مولاى إنى ببابك قد بسطت يدى.. من لى ألوذ به إلاك يا سندى أقوم بالليل والأسحار ساكنة.. أدعو وهمس دعائى بالدموع ندى بنور وجهك إنى عائذ وجل.. ومن يعوذ بك لن يشقى إلى الأبد مهما لقيت من الدنيا وعارضها فأنت لى شغل عما يرى جسدى تحلو مرارة عيش فى رضاك.. وما أطيق سخطاً على عيش من الرغد من لى سواك ومن سواك يرى قلبى ويسمعه.. كل الخلائق ظل فى يد الصمد أدعوك يا ربى فاغفر زلتى كرماً واجعل دعائى حسن معتقدى وانظر لحالى فى خوف وفى طمع.. من يرحم العبد بعد الله من أحدِ مولاى إنى ببابك قد بسطت يدى.. مولاى من لى ألوذ به إلاك يا سندى كشف الإعلامى المصرى الراحل وجدى الحكيم فى إحدى حواراته الصحفية القديمة أنه كان أحد المشاركين فى صناعة "مولاى إنى ببابك" مؤكداً أن الفضل فى بداية التعاون بين الشيخ سيد النقشبندى والموسيقار بليغ حمدى يعود إلى الرئيس الراحل أنور السادات، حيث كان السادات عاشقاً للإنشاد الدينى ولصوت الشيخ النقشبندى. ذكر وجدى الحكيم أنه فى عام 1972 كان السادات يحتفل بخطبة إحدى بناته فى القناطر الخيرية وكان النقشبندى موجوداً فى الاحتفال الذى حضره الملحن بليغ حمدى وأن وجدى الحكيم كان حاضراً هذا الاحتفال كمسؤول فى الإذاعة المصرية فإذا بالسادات ينادى بليغ ويقول له: عاوز أسمعك مع النقشبندى وكلف وجدى الحكيم بفتح استوديو الإذاعة لهما. بعدها تحدث وجدى الحكيم مع النقشبندى فقال له النقشبندى: ماينفعش أنشد على ألحان بليغ الراقصة، حيث كان النقشبندى قد تعود على الابتهال دون موسيقى وكان اعتقاد الشيخ أن اللحن يفسد حالة الخشوع التى تصاحب الابتهال وقال: على آخر الزمن يا وجدى هاغنى !! وطلب منه الاعتذار لبليغ، وطلب وجدى الحكيم من النقشبندى أن يستمع إلى اللحن الذى أعده بليغ واصطحبه إلى استوديو الإذاعة واتفق معه على أن يتركه مع بليغ لمدة نصف ساعة ثم يعود وأن تكون بينهما إشارة يعرف من خلالها إن كانت ألحان بليغ أعجبته أم لا ! واتفقا أن يدخل عليهما وجدى الحكيم بعد نصف ساعة فإذا وجد النقشبندى خلع عمامته فهذا يعنى أنه أعجب بألحان بليغ وإن وجده مازال يرتديها فيعنى ذلك أنها لم تعجبه ويتحجج بأن هناك عطلاً فى الاستوديو لإنهاء اللقاء، بعد نصف ساعة دخل وجدى الحكيم عليهما فإذا بالنقشبندى قد خلع العمامة والجبة والقفطان وقال لوجدى الحكيم: يا وجدى بليغ ده جن، وانتهى اللقاء بتلحين بليغ "مولاى إنى ببابك" التى كانت بداية التعاون بين بليغ والنقشبندى أسفر بعد ذلك عن أعمال وابتهالات عديدة مثل أشرق المعصوم- أقول أمتى- أى سلوى وعزاء- أنغام الروح- رباه يا من أناجى- ربنا إنا جنودك- يا ليلة فى الدهر / ليلة القدر- دار الأرقم- أخوة الحق- أيها الساهر- ذكرى بدر. ولكن من هو الشيخ سيد النقشبندى ذو الاسم ذائع الصيت وملء السمع؟! الشيخ سيد محمد النقشبندى أستاذ المداحين وصاحب مدرسة متميزة فى الابتهالات أحد أشهر المنشدين والمبتهلين فى تاريخ الإنشاد الدينى، يتمتع بصوت يراه الموسيقيون أحد أقوى وأوسع الأصوات مساحة فى تاريخ التسجيلات. كلمة (نقشبندى) مكونة من مقطعين هما (نقش) و( بندى) ومعناها فى اللغة العربية القلب أى نقش حب الله على القلب، والنقشبندى نسبة إلى فرقة من الصوفية يعرفون بالنقشبندية ونسبهم إلى شيخهم بهاء الدين نقشبند. صوت النقشبندى الأخاذ والقوى المتميز طالما هز المشاعر والوجدان، وكان أحد أهم ملامح شهر رمضان، حيث يصافح آذان الملايين وقلوبهم خلال الإفطار بأحلى الابتهالات التى كانت تنبع من قلبه قبل حنجرته فتسمو معه مشاعر المسلمين، هو واحد من أبرز من ابتهلوا وأنشدوا التواشيح الدينية فى القرن الماضى. ولد النقشبندى بقرية دميرة بمحافظة الدقهلية فى مصر عام 1920 حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ أحمد خليل قبل أن يستكمل عامه الثامن وتعلم الانشاد الدينى فى حلقات الذكر بين مريدى الطريقة النقشبندية، جد الشيخ سيد هو محمد بهاء الدين النقشبندى الذى نزح من بخارة بولاية أذربيجان إلى مصر للالتحاق بالأزهر الشريف ووالده أحد علماء الدين ومشايخ الطريقة النقشبندية الصوفية. فى عام 1955 استقر فى مدينة طنطا وذاعت شهرته فى محافظات مصر والدول العربية وسافر إلى حلب وحماه لإحياء الليالى الدينية بدعوة من الرئيس السورى حافظ الأسد، كما زار أبو ظبى والأردن واليمن وإندونيسيا والمغرب العربى ودول الخليج ومعظم الدول الأفريقية والآسيوية. فى عام 1966 كان الشيخ النقشبندى بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة والتقى مصادفةً بالإذاعى أحمد فراج فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج فى رحاب الله توالت بعدها التسجيلات الإذاعية للأدعية الدينية منها برنامج "دعاء" الذى كان يذاع يومياً عقب أذان المغرب. وصف الدكتور مصطفى محمود فى برنامج العلم والإيمان الشيخ سيد النقشبندى بقوله إنه مثل النور الكريم الفريد الذى لم يصل إليه أحد، فقد أجمع خبراء الأصوات على أن صوت الشيخ الجليل من أعذب الأصوات التى قدمت الدعاء الدينى فصوته مكون من ثمانى طبقات وكان يقول الجواب وجواب الجواب وجواب جواب الجواب وصوته يتأرجح ما بين الميترو سوبرانو والسوبرانو. توفى الشيخ سيد النقشبندى إثر نوبة قلبية فى سنة 1976، وكرمه الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1979 بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى وذلك بعد وفاته، كما كرمه الرئيس المصرى السابق محمد حسنى مبارك فى الاحتفال بليلة القدر عام 1989 بمنحه وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، وكرمته محافظة الغربية التى عاش فيها ودفن بها، حيث أطلقت اسمه على أكبر شوارع طنطا والممتد من ميدان المحطة حتى ميدان الساعة.