جامعة بني سويف: مستعدون لاستقبال 110 آلاف طالب مع بداية العام الجديد    النواب يترقب قرارا جمهوريا بالدعوة للانعقاد في الدور الخامس والأخير    مشاركة منتدى شباب العالم في «قمة المستقبل» تتويج لجهوده.. منصة تبادل الأفكار والرؤى حول قضايا التنمية والسلام العالمي    السيسي يتابع مشروعات الربط الكهربائي مع دول الجوار    التحالف الوطني: قدرات الشباب وإمكانياته منجم مهم جدًا للعمل الأهلى    توجيهات جديدة من السيسي للحكومة بشأن الكهرباء وزيادة استهلاك الطاقة    كامل الوزير: تشكيل جمعية للمستثمرين بكل منطقة صناعية تتولى أعمال الصيانة والتأمين    محافظ الجيزة يتوعَّد المخالفين: التعامل بكل حزم لاسترداد أراضي الدولة المتعدى عليها    كيف تكون مستثمرا ناجحا في الأسهم؟    إصابة طفل خلال اقتحام قوات الاحتلال لوسط نابلس في الضفة الغربية    صممها بنفسه.. ترامب يطلق عملته الرسمية من الفضة الخالصة    القوات الإسرائيلية تعتقل 10 فلسطينيين من الضفة الغربية    خبير رياضي: درع الدوري الجديد لا يليق بعراقة البطولة    ديفيز يثير الجدل بشأن مستقبله مع بايرن ميونخ    مدرب بيراميدز:هدفنا المنافسة على كل البطولات في الموسم الجديد    "هيخسر كتير بدونه".. عضو الرابطة يكشف حقيقة طلبه تغيير اللائحة بسبب الأهلي    إحالة عاطل متهم بالتحرش بفتاة في حدائق القبة للمحاكمة    ضبط مسجل خطر وزوجته لتنفيذ حكم بالسجن 6 سنوات بالإسماعيلية    ضبط8 عصابات و161 قطعة سلاح وتنفيذ 84 ألف حكم خلال 24 ساعة    بعد أزمة النزلات المعوية- نائب محافظ أسوان: معندناش حاجة نخاف منها تعالوا صوروا    "عايزة الريتش يعلى".. اعترافات طالبة نشرت فيديو ادعت فيه تعرضها للسرقة    العدل تطلق خدمة التصديق المتنقل لكبار السن وذوي الهمم | فيديو    أول تعليق من زوجة المطرب إسماعيل الليثي بعد وفاة ابنها    أول تعليق من زوجة إسماعيل الليثي بعد وفاة نجلها    في ذكرى رحيل هشام سليم.. محطات فنية في حياة نجم التسعينيات    بسمة وهبة تعلق على سرقة أحمد سعد بعد حفل زفاف ابنها: ارتاحوا كل اللي نبرتوا عليه اتسرق    أونروا: مخيمات النازحين تعرضت اليوم لأول موجة أمطار فى خان يونس جنوب غزة    تفاصيل مسابقة الأفلام القصيرة والتصوير الفوتوغرافي ب"الكاثوليكي للسينما"    كريم الحسيني يعلن اعتزاله ويحكي موقفا محرجا جمعه ب محمد رمضان ويشكر من خذلوه    الانتهاء من نقل أحد معالم مصر الأثرية.. قصة معبد أبو سمبل    الصحة تقدم 15 ألف خدمة في طب نفس المسنين تزامنًا مع اليوم العالمي للتوعية بألزهايمر    اليوم العالمي للتوعية بالزهايمر.. ماذا قدمت الصحة في مجال "طب نفس المسنين"؟    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    المضاعفات خطيرة.. برلمانية للحكومة: متى تنتهي معاناة مرضى السكر مع نقص الأنسولين؟    أدعية للأم المتوفاه.. دار الإفتاء تنصح بهذه الصيغ (فيديو)    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح    مفاجأة مدوية في عقد إعارة يحيى عطية الله للأهلي    شقيق زوجة إمام عاشور يثير الجدل بسبب الاحتفال بدرع الدوري.. ماذا فعل؟    فرصة لشهر واحد فقط.. موعد حجز 1645 وحدة إسكان ب8 مدن جديدة «التفاصيل»    الاحتلال: إطلاق 150 صاروخا ومُسيرة على شمال إسرائيل    محافظ الشرقية يفتتح مدرسة كفر الدير الإعدادية بقرية التلين بمنيا القمح    أخبار الأهلي: قرار جديد في الأهلي بشأن علي معلول قبل مواجهة الزمالك    رئيس مدينة الغردقة يتابع خط سير الأتوبيسات الجديدة    تحرير 148 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    مفاجأة بشأن مصير «جوميز» مع الزمالك بعد السوبر الإفريقي    متصلة تشتكي: ابني طلب يحط إيده على منطقة حساسة.. وداعية ينصح    ختام أول أسبوع لشباب الجامعات التكنولوجية.. طلاب الدلتا يتصدرون الجوائز    رؤساء التحرير يواجهون وزير التعليم بكل ما يشغل الرأى العام: محمد عبداللطيف: التعليم قضية وطن    وزير الإسكان يفتتح الدورة التاسعة لملتقى "بناة مصر "    ارتفاع قتلى انفجار منجم فحم في إيران إلى 51    الأكثر عدوى.. الصحة العالمية توضح كيفية الوقاية من متحور فيروس كورونا الجديد إكس إي سي؟‬    الاحتلال يوسع دائرة الصراع والتصعيد العسكري بالشرق الأوسط.. مجازر مستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة    ب«التكاتك والموتوسيكلات».. توافد طلاب البحيرة على المدارس في أول أيام العام الدراسي الجديد    ارتفاع حصيلة الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية ببيروت إلى 45 شهيدا    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    عالم أزهري: الشعب المصري متصوف بطبعه منذ 1400 سنة    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيل البنطلون "الساقط"
نشر في اليوم السابع يوم 29 - 03 - 2010

قضيت وقتاً طويلاً خلال الأيام القليلة الماضية - التى استعدنا فيها جميعاً ذكريات الصيف "الملتهبة"- فى منتصف ميدان التحرير فى انتظار تاكسى ينقذنى من هذا اللهيب وينقلنى إلى جريدة الأهرام، وكان ذلك حوالى الساعة الثانية ظهراً والزحام على أشده.. كنت أنوى ركوب تاكسى أبيض هرباً من جشع سائقى التاكسى الأسود، وتلافياً لخلاف معتاد على الحساب فى نهاية محطة الوصول، وفجأة وقف أمامى تاكسى "أسود" دعانى سائقه للركوب.. حاولت مقاولته قبل الركوب ولكنه قال لى "ادفع اللى تدفعه".. اندهشت لطيبة الرجل واستسلامه، ولم أتردد فى الركوب.. السائق بدا فى منتصف عقده السادس وكان فى غاية اليأس والحزن، مما صار إليه حال البلد من زحام وعشوائية وخلافه، وفى الطريق حاول صبى أن يوقف الرجل لكى يستقله إلى مكان ما فتجاهله السائق تماماً، وهو يقول "هى ناقصة كمان بتوع البنطلونات الساقطة!".. ضحكت، فاندهش الرجل لضحكى وقال لى: "أقسم بالله إذا كنت أعرف أننى سأضحى بعمرى فى حرب أكتوبر من أجل هذا الجيل، لما حاربت".. سألته: هل شاركت فى هذه الحرب العظيمة؟ قال: أيوه، ولكن لم أتخيل يوماً أننى أحارب لأدافع عن جيل يرتدى البنطلونات الساقطة.
استوقفتنى هذه الجملة كثيراً، وتساءلت فى نفسى: هل قدم هذا الرجل وأمثاله حياتهم ثمناً لتحيا أجيال جديدة – ذوى بنطلونات ساقطة - هذه الحرية والحياة الكريمة؟!
طبعاً الرجل لم يكن نادماً على دفاعه عن وطنه.. إطلاقاً فهو يحمل على جبينه شرف هذا الدفاع إلى يوم الدين، لكنه نادم على ما وصل إليه حال شبابنا، فبنظرة أكثر عمقاً نجد أن الرجل محق، فمصر التى أنجبت أجيالاً من المبدعين والعلماء ورجال الفكر والثقافة، انحدر بها الحال إلى "جيل البنطلون الساقط".. جيل كل همه وشغله الشاغل هو إبراز ألوان "البوكسر" الزاهية وأحدث ما وصلت إليه الموضة فى هذا الجزء من الجسم، مع "لوك" غريب سواء فى الشعر "المدبب" وسلاسل الرقبة واليدين، والتفنن فى تكوين لغة غريبة يتواصلون بها فيما بينهم دون أن يكشف رموزها من حولهم، سواء أهلهم أو الغرباء عليهم.. إنه حقاً جيل بلا هوية أو انتماء لا يعرفون معنى أنهم رجال المستقبل، ولا يدركون أنهم أحفاد رفاعة الطهطاوى.. طه حسين.. نجيب محفوظ.. أم كلثوم.. محمد عبد الوهاب.. صلاح جاهين، وغيرهم الكثيرين، لأنهم إذا أدركوا أهمية ذلك فسوف ينقلب الحال تماماً، ولكنه فى الحقيقة جيل "ساقط" فى كل اهتماماته.. جيل بلا علم.. بلا فن.. بلا أدب.. بلا ذوق.. بلا شهامة.. بلا مروءة.. بلا نخوة.. وبلا حتى صحة، فهم يتفنون فى تعاطى المغيبات عن الوعى إمعاناً فى "السقوط".. أندهش حقاً لأمر هذا الجيل والواقع أنهم ليسوا مسئولين عما هم فيه مسئولية كاملة، لأن لهم أسر وعائلات تركتهم لتيار الانحدار، وانشغلوا بهلع جلب المال الذى سينفقه أبناؤهم بعد ذلك كيفا يشاءون، والغريب أيضاً أن المدارس فقدت دورها التربوى فى تقويم هذا الجيل، فأتذكر حينما كنت فى المدرسة لم يكن أحد منا يجرؤ على ترك أظافره بلا تقليم، خوفاً من عقاب مدرس الفصل ومدير المدرسة.. اليوم أشاهد طلاب المدراس بلا زى، وبلا أى شىء يدل من قريب أو بعيد إلى كونهم تلاميذ أو طلاباً حتى فى الجامعة، لأنه من المفترض أن طلاب الجامعة يعرفون معنى اعتمادهم على أنفسهم وبناء مستقبل وطنهم بعد شهور قليلة.
أدعو أبناء الجيل الساقط إلى متابعة شعوب حمل شبابها على عاتقهم عبء النهوض بوطنهم، ولن يبذل جيلنا "الساقط" جهداً فى ذلك، فالصينيون صاروا يدخلون كل بيت فى مصر، أطفال وشباب ونساء ورجال.. إنهم شعب قرروا الحياة بكرامة والكرامة فى العمل والعمل طريق النهضة والنهضة أسرع طريق لقوة الأمم.. أدعو جيلنا "الساقط" لقراءة سيرة الرئيس البرازيلى لولا داسيلفا؛ ذلك العامل فى أحد المناجم، الذى جعل بلاده جنباً إلى جنب مع الدول الصناعية الكبرى التى تعتمد فى اقتصادها على التصدير.. أدعوه لقراءة سيرة الزعيم الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا، الذى استطاع أن يهزم العنصرية وألف بين السود والبيض فى بلاده بسلاح كرة الرجبى، رغم قضائه فترة طويلة بالمعتقلات السياسية.. أدعوهم لقراءة سير كل من تسبب فى عمل نقطة تحول ببلاده.. غاندى.. عمر المختار.. عبد القادر الجزائرى.. علماء مصر الأجلاء مصطفى مشرفة.. أحمد زويل.. مصطفى السيد.
أتمنى أن يبحث هذا الجيل عن مثل أعلى يحتذى به، ليس مهماً أن يكون شبيهاً به، ولكن المهم أن نخطو خطوة نحو التقدم، ولابد أن ندرك أنه لن يتحقق إلا بهذا الجيل، وأتمنى أن يختفى لقب جيل البنطلونات الساقطة قبل أن يشب ابنى ويصير هؤلاء الشباب رجالاً يضطر إلى الاحتذاء بهم.
كاتب صحفى بالأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.