تسقط رأس الراكب مرارا على كتف الجالس بجواره على متن القطار.. وفى الحقيقة أنه ليس الوحيد بل إنه واحد من بين عدة رجال أعمال ناموا فى القطار، ومن بينهم اثنان كانا واقفين. مثل هذه المشاهد المسائية شائعة فى قطار الأنفاق فى طوكيوباليابان. ويرى كازو ميشيما وهو متخصص فى أمراض النوم فى المركز الوطنى للأعصاب والطب النفسى أن "البلاد بأسرها تعانى من حرمان مزمن من النوم ". ولطالما اعتبر الحصول على قسط قليل من النوم إشارة على أحد أخلاقيات العمل المحببة المعروفة باسم "فومين فوكيو" أى "بدون نوم أو راحة" فى الدولة صاحبة ثالث أكبر اقتصاد فى العالم. وبحسب استطلاع رأى أجرته مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية، تبين أن اليابانيين هم الأشخاص الذين يحصلون على أقل قسط من النوم فى أيام العمل بواقع ست ساعات و22 دقيقة فى المتوسط بين كل الدول التى شملها الاستطلاع وبينها الولاياتالمتحدة وألمانيا وبريطانيا وكندا والمكسيك. ومن أجل تجديد نشاطهم وتحسين جودة عملهم يلجأ اليابانيون إلى وسيلة ليست مقبولة إلى حد كبير فى الغرب وهى النوم أثناء العمل. ولتعزيز الصحة وتقليل التوتر وزيادة الانتباه تنصح وزارة الصحة اليابانية بأخذ قيلولة مبكرة بعد الظهر لمدة 30 دقيقة. ولاقت هذه الدعوة استجابة من الشركات، ففى عام 2012 بدأت شركة (أوكوتا كوربوريشن) لتجديد المنازل وتقع بالقرب من طوكيو، السماح لموظفيها البالغين نحو 300 موظف بأخذ قيلولة لمدة 15 دقيقة لمرة واحدة فى اليوم. وتسمح شركات أخرى أيضا بأن يحصل موظفيها على قيلولة على مكاتبهم أو فى الكافيتريا خلال استراحة الغداء. غير أنه من المهم اتباع قواعد السلوك الملائمة وهو ما يعنى عدم الشخير أو وضع القدم على المكتب. غير أن ماكوتو اوشياما وهو أستاذ للطب النفسى فى كلية الطب بجامعة نيهون فى طوكيو يحذر من أن "قيلولة الظهيرة لا تعوض الحرمان المزمن من النوم ". وأشار ميشيما وهو خبير فى أمراض النوم إلى أن " الحرمان من النوم لا يقلل التركيز والأداء فى العمل فحسب ولكن أيضا يساهم فى حوادث مرورية وصناعية ". وقال أن اليابان تعانى من حرمان مزمن من النوم رغم انتشار النوم أثناء العمل، مضيفا " نحن بحاجة إلى أن تصبح هذه مشكلة مجتمعية ". وأظهرت الدراسات أن واحد بين كل خمسة يابانيين يعانون الآن من اضطراب النوم. وقرعت الحكومة اليابانية وخبراء الصحة ناقوس الخطر. وحثت الأمة على " النوم المبكر والاستيقاظ المبكر وتناول الفطور".
