لم أعد متذكرا ملامح وجهك ولكننى مازلت أحفظ كل تفاصيل قلبك. كما أننى مازلت أرسم دقائق كيانك غير المكتشف بعد فهل يروق لك اعتذارى عن خطأ لم ارتكبه بل وضعه فى طريقى زمنى ولم أقصده، أم أعلن انسحابا من عالم لم يعد يملك لنا غير الشقاء ليقدمه لنا؟ هل تريدين منى إعلان انتهاء صلاحيتى واندثار أجلى ثم هل مازلت تتذكرين ولدى؟ أنا لا يعنينى ملهمتى أن تحبينى بعدما أصبح الحب فى وطنى مرادفا للمترو والكوبرى، وصار الانتحار دليلا على الحب واأسفاه. أدرى أنك تتألمين وتدمع عيناى لأجلك ماذا عساه قلبى أن يفعل؟ أريد أن أفك رموز هذا الألم ولكن كيف؟ كنا زميلين صرنا صديقين وكان قرارك المريب أشد غموضا وأكثر ألمًا، وتعلمين ما قرارك والسماء كما قال كافكا لا تمطر سمكا بل مطر. لم تعد الوسادة خالية ورغم حريرية تلك الوسادة ورغم نعومتها فإنها بالنسبة لك أكثر خشونة من الصوف. كل معانى القسوة صرنا نحياها ومازلت أحترق لألمك لم أعد أرى فى العيون التى تحادثنى سوى عينيك لم يعد يثير انتباهى سوى صوتك ضاق عالمى إلا منك فماذا أفعل وعلامات عجزى تملأ المكان لست إلا متأملا للوحاتك فهل من التأمل تحرمين قلبا لم يشترط ولم يعترض وليس له إلا الانبهار. كان هروب حبيبتى نوعا جديدا يطلقون عليه فى زماننا الخوف من المجهول ولا أدرى حقيقة أى مجهول لم يكن الحب يوما كائنا مجهولا بل كان طائرا يحفر فى القلوب الحروف والمعانى النبيلة لم يكن لقيطا، بل كان ساميا تنسب له كل الفضائل وترجع إليه أصول الانسان ولولا الحب ما كان هناك كون ولا وجود وما انتشار الشياطين وحوادث الانتحار الا لغياب ذلك الطائر العجيب الذى نصطلح على تسميته حبا.