أعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بتونس، عن قلقه البالغ إزاء تصاعد أعمال العنف فى ليبيا واستمرار الانتهاكات الممنهجة والجسيمة لحقوق الإنسان، منذ بدء الصراع فى 2011. وأكد أن طبيعة أعمال العنف والجرائم المرتكبة فى ليبيا ترتقى إلى حد ارتكاب جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية فى ظل فشل واضح للسلطات الليبية المتعددة، والمجتمع الدولى فى حماية المدنيين من الانتهاكات المستمرة، التى ترتكبها مختلف الجماعات المسلحة المتواجدة ميدانيًا فى الأراضى الليبية. وطالب أطراف المجتمع الدولى ذات الصلة، بما فى ذلك مجلس الأمن ووسيط الأممالمتحدة بين الأطراف الليبية المتصارعة ومجلس حقوق الإنسان، والنائب العام للمحكمة الجنائية الدولية، اتخاذ الإجراءات المناسبة للحيلولة من تدهور الأمر. وأشار المركز فى بيان له اليوم، إلى استمرار استهداف واغتيال العشرات من النشطاء وأعضاء منظمات المجتمع المدنى فى ليبيا خلال الأشهر الأخيرة، الأمر الذى دفع كثيرا من النشطاء والحقوقيين للفرار من البلاد مع عائلاتهم، ومازال بعضهم يواجه تهديدات من قبل أفراد الميليشيات العسكرية حسب تقارير تلقاها مركز القاهرة. ومن ثم شدد مركز القاهرة على ضرورة وقف استهداف منظمات المجتمع المدنى والمدافعين عن حقوق الإنسان والإعلاميين وأعضاء السلطة القضائية فى ليبيا، والذين مازالوا يواجهون حملات واسعة من الانتقام وأعمال العنف، مؤكدا على مسئولية السلطات الليبية عن ضمان إجراء التحقيقات المناسبة والمستقلة إلى أقصى حد ممكن فى وقائع استهدافهم ومحاسبة جميع الأطراف المسئولة عن تلك الانتهاكات. وأشار مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، إلى أنه تلقى معلومات حول اختفاء 35 آخرين من الأقباط المصريين، أثناء خروجهم من مدينة سرت فى 17 فبراير، وبعد يوم واحد من الغارات الجوية، التى تقودها مصر، لافتا إلى وجود تقارير أخرى تشير إلى وقائع استهداف مصريين بما فى ذلك حوادث الاختطاف، ويتم تنفيذها فى طرابلس، والمدن فى المنطقة الغربية بعد الضربات الجوية المصرية، ولكن لم يتمكن مركز القاهرة من تأكيد هوية الخاطفين. وفى هذا الإطار دعا مركز القاهرة جميع أطراف النزاع المسلح المتواجدة ميدانيًا فى ليبيا، إلى الامتثال التام لالتزاماتهم بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى، بما فى ذلك مبادئ التناسب والتمييز، والامتناع فورًا عن استهداف السكان المدنيين، كما دعا المركز الجماعات المسلحة الليبية والسلطات الليبية المتعددة إلى ضمان الوقف الفورى للانتهاكات المستمرة، بما فى ذلك عمليات الإعدام خارج نطاق القانون. وشدد المركز، على أن أى قرار طويل الأمد بشأن الوضع الحالى فى ليبيا، من قبل الجهات الفاعلة الوطنية والإقليمية والدولية لا يمكن أن يتم من دون الأخذ بعين الاعتبار للقانون الدولى لحقوق الإنسان، والقانون الدولى الإنساني، وضمان المساءلة عن الانتهاكات السابقة والحالية. كما حث مركز القاهرة على استمرار إجراء حوار شامل يركز بشكل خاص على عملية المساءلة كخطوة إيجابية نحو حل سلمى للصراع، كما دعا مركز القاهرة مجلس الأمن لوضع مواد القرار 2174، الذى اعتمد فى عام 2014 حيز التنفيذ، والبدء على نحو فعال فى حظر السفر وتجميد الأموال لمرتكبى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وأكد مركز القاهرة، أن جهود مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان حول الوضع فى ليبيا من خلال البند السنوى، والخاص بالمساعدة التقنية، لم تعد تعكس بشكل كاف خطورة الوضع الحرج فى ليبيا، ومن ثم، ولضمان المساءلة، يجدر بالمجلس فى جلسته المقررة فى مارس المقبل إنشاء آلية دولية للتحقيق والنظر فى جميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنسانى الدولى التى ترتكب فى ليبيا، بهدف محاسبة جميع الأفراد المسئولين جنائيًا عن هذه الانتهاكات. ودعا مركز القاهرة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية لفحص جميع الوقائع، التى تفيد بوقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى ليبيا مؤخرًا، وذلك بهدف مثول جميع مرتكبيها للعدالة، مشيرًا إلى البيان الذى أدلى به المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية فى 25 يوليو 2014، ووعد فيه بالتحقيق ومحاكمة مرتكبى الجرائم فى ليبيا، وذلك بموجب اختصاص المحكمة، بغض النظر عن وضعهم الرسمى أو انتماءاتهم. وشدد المركز على أن التحقيقات لا ينبغى أن تقتصر على الحالات التى تنطوى على جرائم من قبل نظام القذافى والموالين له، ولكن أن تمتد للانتهاكات المستمرة من قبل جميع الأطراف.