الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد فقد جاء مقالى السابق بعنوان (مصر ضرورة ) وهو عبارة عن مقال لكاتب سعودى أحسبه من المنصفين - فى زمان عز فيه الإنصاف حتى صار أندر من الكبريت الأحمر - وها أنا اليوم أستعين بالله لأكتب فى هذا الموضوع بالغ الخطورة وأيضاً بالغ الحساسية • الواقع أن دوافعى للكتابة فى هذا الموضوع موجودة منذ مدة ولكن هذا المقال وضعها على قائمة الأولويات ذلك أننى منذ مدة قابلت رجل أعمال تونسى من كبار التجار وهو من جماعة الإخوان المسلمين ، وقد التقيته فى لقاء عابر فى مطار اسطنبول منذ سنتين ، وقد حملنى رسالة وصفها ( بالعاجلة جداً ) لمشايخ الدعوة السلفية فى مصر ، فقال : أرجوك أرجوك ، قل لهم أن يطلقوا حملة للتحذير من خطة كراهية العرب لمصر ، وأخبرنى أنه كثير الأسفار وله علاقات نافذة ويرى أن هناك حملة شيطانية هدفها كراهية العرب لمصر الناس ، وليس فقط مصر الرسمية ، وطبعاً هدف هذه الحملة فصل الرأس عن الجسد . • يستطيع أى مراقب للأحداث أن يتأكد من مدى نجاح هذه الحملة فى تحقيق مآربها الخبيثة ويكفى الدخول على المنتديات والمواقع على الشبكة العنكبوتية لتقرأ تعليقات القراء العرب على أى موضوع يخص مصر والمصريين ، ادخل على موقع قناة العربية واقرأ التعليقات لتكتشف حجم الكراهية الفظيعة لكل ماهو مصرى ، أويكفيك كذلك أن تستعيد التعليقات على أحداث ما بعد غزوة أم درمان الكروية . • هدفى من كتابة هذا المقال هو التنبيه إلى كارثية هذا المخطط وإعادة التذكير بأن مصر - وبدون أدنى ذرة تعصب - هى الرأس والقلب ، وأن خروج مصر من المعادلة كارثة فوق الطاقة ، ولست بحاجة إلى التذكير بحطين وعين جالوت ، لست بحاجة إلى أن أذكر حين اجتاح التتار العالم ثم كسرتهم مصر ، وحين اجتاح الصليبين البلاد فكسرهم المصريون ، ولا أحتاج أن أذكر أن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى هزمت إسرائيل ، لذلك من البدهيات أن أقول أن مصر ضرورة . • لا أحتاج ان أذكر بمصر الجميلة ،مصر الطيبة ،مصر الكبيرة ،مصر التى أعطت وبذلت المال والنفس والحب ، علمت الجاهل وأعطت الفقير وداوت المريض ودافعت عن المظلوم ، فقد كفانى كاتب المقال هذا ، ومصر اليوم وإن كانت مختلفة عن مصر الأمس ، فالأولى أن ندعوها بالرفق واللين وأن بشفع لها تاريخها المشرف فى أن يتحملها إخوانها حتى تستعيد عافيتها . • عند التدقيق فى أسباب كراهية كثير من العرب لمصر ستجد أن هذه الأسباب معظمها نتيجة إما خلافات شخصية أو كروية أو عبثية تافهة ، أو نتيجة مواقف مصر الدولة ، ومهما كان ، ومع التسليم بأن هناك أخطاء من مصر الناس ، ومصر الرسمية _ مع تسليمنا التام بذلك _ لكن تذكروا أنه - وكما قال لى واحد من التجار - ( اللى يشتغل أكتر يغلط أكتر ) ، ولا شك أن بلد اقترب من المائة مليون نسمة ، وأفراده منتشرون فى كل مكان ، طبيعى أن يكون له أخطاءه الكثيرة . • لا يمارى أحد أن مصر نظاماً وشعباً يتعرضان لضغوط فوق طاقة البشر ، وهم على رأس قائمة الإستهداف من أعداء الأمة ، وهى الضغوط التى تسببت فى انبطاح مصر الرسمية وغسيل مخ مصر الناس ، ولا أظن أننى أحتاج أن أقول أن الضغوط التى تتعرض لها مصر لو تعرضت لها دولة أخرى لكان ناسها الآن يذبح بعضهم بعضاً ، ولانفرط عقد البلد منذ سنوات ، ومن لا يصدق - وإن كنت لا أصدق أن هناك من لا يصدق - فليطالع هذا المقال http://saveegyptfront.org/selected-articles/15634.html ( قرأته على المصريون ولم أستطع الحصول عليه من على الموقع مرة أخرى) • مرة أخرى ومع التسليم بكثير من حجج الناقمين وزيادة ، أود أن ألفت الإنتباه إلى كارثية هذا التوجه وأن تعود المحبة التى كانت - ليس لمصر فقط - بل ينبغى أن تعود المحبة بين كل المسلمين فى الأرض ، يجب أن نعود أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، فلا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وإن الرابطة التى بيننا أقوى من رباط الدم ، والشرف الذى يجمعنا فوق شرف النسب ، ووالله ما يجمعنا أضعاف أضعاف ما يفرقنا ، والعجيب أن تجتمع أوربا هذا الإجتماع ، وتتوحد هذا التوحد مع أنهم مختلفون تقريباً فى كل شىء ، ومع ما بينهم من تاريخ من الحروب التى كان ضحاياها بالملايين ومع ذلك يصلون إلى هذه الدرجة من التوحد والإندماج بينما نحن يصل هشاشة ما بيننا إلى الدرجة التى كادت أن تقوم معها حرب بين بلدين لأجل كرة خرقاء حمقاء ، وإلى درجة أن تقطع علاقة بين بلدين لأتفه الأسباب . • ليتذكر كل منا أنه لاشىء فى الإسلام إسمه سعودى أو مصرى أو جزائرى فقط الإسلام ، وأن الحدود التى تفصلنا الآن وضعها أعداؤنا ، وبالشكل الذى يوقع العداوة بيننا ، وإن تعجب فانظر إلى خريطة العالم سترى أن كل الحدود التى تفصل الدول حدود متعرجة ، أكثرها حدود طبيعية ( جبال ، بحار، ...) إلا بلادنا فالحدود مستقيمة وبالمسطرة !!! . • ليتذكر كل من يكتب كلمة فى حق إخوانه من المسلمين - مصريين كانوا أو غير مصريين - أن هذا ولا شك من الغيبة المحرمة ، والتى هى من كبائر الذنوب ، فما بالك وبعضنا وبضغطة مفتاح الكيبورد قد يغتاب شعباً بالكامل ، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول : إن الرجل ليقول الكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالاً ، تهوى به فى النار سبعين خريفاً ، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت ، والنبى صلى الله عليه وسلم علمنا أن أكثر ما يكب الناس على وجوههم فى النار حصائد الألسنة ، والأخطر أن الذى يكتب الكلمة على المواقع والمنتديات يكتبها وينساها بينما هى تنتشر ويقرأها الملايين وتصير كالجبال فى ميزان سيئاته ، والأغرب أنك لو بحثت لربما اكتشفت أن معظم ما يكتب كذب وبهتان وافتراء وظلم وسوء ظن . • فالله الله فى أمتكم والله الله فى إخوانكم والله الله فى أنفسنا وتذكروا أن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ، وأن المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى . أين نحن من هذه النصوص بالغة الرقة واللطف والرحمة ؟ هيا إخوانى المسلمين فى كل مكان نتواد ونتراحم ونتآخى ويعذر بعضنا بعضاً ، هيا نتناصح بدلاً من ان نتفاضح ، هيا نبنى بدلاً من ان نهدم ، ونتوحد بدلاً من أن نتفرق ، ونتصالح بدلاً من أن نتخاصم . وكونوا عباد الله إخواناً . [email protected]