ملامح متشابهة، وجوه خُط عليها معالم الحرب والدمار التى تركوها خلفهم فى موطنهم الأصل، سوريا، ليحتموا بآخر رأوا فيه ملاذا آمنا لهم، هنا فى مصر جاء آلاف السوريين الذين فروا من بلادهم، وبدأوا طريق البحث عن لقمة العيش، رافضين الاستسلام لأى قيود أخرى تُفرض عليهم. «اليوم السابع» تجولت بين محال ومقاهى السوريين، كما تُعرف دائما بين مريديها، لتستمع لحكاياتهم المختلفة عن الصعاب التى تواجههم هنا بحثا عن مصدر رزق. «ملك الشاورما يفضل العمالة السورية فى مطعمه» «واجهت العديد من الصعوبات عند افتتاح المطعم، ولكن لم أيأس، وصبرت كثيرا حتى أصبح المحل من أشهر المطاعم فى مصر، ويأتى له الكثير من المصريين والسورين من كل مكان»، هكذا يحكى «أبوغيث» «برنس الأكلات السورية وملك الشاورمة»، كما يلقبونه، عن مطعمة وحياته الجديدة فى مصر. ويقول: الاحترام هو مبدئى فى الحياة، وخصوصا لأنى فى بلد غريبة يجب على أن احترم كل من أتعامل معهم، فأنا مغترب ولا أحب أن يكون بينى وبين أى أحد مشاكل وخصوصا المصريين. ويضيف أبوغيث عن مطعمه قائلاً: «جميع العاملين بالمطعم سوريون، وأنا أفضل ذلك ليس كرها فى المصريين، ولكن لكل بلد طريقتها الخاصة فى الأكلات. «عمير السورى يتعرض لحادث سرقة فور وصوله مطار القاهرة» برغم حبه لمصر وشعبها لكنه مستاء من السرقات والبلطجة التى يتعرض لها.. «عمير» أحد العاملين بمحل الألبان يسرد لنا قصته فى مصر قائلاً: «شعب مصر طيب وكريم، ولكن البلطجة مسيطرة، ففور وصولى مطار القاهرة تعرضت لحادث سرقة فقدت فيه أوراقى والباسبور الخاص بى، وأشياء أخرى مهمة، وفوجئت باتصال البلطجى بى يعرض علىّ أن يرد لى هذه المسروقات مرة أخرى مقابل 5 آلاف جنيه، وبالفعل وافقت على هذا العرض». صانع العطور السورية يجذب الجميع إليه لم يتميز السوريون فى إتقان المأكولات الشامية فقط، ولكن لهم طريقة خاصة فى صنع العطور المختلفة والجذابة.. «أبوعثمان» واحد من هؤلاء المحترفين فى العطور والذى لقب نفسه ب«صانع العطور السورية»، ويقول: «المصريين إخواتنا ونحن أهل، وخصوصا إن عادتنا وتقاليدنا مثل الشعب المصرى لا يوجد أى اختلاف، فالسوريون شعب متدين مثلهم». من النجارة المسلحة بدمشق إلى كافيه مشهور بمصر يقترب من سن الستين، ترك بلده وعمله فى النجارة المسلحة التى أتقنها طوال حياته، ليتجه إلى مصر، وينجح فى بناء مستقبل جديد له ولأولاده بافتتاح مقهى كبير يتردد عليه الجميع. ويروى قصته ل«اليوم السابع» قائلاً: «كنت أعمل فى مقاولة النجارة المسلحة، وبرغم الثورات والحروب فى سوريا، لكنى استطعت أن أبنى مستقبلى ومستقبل أولادى فى مصر، وهذه ميزة الشعب المصرى الذى يحتضن كل الغرباء واللاجئين وكأننا اخوة ولا يوجد أى صعوبات واجهتنى عند افتتاح المقهى، وذلك بسبب السيولة المادية، ومبدئى فى الحياة «معك مصارى هتعيش سعيد فى أى بلد»، ولا أقتصر على توظيف السوريين فقط فى المقهى، ولكن مصريين أيضا طالما الكفاءة والأمانة متوفرة فيه، لأنه فى الآخر يصب فى مصلحه العمل، والمصريون هنا بيعاملونا أحسن معاملة، ولكن العيب فيهم هى عدم صدق مواعيدهم، فالسوريون مواعيدهم مضبوطة، خلاف ذلك فى بعض الأحيان نتعرض لبلطجة من الشباب الذين يطلبون بعض المشاريب ويرفضوا أن يحاسبوا عليها. «تميم الشامى» يتعرض للاضطهاد من زملائه فى نفس المهنة «المصريين يتهمونا بوقف حالهم ومنافستهم فى العمل»، هكذا بدأ تميم الشامى، صاحب محل ملابس، بإحدى المولات كلماته عن أحواله فى مصر ونظرة المصريين له قائلاً: «واجهت صعوبات كثيرة فى افتتاح محل الملابس، حيث إنه يقع فى مول ويوجد فيه الكثير من المحلات الأخرى لدى المصريين. فشعرت بنظرة غيرة منهم، يتهمونى بأنى أشاركهم فى أكل العيش، فالشعب السورى مضطهد فى مصر، برغم معاملتهم الجيدة لنا، ولكن فى العمل والمشاريع يتهموننا بأخذ حقوقهم». الطبقات الفقيرة من السوريين يتقنون المأكولات المميزة ويعرضوها فى الشوارع لا ييأس أبناء الطبقة الفقيرة من العمل وبإصرارهم وعزيمتهم ومواهبهم المتعددة صنعوا الحلويات الشامية والعصائر والمخللات والبن السورى والزيوت وغيره من المشاريع الاقتصادية التى تساعدهم على المعيشة ويعرضونها فى الشوارع وأمام المولات الكبيرة. ويقول محمد «بائع الحلويات»: «شعب مصر أطيب شعب فى الدنيا ولو كان السوريون لاجئون فى أى دولة أخرى، مثل تركيا والأردن لكانت حياتنا تدهورت كثيراً، ولكن هنا فى مصر نسكن فى بيوت مقفولة علينا وليس مخيمات كغيرنا ونشتعل فى كل المجالات ونعرض بضاعتنا فى الشوارع، مثل غيرنا من المصريين»، ويتحدث محمد عن صناعته المحبوبة والتى يتقن عملها قائلاً: «نقوم بعمل الحلويات الشامية بنفسى بطريقة سورية مميزة تعجب الكثير، ويأتى لى الزبائن السوريون والمصريون ليشتروا منها». ومن جانب آخر يقول «حسين» بائع البن السورى والزيوت: «مصر جميلة وموفرة لنا جميع احتياجاتنا، ولكن الشغل هنا أصعب من سوريا برغم أن هناك عدد ساعات العمل أكثر، لكن المصريين ليس لديهم الحماس والصبر على العمل مجرد عدم وجود زبائن يملوا ويغلقوا محلاتهم وفرشهم، ولكن الشعب السورى مكافح، ونفسى أرجع وطنى سوريا. وعن فكرة تغلب السوريين على الأزمات فى بلدهم وإتقان العمل والمشاريع المختلفة فى مصر ومدى تأثيرها على العمالة المصرية قال «مصطفى النشرتى» وكيل كلية الاقتصاد بجامعة مصر والخبير الاقتصادى: «أثر وجود السوريين وعملهم فى مصر بشكل ملحوظ على سوق العمل، والمنافسة أصبحت قوية، وعلى الرغم من وجود قانون يمنع اللاجئين من العمل، لكنه لا ينطبق عليهم، لأنهم دخلوا على أساس أغراض سياحية واستأجروا منازل ومحلات فى بعض المدن، وآخرين يقيمون فى الفنادق حتى يستقروا فى حياتهم، فيما لجأ الكثير منهم إلى مشروعات اقتصاد منزلى مثل «المخللات والوجبات والحلويات». وأضاف: «يشارك أيضًا رجال الأعمال السوريون فى بعض المصانع والشركات المصرية، وأصبحت الشركات المصرية تفضل الموظفات السوريات عن المصريات، وذلك لعدم التأمين عليها والمرتب الأقل، لذا يجب على الحكومة أن تقوم بترخيص المحلات والسيطرة على سوق العمل». فى حين قالت مروى هاشم، مساعد مسؤول القسم الإعلامى بمفوضيه الأممالمتحدة لشئون اللاجئين: «يعتبر الدخول إلى البلد والحماية المحدودة من المشاكل التى تواجه اللاجئين، بالإضافة إلى تحفظات الحكومة المصرية التى سبق الإشارة إليها عند توثيقها للمعاهدة، وإحدى هذه التحفظات هى دخول سوق العمل، مما يضيق من فرص العمل، وكسب العيش إلا فى حالات العمل الخاص، وطالب اللجوء عرضة لسوء المعاملة، بالإضافة أن أغلب السوريين فى مصر يسكنون المناطق العمرانية، يستأجرون أو يشاركون فى مسكن، ويستعمل الكثيرون مدخراتهم أو مهيأتهم «لو استطاعوا العمل» لدفع إيجار المسكن. وتضيف: عاملت الحكومة المصرية اللاجئين السوريين معاملة المصريين فى الرعاية الصحية والتعليم، وتساعد المفوضية الطلبة السوريين غير القادرين من خلال منح دراسية لاستكمال دراستهم، كذلك يتمتع اللاجئون السودانيون بالمثل، وتعمل المفوضية مع وزارة الخارجية على رفع المستوى ومع الوزارات المختصة وفى المحافظات والمحليات، وتتفاعل مع الحكومة فى المسائل المتعلقة باللاجئين، وتقدم تمارين فى النظم القانونية الدولية للاجئ، كما أنها تساند مجهودات الحكومة فى أداء التزاماتها الدولية فى حماية حقوق اللاجئين. موضوعات متعلقة.. البيان الختامى لمؤتمر اللاجئون السوريون يحذر من عدم استجابة المجتمع الدولى