطيع أن ترفض كشف الشرف كما سمته، وتقبل بأقل المواصفات فى عريس مكتب الزواج ... لا تجد لها مخرجا؟؟ شخصيات العمل موجودة بيننا فى الحياة منهن من لم يتزوجن ويعانين العطش للزواج ورائحة الرجل، ومنهن متزوجات يعانين العطش للإشباع الجنسى المفتقد داخل المؤسسة الزوجية، ولهذا دعونا نتذكر فيلم يا دنيا يا غرامى ونستشعر دفئ الإحساس فى فيلم محكوم بالمشاعر ولا يوجد خارج مساحتها وفيلم مجرد وكأنه حوار للمعلومات ورصد الظاهرة. مشاهد شراء قمصان اللانجيرى وكتابة التاريخ كانت من أجمل لحظات الفيلم، أيضا جلسات العلاج الجماعى كانت سريعة ورائعة ومبررة لكشف باقى الأسباب للحالة الأصلية وهى حالة الاحتياج، أما الفتاة التى نجحت فى الزواج فبقدر ما كان الأداء الصوتى والحوار من أعلى مناطق الفيلم، إلا أنها لم تكن موفقة فى تعبيرات الوجه. وهنا أعود لفكرة البناء العرضى أو الأفقى، هل خاف المخرج من مباشرة أو سطحية التناول فلجأ إلى إضافة بعد عام سياسى بالشخصية المقحمة أحمد توفيق متحدث الإنترنت، وامتد إلى غرق العبارة ؟ وانتهاء بنشرة الأخبار التى يهنىء فيها الرئيس الشعب، والتى تساءلت: لماذا هذا الشوت فقيل لى ربما أراد المخرج أن يقول إن الرئيس لا يعرف شعبه إلا فى المناسبات، بمعنى أنه غائب عن حقائق الأمور، فإذا كان هذا ما أراده المخرج والسيناريست فقد وصل للبعض ولكنه بقى خارجا عن روح العمل الذى أضعف فكرته باللجوء إلى الشأن العام.