انتقادات حادة وجهها خبراء التنمية الإدارية والبشرية ومكافحة الفساد للأنظمة والحكومات العربية والتى وصفوها بأنها عاجزة عن مكافحة الفساد، وأن الاستبداد فى تبديل المال العام أصبح سمة أساسية فى المجتمعات العربية، خاصة فى ظل سيطرة رجال الأعمال وأصحاب السلطة والنخبة السياسية على مقدرات الدولة وأملاكها، مؤكدين أن الرشوة نسبية فى المجتمعات العربية، فالموظف الصغير يأخذ عشرين جنيها بينما المسئول الكبير تصل رشوته إلى الملايين. جاء ذلك خلال مناقشة تقرير لجنة الشفافية الدولى صباح اليوم الأحد، بعنوان تحدى الحكم الرشيد فى "مصر ولبنان والمغرب وفلسطين" الذى كشف أن نظم النزاهة بأنها ضعيفة جداً. قال الدكتور أحمد صقر عاشور خبير الإصلاح الإدارى لمكافحة الفساد إن المنطقة العربية برمتها تعانى من إخفاق مزمن فى مناهضة الفساد وفشل فى تحقيق التنمية المستدامة، بالإضافة إلى اختطاف الدولة من قبل النخب السياسية التى تحاول اللعب بمقدرات الدول التى يعانى فقراؤها من تفشى الفساد. وأوضح الدكتور عاشور أن عدم وجود نظام وهيكل عادل للأجور يؤدى إلى زيادة انتشار الفساد بين الموظفين. وقال الدكتور يحيى حكيم المدير التنفيذى للمنظمة بلبنان نحن رعايا وليس مواطنين بالعالم العربى لأننا لو كنا مواطنين لما كان أحد تجرأ على أملاكنا، قائلا مفيش مواطن عربى يسأل عن ميزانيات الصحة والمياه والتربية، وأضاف أحنا بننظر للأمور كما وكأننا معوقين. "هناك قناعة تامة فى الدول النامية لدى رجال الأعمال أنه لا يمكن أن يتم عمل المشروعات الاستثمارية بدون فساد"، كانت هذه كلمات نانسى باكير المفوض العام للمجتمع المدنى للمجتمعات العربية بجامعة الدول العربية. وأشار التقرير الذى تم مناقشته إلى أن التدخل السياسى فى عمل الجهات الرقابية العامة والخاصة من أهم أسباب انتشار الفساد، حيث لا تزال الجهات الرقابية العامة والخاصة تفتقر للحرية المطلقة من التدخل السياسى. ويشير التقرير إلى أن الأحكام القانونية المتعلقة بمكافحة الفساد فى البلدان الأربعة تعانى من ثغرات هائلة، الأمر الذى يشكل خطرا على التنمية المستدامة، والتماسك الاجتماعى والنمو الاقتصادى، كما جاء بالتقرير أنه لا يوجد هيئات لمكافحة الفساد فى مصر. هذا الهجوم الحاد على دور الجهات الرقابية دفع اللواء محمد الشافعى نائب رئيس هيئة الرقابة الإدارية إلى التأكيد على رفض ما جاء فى التقرير والاعتراض عليه، مؤكدا على أن الهيئة منوط بها مكافحة الفساد وضبط الجرائم الجنائية. وعلى الصعيد الإيجابى، يشير التقرير إلى زيادة فى اعتماد خطط وطنية لمكافحة الفساد وفى الأطر القانونية ذات الصلة بما فى ذلك القوانين التى سنت فى فلسطين لتعزيز استقلالية القضاء وسن مشروع تشريع يكفل الوصول إلى المعلومات فى لبنان وخطة الجهاز المركزى لمنع الفساد فى المغرب ولجنة النزاهة والشفافية فى مصر.