ودعت مصر جورج بوش غير آسفة عليه خلال المنتدى الاقتصادى العالمى حول الشرق الأوسط فى شرم الشيخ، حيث أطلق الرئيس الأمريكى الذى تنتهى ولايته بعد بضعة أشهر نداء ملحا إلى إحلال الديمقراطية فى العالم العربى ووجه انتقادات قاسية للأنظمة العربية. تخلى الرئيس المصرى حسنى مبارك، الذى استضاف المنتدى، عن لياقته المعتادة مع زواره الأجانب وغادر قاعة المؤتمر على الفور الأحد بعد أن ألقى كلمته الافتتاحية من دون أن ينتظر للاستماع إلى خطاب جورج بوش. ولم يعلن أى تفسير رسمى لهذا التصرف غير المتوقع من الرئيس مبارك ولكن الصحافة الحكومية المصرية ألمحت إلى أن مبارك تعمد مقاطعة خطاب بوش لأنه أراد أن يرسل رسالة واضحة مفادها رفضه لمحتوى كلمة الرئيس الأمريكى التى كان البيت الأبيض قد وزعها سلفا. ويتعامل الرئيس المصرى عادة بحساسية شديدة مع أى دعوات لإضفاء طابع ديمقراطى على نظامه معتبرها تدخلا فى الشئون الداخلية. وأثارت انتقادات بوش حنقه لاسيما أنها تأتى فى الوقت الذى يتمحور فيه الجدل السياسى فى مصر عدة سنوات حول مسألة خلافته. ويعتبر ابنه جمال خليفته المحتمل، وهو يلعب دورا سياسيا أساسيا فى إدارة شئون البلاد بصفته قياديا رفيعا فى الحزب الوطنى الحاكم. وعلق جمال مبارك على خطاب بوش فى جلسة للمنتدى الاثنين معتبرا أنه جاء "مخيبا للآمال فى ما يتعلق بالقضية الفلسطينية". وتبادل مبارك وبوش من خلال خطابيهما فى الجلسة الافتتاحية لمؤتمر شرم الشيخ الحجج والحجج المضادة حول الديمقراطية فى الدول العربية. وانتقد بوش - الذى جاءت جولته فى الشرق الأوسط فى أوج حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية - بحدة رفض الأنظمة العربية، وعلى رأسها نظام مبارك، إعطاء شعوبها حق اختيار قادتها. وبعد أن أكد بوش أن مصر حققت تقدما على طريق الإصلاحات الاقتصادية، شدد على أن "الإصلاح الاقتصادى ينبغى رغم ذلك أن يواكبه إصلاح سياسى"، مضيفاً "إننى مازلت آمل أن تتمكن مصر من قيادة التحول إلى الديمقراطية فى المنطقة". من جهته أكد مبارك قبل دقائق قليلة أمام المجتمعين فى شرم الشيخ رفضه "محاولات فرض الديمقراطية من الخارج" وإصراره على "مواصلة إصلاح ديمقراطى يأخذ فى الاعتبار خصوصيات مجتمعنا". ولكن الرئيس الأمريكى فند بصراحة هذا المنطق وقال "البعض فى العالم العربى يقولون إن الديمقراطية قيمة غربية تريد أمريكا فرضها على مواطنين غير راغبين فيها، ولكن الحقيقة هى أن الحرية حق عالمى". وأعطى بوش مثلا بالعملية الديمقراطية التى تمت فى كل من العراق وأفغانستان بعد الحرب الأمريكية فى كل من البلدين ليدلل على أن الشعوب "عندما يكون لديها الخيار بين الديمقراطية وبديل آخر، فإنها تختار الحرية"، وهو ما رد عليه الرئيس مبارك ملمحا إلى أن الأوضاع فى هاتين الدولتين تثبتان على العكس ضرورة "الحذر من التجارب التى أدى فيها فرض الديمقراطية من الخارج إلى دمار واقتتال وإسالة الدماء".