تفشى مرض أنفلونزا الخنازير (إتش1 إن1) فى أبريل الماضى مهددا بأن يصبح فيروسا قاتلا عالميا، لكن بعد عام تكاثرت الانتقادات بأنه تمت المبالغة بتداعيات المرض وبأن أموالا طائلة أنفقت لشراء الأدوية واللقاحات. وقال البرلمانى البريطانى بول فلين الذى يتولى رئاسة لجنة التحقيق من مجلس أوروبا حول هذا الموضوع، إن "دولا عدة أنفقت مبالغ طائلة لشراء اللقاحات التى لم تستخدم ولم يكن هناك نية أبدا فى استخدامها". واتهم فلين مع آخرين منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية الوطنية بأنها "دقت ناقوس الخطر" تحت ضغوط مختبرات صناعة الأدوية، ففى بريطانيا أنفقت الحكومة (1.13 مليار يورو) على شراء 110 ملايين جرعة لقاح وهى كمية تسمح بتلقيح 80% من السكان مرتين، بحسب البرلمانى البريطانى، أما فرنسا فأنفقت 600 مليون يورو لشراء ملايين اللقاحات، والولايات المتحدة 1.88 مليار دولار (1.4 مليار يورو) وألمانيا 283 مليون يورو وإسبانيا 93 مليون يورو. وقالت السناتورة مارى كريستين بلاندان مقررة لجنة تحقيق برلمانية فرنسية حول إدارة وباء أنفلونزا الخنازير "إنه هدر للأموال"، لاسيما أن أقل من 10% من السكان تلقوا اللقاح. وإثر ظهور مرض أنفلونزا الخنازير فى المكسيك والولايات المتحدة، دقت لجنة الحالات الطارئة فى منظمة الصحة ناقوس الخطر فى 25 أبريل. وبعد شهر ونصف أى فى 11 يونيو أعلن مرض "أتش1 إن1" الذى أخذ يتفشى بوتيرة سريعة فى العالم، أول جائحة فى القرن الحادى والعشرين. وأوصت المنظمة بغسل اليدين والبقاء بعيدا عن الأشخاص المصابين بالفيروس وأن يلازم المرضى منازلهم ويتجنبوا الاحتكاك بالأشخاص المعافين، إلا أن منظمة الصحة كانت تصدر معلومات متناقضة، حيث كانت تؤكد أحيانا أن الفيروس لا يتفشى بسرعة وأحيانا أخرى تقول بأنه أشبه بالأنفلونزا الإسبانية التى أسفرت عن مصرع ما لا يقل عن 40 مليون شخص فى 1918. وتبين لاحقا أن أنفلونزا الخنازير لم تكن أخطر من أنفلونزا موسمية، لكن منظمة الصحة أوصت فى مرحلة أولى بإنتاج خمسة مليارات جرعة لقاح سنويا. وكانت هذه التوصية بمثابة نعمة لمجموعات صناعة الأدوية فى خضم الأزمة الاقتصادية العالمية. وعلى سبيل المثال باعت مجموعة نوفارتيس فى الربع الأول من 2010 لقاحات بقيمة 1،1 مليار دولار و"غلاكسوسميثكلاين" 130 مليون جرعة بقيمة 883 مليون جنيه (مليار يورو) فى الربع الأخير من 2009. وقال فلين "غالبا ما يمارس العلماء الذين يرفعون توصيات إلى منظمة الصحة ضغوطا للمبالغة فى حجم الكارثة ما يعنى المزيد من العقود والأموال لإجراء أبحاث حول الفيروس"، ونتيجة لذلك تصبح سلطة منظمة الصحة موضع شك.