جارتنا العزيزة الصديقة المسالمة إسرائيل.. نحن معك!! حكومة و شعباً، فاطمئنى اهدئى بالاً ونامى ملء جفنيك فى سلام. أؤكد لك أنك لست فى حاجة إلى أن تشنى علينا حرباً عسكرية ولا بيولوجية ولا نفسية، ولست بحاجة إلى إفساد شبابنا كما يّدعون بقنوات وأفلام و مواقع إباحية، ولست بحاجة إلى أن تستعينى بقوة عظمى أو نصف عظمى لتقفى فى وجه العرب. لست بحاجة إلى إضعافنا ولا إلى إثراء تخلفنا وإعاقة تقدمنا وزعزعة وحدتنا، فنحن نفعل هذا بأيدينا ونتقن فعله جيداً!!! فنحن نمزق بعضنا بعضاً داخل كل بلد عربى و خارجه.. ففى كل مكان تشتد نيران الكراهية ويحتدم النزاع والصراع ما بين العرب هنا و العرب هناك، الأقباط والمسلمين، السنة والشيعة، السلفيين والإخوان المسلمين والعلمانيين، الجيران والأقارب، الآباء والأبناء، شرقا وغربا جنوبا وشمالا، كلما نظرت حولك وجدت فرقا" متصارعة، ولا يشغل بال كل فريق سوى إعداد العدة لحرب الفريق الآخر بالبحث المضنى عن جوانب الاختلاف وهنات الانحراف وشطحات التطرف، وإدعاء كشف بواطن القلوب التى لا يعلمها إلا الله، فينقد تارة ويكفر تارة ويحمل السلاح إن لزم الأمر، ولا يتمنى كل فريق إلا شيئاً واحداً وهو الخلاص من هذا الآخر، و كأنه بالخلاص منه ستصفو له الدنيا وينقلب ميزانها فتصبح القوة من نصيبه مهما كان ضعفه وعجزه و تخلفه!!!!!!!! و هذا الشقاق والنزاع يقف وراءه بالطبع فى معظم الأحيان مطامع استعمارية وأياد خفية وأغرض ومصالح دنيوية لأشخاص أو دول، ولكنى هنا أتحدث عن مشاعر الشعوب الساذجة التى تنساق وراء هذه الأغراض دون أن يكون لها أدنى مصلحة ودون أن يعود عليها عائد. فهل رأينا يوماً أمة تقدمت وهى بهذا التفرق والتشتت والخلاف. التاريخ كله يثبت أنه لا غلبة ولا تقدم بلا قوة ولا قوة بلا وحدة. قد فهمها القدماء بدءاً بمينا، موحد القطرين، منذ سنة 3200 ق. م قد فهمها الغرب المتقدم وصار يوحد شركاته ودوله لتكون كيانات اقتصادية كبيرة، و قد فهمها البسطاء حين قالوا فى أمثالهم الشعبية أنا وأخويا على ابن عمى وأنا و ابن عمى على الغريب، قد فهمها الحيوان وتعاون مع بنى جنسه للحصول على لقمة عيش أو للتحذير من خطر أو لمواجهة عدو وأمثلة التعاون والتكافل بين الحيوانات لا تعد ولا تحصى، وقبل وفوق كل هذا أمرنا بها الله تعالى و أمرنا قائلاً "و اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" وأرشدنا إليها رسولنا الكريم وقال "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً"، و لكننا بدلاً من أن نعتصم بحبل الله ويشد بعضنا بعضاً كالبنيان المرصوص أصبحنا نقطع خيوط الحبل المجدولة يوماً بعد يوماً ونقذف بعضنا بعضاً بحجارة البنيان!!!!!! فهم الجميع أن الفرقة ضعف ووهن وعلة، ونحن نصر على أن نتفنن كل يوم فى البحث عما يفتنا، وإذا لم نجد سببا قويا للفرقة بحثنا عن مسابقة غناء أو تمثيل أو مبارة كرة قدم لنتبادل السباب واللعنات والحنق من خلال الإنترنت ورسائل الموبايل والفضائيات!!!!! ولا نفكر بذكائنا المفرط فيمن يسخر منا ويشمت بنا وتسعده فرقتنا، فهل هذا جهل أم ضيق أفق أم عند أم مكابرة؟ فما زلنا كمصريون نبحث عن الوحدة الوطنية بين الأقباط والمسلمين ولا نجدها إلا على شاشات التليفزيون وفى المؤتمرات والاحتفالات وفى شعارات ثورة ۱۹، وإذا نظرنا لما تضمره القلوب سنكتشف قلوباً كثيرة أعماها التعصب والكره وفتاوى المضللين، أما عن وحدتنا كمسلمين فعجزنا بيّن لا يحتاج إلى برهان، فمنذ وفاة الخلفاء الراشدين وحتى يومنا هذا ونحن نبحث عن الوحدة ولا نجدها بعد أن تفرقنا إلى تيارات شتى ما بين خوارج و مرجئة ومعتزلة وشيعة وسنة وسلفية ووهابية .......الخ، والكل يزايد على الإيمان بالله وعلى المعرفة الأكيدة بالطريق المستقيم وعلى أحقية دخول الجنة رغم أن الله سبحانة وتعالى أعلم بالمتقين! ولا يحتاج توجيهاً من العباد، ولم يطلب منا محاسبة الخلق بدلا منه ولم يمنح مفاتيح جنته لأحد ليدخل يخرج منها من يشاء، فلم لا نريح أنفسنا ؟. أما كعرب.. فحدث ولا حرج.. عفواً بل حدث بمنتهى الحرج!!! فالكل يتسابق فى ميدان المن بالعطاء، فنحن المصريون لا نمل من ترديد النغمة المستهلكة أننا ساهمنا بالنصيب الأكبر فى تعليم ونهضة وتقدم العرب، وهم بالطبع يردون أنهم أصحاب الفضل علينا فى تشغيل العمالة المصرية البائسة التى فرت من بلدها بحثاً عن لقمة عيش وعادت محملة بخيرات وأموال دول البترول الغنية، ولا يمكن أن يتوقف هذا السجال فى المعايرة إلا لو قرر إحدى الجانبين التوقف فمن يا ترى سيبدأ؟؟ ومتى سيبدأ؟؟ ألا نستطيع التوحد يوماً لتحقيق أنشودة الحلم العربى والوطن الأكبر.. آه لقد تذكرت أننا لانتوحد إلا عندما نئن جميعاً تحت وطأة الاستعمار ويطبق علينا قبضته، فهل يجب علينا ندعوا الله فى صلواتنا كى يرزقنا باستعمار موحِّد؟؟؟؟؟؟ إذن فلنصل معاً!!!!!! فهلا سألنا أنفسنا سؤالين بسيطين أو إن شئت قل ساذجين.. ماذا نبغى فى دنيانا؟ وماذا نبغى فى آخرتنا ؟ ألسنا نبغى فى الدنيا القوة والعزة و الغنى وعلو الشأن والغلبة على الأعداء أو بعبارة مختصرة المصلحة، و ماذا نبغى فى الآخرة؟ ألسنا نبغى جميعاً مرضاة الله و دخول جنة الخلد.. حسنا فهل نصبح أقوى وأعز سياسياً وعسكريا واقتصادياً واجتماعيا ودينياً عندما نصبح فرادى منقسمين لمئات الفرق المتشاحنة أم عندما تتشابك أيدينا وتتحد قوانا ونخرج ألسنتنا لكل الأعداء والشامتين ومرضى القلوب ونقول كلنا مصريون وكلنا عرب وكلنا مسلمون مهما اختلفت آراؤنا واتجاهاتنا ومعتقداتنا "؟؟؟ أيرضى الله تعالى أن يمقت ويعادى ويمزق ويقتل عباده الموحدون بعضهم بعضاً حتى وإن كان فريق من هؤلاء العباد يظن نفسه على الحق المطلق وباقى الفرق على الباطل البين؟ علماً بأن هذا لا يمكن أن يتحقق لأننا بشر نخطىء ونصيب ولسنا أنبياء نتلقى وحياً من السماء، ألا يرضى الله أكثر أن يتعاون هؤلاء العباد فى نشر الحق وإعلاء شأنه ومحاربة الظلم والقهر ومواجهة أعداء الله الذين يعيثون فى الأرض فساداً، و ترك الحكم والحساب فى الأمور المختلف عليها لله يوم القيامة كما قال لنا سبحانه و تعالى. أليس الأفضل لنا جميعاً مصريين وعرباً ومسلمين أن نبحث عن جوانب الالتقاء و التقارب والتوحد بدلاً من التركيز على متاهات الاختلاف التى كلما دخلنا سرداباً واحداً منها خلصنا لآخر زادنا حيرة و غربة و ضعفاً، ألا يكفينا وحدة الإيمان بالخالق وكتبه ورسله واليوم الآخر، ألا يكفينا وحدة اللغة والتاريخ، ألا يكفينا وحدة الأرض والعرض اللذان إن اغتصبا لحق العار بنا جميعا!!! ألا يكفينا وحدة المهانة التى نتعرض لها كل يوم من العدو الصهيونى ونتجرع مرارتها فى صمت و ذل؟؟؟؟؟؟!!!!! ولكننا للأسف لا نفعل هذا ولا نبحث إلا عما يثقل ميزان ضعفنا وما الفرقة والصراع إلا ثقلاً واحد من أثقال الميزان وهى كثيرة و لا شك ولا يتسع المجال لذكرها الآن. فهل مازال عندك شك يا جارتنا العزيزة أننا معك، وهل كان يدور فى خيالك أن نكون أكثر تعاوناً وأكثر غفلة وأكثر غباءاً مما نحن فيه!!!! لا أظن.