أرسل اللة إشارة منة تغير دفة الأحداث، لقد أراد اللة أن يخضع رئيس الجمهورية لعملية جراحية كبرى ندعو اللة أن يشفية ويعافية، لقد كانت الاحتمالات الواردة فى موضوع مرشح الحزب الوطنى للرئاسة أن المرشح إما أن يكون الرئيس أو نجله وذلك فى ظل التعتيم على نية الرئيس لآخر وقت، جاء أمر اللة ومر الرئيس بهذة الأزمة الصحية الكبرى فى هذا السن المتقدم ليلقى ذلك بأعظم الشكوك على إمكانية أن يفكر الرئيس فى ترشيح نفسه لفترة سادسة خاصة أن سنه سيكون حينها الثالثة والثمانين. ما أراه واضحا أن مصر الآن بحاجة ماسة لفترة انتقالية تقوم على مصر فيها حكومة غير حزبية من التقنوقراط المصريين الأكفاء ويأتى على قمة الدولة رئيس محايد يتم التوافق عليه مجتمعيا لفترة واحدة فقط تحدد مدتها، يجب أن يكون هذا الرئيس ملتزم أمام الأمة بهدف واحد فقط وهو تهيئة مصر بهدوء للانطلاق على طريق النهضة بكل ما يعنى ذلك من إقرار نظام ديمقراطى حقيقى وشفاف وترسيخ الاحترام الكامل لكل الآليات المؤسسة للنهضة كما تعرفها الدول المتقدمة، كما يجب أن يكون أيضا التزامه قاطعا أمام الأمة بألا يرشح نفسه لذات المنصب بعد انتهاء مدتة المحددة. فى هذا الظرف الحرج مطلوب من الجميع إجابات يجب أن تأخذ فى حسبانها الحفاظ على استقرار الوطن، الرئيس غير قادر على الإقدام فى هذه السن والحالة الصحية الدقيقة على أخذ قرار بترشيح نفسة وفى نفس الوقت أظنة وهو الذى بنى نفسه بنفسه يعلم أهمية اكتساب الشرعية الغير مطعون عليها ويعلم أن نجله لم يصعد بهذة السرعة إلى هذه المكانة إلا لمكانة والدة ولم يكن لمبدأ تكافؤ الفرص أى دور فى هذا، لابد أن الرئيس يعلم بالمثل أن نجله لا يحظى بالقبول الذى يكفية للاستقرار الآمن فى حكم مصر، وأن قدومه كرئيس سيواجة بتحدى قوى ومتصاعد سيعرضة ويعرض مصر لأخطار لا يعلم مداها إلا اللة. أتخيل أن السيد جمال مبارك مادام يؤمن بقدراتة وزعامته للحزب فهو نفسه يحتاج لأن يثبت مكانته بعيدا عن الهالة التى يستمدها من وجود الرئيس ومن تسخير الحكومة التى أصبح اسمها حكومة الحزب الوطنى وبالمثل فإن حزبة عليه أن يثبت أحقيته فى أى شعبية بعيدا عن نفس الهالة والمساندة الحكومية الغير عادلة. الحقيقة أن الأطراف المعنية لا تشمل الرئيس ونجله وحزبهم الوطنى فقط ولكن تشمل أيضا الدكتور البرادعى والمناصرين للتغيير من أنصاره ومن كافة التيارات السياسية الأخرى فالجميع يحتاج الوقت لإنجاز الهدف الأساسى لهذة المرحلة وهو إقرار مبادئ تداول السلطة ونزاهة الانتخابات وضماناتها دستوريا، ستستهلك هذة المعركة مع نظام مستميت فى حصار المعارضة بكل الطرق فى ظل القبضة الأمنية الصارمة، أغلب المجهود والوقت ولن يتبقى من السبعة عشر شهرا الباقية على انتخابات الرئاسة أى وقت يذكر يسمح بتأسيس كيان حزبى يعتد به لتيار الدكتور البرادعى ولا لوضع برنامج سياسى متكامل ينال على أساسه ثقة الأمة فى كفاءة هذا الحزب وبدون هذا فالنجاح يبدو صعبا جدا فليس المطلوب أبدا المنافسة فى معركة الرئاسة لمجرد المنافسة. ما سبق ينطبق على باقى الأحزاب والجميع يحتاج مزيدا من الوقت وحرية الحركة وسط الجماهير لتكون الفرصة متكافئة أمام صندوق انتخابات نزية، هذا الوقت يلزم لة فترة انتقالية وفى ظل ظروف أفضل مما هو حادث الآن. يلزم لهذة التيارات السياسية جميعها أن تنجح أولا فى معركتها السياسية من أجل إقرار الإصلاحات الدستورية لفرض ديمقراطية حقيقية بعيدا عن الصورية التى تعوق كل أشكال النشاط السياسى الجماهيرى ويلزم لها ثانيا أن تضغط باتجاة إقرار مرحلة انتقالية بتوافق مجتمعى على رئيس محايد يقود حكومة غير حزبية لفترة واحدة قد تكون ثلاث سنوات فقط. لنجاح هذا السيناريو يلزم لتيار الإصلاح والتغيير أن ينجح فى فرض هذة الرؤية كحزمة واحدة يتم التراضى عليها فى الشهور المتبقية قبل إجراء انتخابات مجلس الشعب والتى يجب أن تكون نزيهة ومعبرة عن الإرادة الحرة للشعب، ماذا وإلا فالنزاهة تحتم مقاطعة هذة الانتخابات لأن انتخاب المجلس بالطريقة المتوقعة سيعوق أى إصلاح. ماذا يمنع أن يتنازل الرئيس مختارا للشخصية الغير حزبية والأكثر استعدادا للحيادية والتى تنال التوافق المجتمعى لتقود الحركة فى الفترة الانتقالية ويركن الرئيس لراحة مستحقة الأغلب أنه يطلبها فى أعماقه. هذة الرؤية إذا ما تبناها الرئيس ستكون الخطوة الأهم التى ستذكر له بكل التقدير والتى من شأنها أن تخرج مصر من صراع مجتمعى حالى ومستقبلى ينذر بتعقده أكثر مع إتمام انتخابات مجلس الشعب بالطريقة المعهودة والمنتظرة. إن مصر غنية بالشخصيات التى تصلح تماما لهذة الفترة الانتقالية والتى بالفعل هى تستحوذ تماما على ثقة الرئيس لكفاءتها وتحقق له فى نفس الوقت الخروج الآمن وتنال بالمثل تقدير المجتمع وثقته ولكن ما ينقص هو الإرادة الرئاسية لإتمام ذلك طوعا وأيضا المبادرة بالتوافق المجتمعى والتقاء الطرفين بنزاهة على مصلحة مصر، إن الأمثلة متوفرة وعلى سبيل المثال هناك رجل قوى ذو مهابة غير حزبى ولم تطاله أى شائعة انتفاع بمنصبة وهو رجل المهام الصعبة، هذا الرجل هو الوزير عمر سليمان وهو قادر تماما على القيادة فى هذه المرحلة الانتقالية. الشخصية الثانية هى المستشار جودت الملط وهو رجل فوق الشبهات تماما على علم مفصل بحال مصر وغير حزبى أيضا واثبت مرارا قوة أدبية تحسب له ويصلح تماما لملئ منصب رئيس الوزراء المحايد فى مواجهة الحزب الوطنى، هذه مجرد أمثلة قد يختلف البعض معها ولكن ما يهم هنا هو طرح الفكرة "مرحلة انتقالية بالتوافق المجتمعى مع الرئيس" للنقاش وتحقيقها لن يكون إلا بالتراضى والمبادرة ببعض من حسن النوايا من أجل مصر. هؤلاء الرجال المصريين الأكفاء يمكن أن ينعقد حولهم التوافق المجتمعى فى تراض هادئ لقيادة مصر خلال الفترة الانتقالية، ما نعلمه نحن كطلاب للتغيير والإصلاح أننا نطلب أن تكون هذه الشخصية المختارة هى الأكثر حيادا والأكثر تصميما على الالتزام بالأهداف المتفق عليها مجتمعيا وهى تهيئة مصر للانطلاق على طريق النهضة بالتأسيس للديمقراطية الحقة وإطلاق حركة الأحزاب لتتمكن من بناء هياكلها وتقديم برامجها وشخصياتها للشعب المصرى ليختار بإرادة حرة من يحكمه ومن يمثلة. كل تلك الأهداف فى ظل التزام قطعى من هذة الشخصية المتفق عليها وأمام الأمة كلها أن توليها للمسئولية هو لفترة انتقالية محدودة المدة ولتكن ثلاث سنوات فقط ولا تجدد كما سبق الإشارة لذلك ولا يحق له الترشح لذات المنصب بعدها. هل تتوافق القيادة مع المعارضة لمصلحة تحول سلمى نحو الديمقراطية الحقة لضمان مشاركة الشعب فى الدفع بمصر على طريق النهضة؟ ما رأيكم أيها الغيورون على مصلحة وطننا مصر؟ استاذ بطب القاهرة.