توقعت وزارة المالية أن تتدفق على مصر منح فى العام المالى الجديد الذى يبدأ فى يوليو المقبل تبلغ 2.2 مليار جنيه، كما جاء فى بيانات الموازنة المعروضة على رئيس الجمهورية والتى أعلنت الوزارة عن بعض تفاصيلها. ويعد حجم المنح المتوقع هو الأقل منذ آخر موازنة أعدت قبل الإطاحة بمبارك، وهو ما يعكس رؤية الحكومة للدخول فى مرحلة اقتصادية جديدة تسعى فيها لتقليل اعتمادها على المساعدات خاصة من دول الخليج. وبحسب بيانات وزارة المالية فقد تدفقت على مصر منح تبلغ 95.9 مليار جنيه خلال العام المالى 2013-2014، وهو العام الذى شهد ذروة تدفق المساعدات لمصر خاصة من السعودية والإمارات، والتى شملت مساعدات مالية وبترولية. وتتوقع المالية أن يبلغ حجم المنح فى العام المالى الذى سينتهى بنهاية الشهر الجارى 25.7 مليارجنيه، وقالت فى بيانها عن الموازنة الجديدة إن الانخفاض الحاد فى المنح المتوقعة للعام المالى المقبل "يعكس زيادة الاعتماد على الموارد المحلية فى تمويل الموازنة العامة للدولة". "بند المنح يعبر عن رؤية حذرة للحكومة تجاه توقع تدفق المساعدات العام المقبل فهى لا تتوقع تقريبا أى مساعدات استثنائية" كما يقول هانى فرحات، الاقتصادى ببنك الاستثمار سى اى كابيتال. ويندرج تحت بند المنح كل الأموال والسلع البترولية التى تتدفق على مصر بدون أى مقابل، ويعكس تراجع بند المنح فى الفترة الأخيرة اتجاه دول الخليج لتقديم مساعدات أكثر كلفة مثل اتفاق مصر مع الإمارات، الذى أعلن عنه العام الماضي، لتوفير سلع بترولية للبلاد يسدد ثمنها بطريقة ميسرة. كما جاءت مساعدات الخليج التى أُعلن عنها فى مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى فى صورة ودائع بالبنك المركزى المصرى تدفع عنها البلاد فائدة 2.5%، وعلق بنك أوف أمريكا على هذا الاتفاق بقوله إن شروط هذه الودائع كانت "أقل كرما" مما كان متوقعا. "اتجاه صانع القرار المصرى يمكن تفهمه فى إطار نجاحه فى العودة للأسواق الدولية من خلال طرح السندات الدولارية (يوربوندز) هذا العام، وهو الأول من نوعه منذ الثورة" كما يقول سامر عطا الله، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، معلقا على الطرح الذى بلغت قيمته 1.5 مليار دولار. ويرى فرحات أن تراجع المنح الخليجية "لا يدعو للقلق" نظرا لتوقع الحكومة "تحقيق انخفاض فى عجز الموازنة حتى فى ظل توقعات بانحسار كبير للمساعدات العام المقبل". وتتوقع الحكومة تراجع عجز الموازنة فى 2015-2016 إلى 9.9% من الناتج الإجمالى مقارنة ب 10.8% فى العام المالى الجارى. "الاتجاه لانخفاض المنح كان واضحا من العام المالى الجارى وهو يتماشى مع تطبيق إصلاحات مالية ساعدت الحكومة على تقليل اعتمادها على المنح كممول للعجز" كما يقول محمد أبو باشا محلل الاقتصاد الكلى بالمجموعة المالية هيرميس. وبدأت الحكومة من يوليو الماضى فى تطبيق حزمة سياسات لكبح نفقاتها وزيادة الإيرادات العامة تشمل تعديلات فى النظام الضريبى وزيادة أسعار الوقود والكهرباء. وقالت المالية فى بيانها عن موازنة 2015-2016 إنها تتطلع إلى استكمال تعديلاتها فى النظام الضريبى من خلال تحويل نظام ضريبة المبيعات إلى نظام القيمة المضافة، إلى جانب "استمرار ترشيد دعم الطاقة"، وقالت وزارة البترول فى بيان أمس السبت، إن دعم المنتجات البترولية سينخفض فى الموازنة الجديدة من 70 مليار جنيه إلى 61 مليار. ويقول فرحات إن نجاح الحكومة فى تخفيض العجز بدون الاعتماد على المنح مرهون بقدرتها على تطبيق الإصلاحات المستهدفة فى قطاعات الطاقة والسياسات الضريبية. "الحكومة تستطيع تخفيض تكلفة دعم الطاقة إلى 61 مليار جنيه بدون زيادة أسعار الوقود هذا العام" كما يقول أبو باشا مضيفا أنها "ستسفيد من انخفاض أسعار النفط عالميا واعتماد صناعة الأسمنت جزئيا على الفحم كوقود بديل للغاز".
