البابا تواضروس يرأس قداس رسامة 5 كهنة جدد للخدمة الروحية ب«كاتدرائية الإسكندرية»    مستهل التعاملات.. سعر الريال السعودي اليوم الخميس 4 يوليو 2024 في البنك الأهلي    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 4 يوليو 2024    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    اليوم الأول.. وزير التموين يبدأ عمله بالاطمئنان على مخزون السلع الأساسية    مسؤول إسرائيلي: تلقينا ردا من حماس دون المطالبة بالالتزام بوقف الحرب في المرحلة الأولى    حزب الله يطلق رشقة صاروخية نحو كريات شمونة شمالي إسرائيل    ذات يوم 4 يوليو 1968.. عبدالناصر يصطحب ياسر عرفات سرا إلى موسكو لتقديمه إلى القادة السوفييت بعد شهور من أول لقاءاته بقادة حركة فتح    خبير عسكري: الاحتلال الإسرائيلي يمارس الحرب النفسية على اللبنانيين    انطلاق عمليات الاقتراع في الانتخابات التشريعية البريطانية    حال تأجيل الدوري.. تعرف على الثلاثي فوق السن لمنتخب مصر بأولمبياد باريس 2024 (خاص)    التفوق للأحمر.. قبل مواجهة الليلة تاريخ مواجهات الأهلي والداخلية    اليوم ذروة الارتفاعات.. الأرصاد تكشف طقس نهاية الأسبوع    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    تفاصيل إحالة عاطل بتهمة الإتجار فى المواد المخدرة بمصر القديمة    المستشار محمود فوزي: التغلب على التحديات يبدأ من التوافق.. والحوار الوطني منصة جمعت كل المصريين    شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا «MADANI»    الاتحاد الأوروبي منددا بالاستيطان الإسرائيلي: لن نعترف بالتغييرات في حدود 1967    ضغوط العملاء تجبر فولفو على التراجع عن وقف إنتاج طرازين من سياراتها    حزن في كفر الشيخ لوفاة طفلين شقيقين غرقًا بإحدى المزارع السمكية    طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة التوحيد.. لا شكاوى من الأسئلة    وزير التعليم يعتمد نتيجة الدبلومات الفنية 2024 بعد تجميع النتيجة    الدكتور أحمد هنو بمكتبه بالعاصمة الإدارية فى أول أيام عمله وزيرا للثقافة    هيئة الدواء تحذر من عبوات مجهولة المصدر لعقار جليفيك 400 MG لعلاج أورام المعدة    تعرف على أسعار الزيت اليوم الخميس 4-7-2024 بالأسواق    تشكيل منتخب الأرجنتين المتوقع أمام الإكوادور في كوبا أمريكا    أعشاب ومشروبات تعزز الصحة النفسية وقوة الدماغ    توفيق عبد الحميد يكشف عن حقيقة تدهور حالته الصحية    متى وقت أذكار الصباح والمساء؟.. «الإفتاء» تكشف التفاصيل    ناقد رياضي: متفائل بالتشكيل الوزاري وأدعم استمرارية أشرف صبحي في وزارة الرياضة    موعد إجازة رأس السنة الهجرية واستطلاع هلال شهر المحرم    اشتباكات وقصف مدفعي إسرائيلي على مخيمي «الشابورة» و«دوار النجمة» في رفح الفلسطينية    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: كريم عبد العزيز ل عمرو أديب أنا أهلاوي مجنون بحضور تركي آل الشيخ .. مفاجأة من وزير التموين للمواطنين بشأن الدعم على البطاقات التموينية    محافظ الدقهلية: العمل الميداني سر نجاح أي مسئول وقيادة.. ونعمل على حل مشاكل المواطنين ومحدوي الدخل    فرنسا تسحب نوع "كوكاكولا" بسبب مخاطر صحية: لا تشربوه    انخفاض يخالف التوقعات ب«حديد عز».. سعر الحديد اليوم في مصر الخميس 4 يوليو 2024    6 نصائح للعناية بالأسنان والحفاظ عليها من التسوس    ذكري ثورة 30 يونيو| أسقطت جماعة الإخوان أخطر تنظيم إرهابي في العالم    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    إصابة طفل وانهيار جزئي لعقار مجاور.. تفاصيل سقوط عقار بالحي القبلي في شبين الكوم    عبد الرحيم علي يشكر الوزراء والمحافظين الذين غادروا مواقعهم    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    فولكس ڤاجن تقدم أقوى Golf R فى التاريخ    عمرو أديب الزمالك «نمبر وان».. وكريم عبدالعزيز يرد: أنا اهلاوي مجنون (فيديو)    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    ميدو: المنتخب الأولمبي «بيشحت» لاعبيه من الأندية    «المصري اليوم» ترصد مطالب المواطنين من المحافظين الجدد    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    "مين كبر ناو".. شيكو يحتفل بعيد ميلاده    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    تقارير: عموتة يقود الجيش الملكي المغربي    حدث ليلًا| موعد إجازة رأس السنة الهجرية وحالة طقس الخميس    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    الكويت تعلن اعتقال مواطنين بتهمة الانضمام لتنظيم محظور    هاني سعيد: بيراميدز لم يعترض على طلبات المنتخب الأولمبي.. وهذا موقفنا النهائي    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جندى أمن مركزى
نشر في اليوم السابع يوم 07 - 04 - 2008

الوجه الآخر لجنود الأمن المركزى "الرعب الأسود" لمتظاهرى العاصمة، رأيته فى إضراب 6 أبريل وسط القاهرة، مجموعة من الشباب قليل الحيلة، لا يملك إلا أن ينفذ أوامر "الباشا" قائدهم، وهو فى الغالب شاب فى مقتبل العمر، يحمل على كتفيه نجمة أو أكثر.
هذه المرة كانت وجوه الجنود أكثر شحوباً من المعتصمين، بعد أن وحد سوء الظروف بين الجميع.
بالقرب من ميدان التحرير اقتربت من أحدهم، بعد أن رأيت ضابطهم غافياً فى مقدمة السيارة وقد غلبه الإرهاق، بادرت بالتحية فردها، مما شجعنى على الاستمرار، "إيه الأخبار؟" سألته فأجابنى "زى ما انت شايف، من إمبارح بالليل واحنا هنا، ومش عارفين اليوم دا هيخلص امتى ولا على إيه".
"معاك سيجارة؟" سألنى أحدهم من داخل السيارة، كانوا أربعة جنود، استبد بهم الإرهاق حتى أصبح إبقاؤهم على رؤوسهم فى الوضع الطبيعى رهناً بالعصا الخشبية التى يستخدمونها لضرب المتظاهرين، بعد أن استقرت أسفل ذقونهم، فوجدتها فرصة ذهبية لتبادل الحديث، رغم عدم امتلاكى السجائر، إلا أن الحديث استمر بيننا.
"السيد"، طالب السيجارة الصعيدى ذو البشرة السمراء، سألنى "إنت جاى فى المظاهرات مع اللى جايين؟" فأجبته بالنفى ليسألنى من جديد بتشكك "أمال لابس اسود ليه؟"، فأشرت إلى ملابسه "طب ما انت كمان لابس اسود .. يبقى جاى تتظاهر؟".
سألنى زميل آخر، كان متكئاً على كنبة داخلية بالسيارة "أمال انت بتسأل ليه؟ .. الباشا لو شافك هيسمعنا كلمتين وإحنا مش ناقصين"، فطمأنته بأننى أريد فقط أن أعرف أحوالهم، لأن قريباً لى ضمن قوات الأمن المركزى، وأرغب فى الاطمئنان عليه، ويبدو أن الزمالة المفترضة بينهم وبين قريبى "المزعوم"، إضافة إلى الإرهاق البادى على وجهى، خلقا حالة من الألفة بيننا، فانطلقوا يتحدثون معى دون تحفظ.
"مانمناش من يومين، خدونا إمبارح الضهر من المعسكر بعد ما خلصنا الخدمة، وجابونا على هنا، نقف 12 ساعة فى الشارع قدام فرق الكاراتيه و 12 ساعة جوه العربية مستنيين أى أوامر".
كان إرهاقهم بادياً يؤكد على صدق كلامهم، فسألت عن سبب عدم عودتهم للمعسكر بعد انتهاء الخدمة، وإن كانت هذه هى المرة الأولى التى يتبع فيها معهم مثل هذا الإجراء، ليجيبونى "إحنا مجندين .. وأمرنا مش بإدينا .. حكم النفس ع النفس ياباشا صعب"، قبل أن يؤكد لى أن هذه المرة مختلفة، لأن الباشا قائدهم، أخبرهم أن "ولاد الكلب (يعنى المتظاهرين) هيولعوا البلد"، فسألته "هل تصدق أنت هذا الكلام؟" فقال "لأ طبعا .. أنا عارف إن الناس طالعة علشان غلا الأسعار، والعيش اللى مش لاقيينه .. بس هنعمل إيه؟ قلتلك ياباشا الميرى، وحكم النفس ع النفس".
سألته عن "العيش"، هل يجدونه، ليرد على ضاحكاً "كلنا فى الهوا سوا"، ويبدو أن الحديث قد لاقى هوى عند أولهم، الذى بدأت حديثى معه، فحكى لى عن الجراية "الطعام الميرى"، التى لم تأت منذ ظهر الأمس، وحتى ظهر اليوم، أى لمدة 24 ساعة، إلا مرتين فقط، وبكمية أقل من المعتاد، "لأن العدد كبير، و"هيوكلونا منين؟" كما نقل لى التفسير الرسمى من رؤسائه، قبل أن يضيف "الباشا الظابط بيجيله أكله لحد عنده، وغير أكلنا طبعا، وكمان الجماعة بتوع مطعم "..........."أحد مطاعم الوجبات السريعة بميدان التحرير، بعتوا له هو والبشوات زمايله أكل مرتين".
سألتهم مباشرة: "ماذا ستفعلون إذا أمركم قادتكم بضرب المتظاهرين؟" .. فأكد أحدهم أنه لن يرفع عصاه فى وجه أى متظاهر، وليحدث ما يحدث، بينما بدا الباقون فى حيرة من أمرهم، حسمها "السيد" بقوله:"أنا هعمل نفسى بضرب، ومش هضرب حد .. منقدرش نقول لأ .. عايزين نعدى أيامنا فى الميرى، إحنا بنعدهم باليوم، ولا اللى فى السجن"، واتفق معه زملاؤه الذين بدا عليهم التردد، مؤكدين أنهم لا يريدون إيذاء أحد، ولكن الأوامر هى ما يجبرهم على ذلك، لأنهم لا ظهر لهم يحميهم، وينقذهم من المحاكمة العسكرية فى حال مخالفتهم الأوامر، بينما يملك المتظاهرين "ولاد الناس" كما وصفوهم، من يستطيع التوسط لإنقاذهم من السجن، أما هم فأهاليهم "غلابة، ومش وش بهدلة".
وقبل أن أسأل سؤالاً جديداً، فوجئت بيد ثقيلة تهز كتفى، وصاحبها ذو الملابس المدنية يسألنى عما أفعل فى المكان، قبل أن ينهرنى: "اتفضل من هنا يا أستاذ، الوقوف هنا ممنوع"، فتحركت من أمامه بهدوء، دون أن تفوتنى نظرة الرعب والانكسار التى ارتسمت على وجوه زملاء "قريبى المزعوم"، وانطلقت فى طريقى إلى ميدان طلعت حرب، ولم أنس أن ألقى بنظرة أخيرة على وجه الضابط المسئول عن عربتهم، والذى مازال نائما بعد أن هده التعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.