للإعلام الدور الأكبر فى تشكيل وعى الأفراد، حيث يبث الثقافات والتناقضات المطروحة بالمجتمع والرؤى الفكرية المختلفة عبر الوسائل الإعلامية المتعددة. وتتنوع صور بثها لتصل إلى الفرد بصورة درامية أو حوارية أو إعلانية أو غيرها. ومع التقدم التكنولوجى وسهولة التواصل مع الثقافات المختلفة والضغوط المجتمعية التى يعيشها الفرد ولا تخلو من تناولها أبواق الإعلام المختلفة نجد التهاون بالقيم والمبادئ والمهنية فى عرض موضوع ما بعينه، والاستسهال فى اختيار منحى معين يتكرر تناوله دون غيره من المناحى الأكثر أهمية وتأثيرا فى المجتمع لجذب المشاهد، هذا ما جعل للإعلام أثرا عكسيا على المشاهد فى تشتيت ولهو الفكر عن قضاياه الأساسية، والسعى لتهميش العقلية المشاهدة بحيث تهد قوى الإبداع أو حتى النقد البناء لما يطرح على الشاشة من إيحاءات متكررة ومتعمدة بقصد نزع جذور العقائد والتخلى عن القيم والعادات. فإذا كان الإعلام مسيسا أو موجها أو أن الرقابة والقوانين المتاحة كلها تسير فى اتجاه واحد يغذى هذا الخلل، قد تراودنا المحاولة لبث الإتزان القيمى فى وضع المناهج التربوية، وتفعيل الدور الاجتماعى للمدرسة والجامعة، والتكاتف الأهلى مع المؤسسات المجتمعية لإحياء الثقافة والمحافظة على التراث، فقد يكون لهذه الجهود إذا ما تمت كما ينبغى لها أن تجابه الأثر السلبى للإعلام وخلق قاعدة ثقافية ومجتمعية تعيد للفرد هويته وتطفئ أبواق الإيحاء والصخب الفارغ خاصة مع التقدم الذى نشهده فى التواصل والإطلاع على الثقافات الأخرى.