فرض حادث الاعتداء على الصحيفة الساخرة "شارلى إيبدو" بالعاصمة الفرنسية باريس، حالة من الانقسام فى مواقف وسائل الإعلام العالمية حيال الرسوم المتعلقة بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم، والتى سبق أن نشرتها "شارلى إيبدو" ونظر العديد من المسلمين إليها باعتبارها مسيئة، خاصة وأن الإسلام يحظر تصوير الأنبياء، فبعد الهجوم الدموى على مقر الصحيفة باتت وسائل الإعلام أمام المفاضلة بين خيارين: حرية التعبير والأمن الشخصى. وأوضحت شبكة CNN الإخبارية الأمريكية، على موقعها الإلكترونى، أنه تبعا لهذا الانقسام، تباينت التبريرات للقرارات، فالبعض وصف القضية بأنها "حساسة" فى حين رأى البعض الآخر أن منع النشر يعنى "فرض رقابة" إعلامية تستجيب لمطالب من يوصفون ب"الإرهابيين". وأكد الشبكة الأمريكية أنها كانت من بين وسائل الإعلام التى قامت خلال تغطيتها لهذه الأحداث بوصف محتويات الرسوم، ولكنها امتنعت عن إعادة نشرها، وهو قرار تطبقه منذ بداية ظهور تلك الرسومات قبل سنوات. وأضافت ناطقة باسم "سى إن إن": نحن دائما نناقش أفضل الطرق لمعالجة القضايا الأساسية والصور المتعلقة بها عبر جميع وسائلنا الإعلامية، وهذه النقاشات ستستمر اليوم ومستقبلا مع استمرار تطور القضية." أما وكالة "أسوشيتد برس" التى تعتبر أكبر وكالة أنباء فى العالم، فقد أكدت أن لديها "سياسة راسخة" تقتضى "عدم النشر المتعمد للصور المستفزة"، وأكد ناطق باسم الوكالة أن هذا النوع من الصور يشمل الرسومات الخاصة بالنبى محمد. من جانبه، قال جاكسون ديل، نائب رئيس تحرير صحيفة "واشنطن بوست" فى تغريدة له بموقع "تويتر" إن الصحيفة ستقوم بنشر أحد الرسوم التى سبق أن نشرتها صحيفة شارلى إيبدو فى "صفحة الآراء" الخميس، ولكنه امتنع عن تحديد طبيعة الرسم المعنى، مكتفيا بالقول إنه "سيساعد القراء على فهم القضية" ويعكس التضامن فى الوقت نفسه. وكان لصحيفة "نيويورك تايمز" موقف خاص، إذ ذكرت أنها ستكتفى حاليا بشرح محتويات الصور، بينما قالت شبكة NBC الإخبارية إنها ستمتنع عن بث "عناوين أو رسومات قد تعتبر مسيئة أو ذات طبيعية حساسة،" وينطبق القرار نفسه أيضا على شبكتى CNBC وMSNBC، إلى جانب شبكة ABC التى اتخذت قرارا مماثلا. من جانبه، قال أحد كبار المدراء بشبكة CBS إن الأخيرة لم تفرض حظرا على نشر الرسومات المتعلقة بالنبى محمد، ولكنها طلبت من محرريها القيام ب"الحكم الصائب" فى الأمور التحريرية، وقد تناولت نشرة الأخبار المسائية للشبكة بعض الرسومات وعرضتها، ولكن المواد التى اختارتها لم تشمل صورا للنبى محمد. ويبدو أن معظم وسائل الإعلام تأخذ بعين الاعتبار أن الصور الكرتونية المشابهة لتلك التى تنشرها صحيفة شارلى إيبدو مستفزة للكثير من المسلمين، وتزداد أهمية هذا المعطى بالنسبة لوسائل الإعلام التى لديها مكاتب فى الشرق الأوسط، غير أن بعض وسائل الإعلام قررت التعامل بطريقة مختلفة ونشر بعض الصور التى اعتبرت استفزازية، بما فى ذلك الصور التى رُسمت للنبى عام 2011، وأثارت ضجة واسعة. وبين وسائل الإعلام التى اتخذت قرارا مماثلا مواقع BuzzFeed وBusiness Insider وThe Huffington Post وGawkerوThe Daily Beast، وقد قام موقع The Daily Beast بتحديث معرض صور سبق له نشره عام 2011، فيه 16 من "أكثر الأغلفة إثارة للجدل" لصحيفة "شارلى إيبدو"، وقال المحرر التنفيذى للموقع، نواه شاثمن، إن النشر لم يتم لأسباب تحريرية فحسب، بل وأيضا لإظهار التضامن مع الصحيفة الفرنسية. وهاجم شاثمن وكالة "أسوشيتد برس" بسبب قرارها منع نشر الصور قائلا إنها "تفتقد للجرأة". كما قام موقع "واشنطن فرى بيكن" المحافظ بإعادة نشر ما قال إنها "صور الكارتون التى لا يرغب المتطرفون بعرضها" واعتبر خطوته "تحية" للصحيفة الفرنسية. موضوعات متعلقة الفرنسية: انفجار فى مطعم بالقرب من مسجد بشرق فرنسا ولا ضحايا إصابة شرطيين فرنسيين فى إطلاق نار بمحطة مترو بباريس وزير داخلية فرنسا: التحقيق مع 7 مقربين من منفذى هجوم "شارلى إيبدو"