كنوز| خطة حرب أكتوبر فى «كراسة» الجنرال النحيف المخيف    «مياه القناة»: التشغيل التجريبي لمحطة صرف صحي المحسمة قريبا    مواعيد مباريات كأس السوبر المصري 2024 .. والقنوات الناقلة    الأهلي يعلن انتقال عمر سيد معوض إلى ريال بيتيس    ضبط 2.6 طن لحوم مجهولة المصدر بكفر الشيخ    المتحف المصري الكبير.. صرح حضاري في قلب مصر يستعد لاستقبال العالم    تقديم خدمات طبية ل298 مريضا في قافلة التحالف الوطني بكفر الشيخ    حملات تفتيشية مكثفة تضبط 7 آلاف قضية سرقة كهرباء و435 قضية ضرائب    زيلينسكي: "خطة النصر" الأوكرانية تتضمن الانضمام للناتو    مهرجان الجونة السينمائي.. "سيني جونة للأفلام القصيرة" يعلن عن الأعمال المرشحة لجوائز الإنتاج    فيلم بنسيون دلال يحقق مليون و243 ألف جنيه في أول أسبوع عرض    شيخ الأزهر: اختص الله مجلس الدولة بمسؤولية إقامة العدل بين الناس    صافرات الإنذار تدوي في قاعدة رامات ديفيد.. تصعيد جديد في جنوب حيفا    القبض على صاحب نادي حاول تهريب عملات أثرية خارج البلاد    النيابة تحقق في سقوط طفل من الطابق الخامس في الإسكندرية    كل أشكال المخدرات.. تطورات جديدة ضد 3 عناصر إجرامية في السلام    طارق يحيى يشيد ب حسام حسن ويوضح: فعل مثل كيروش    سيف شاهين يتراجع عن خوض انتخابات ألعاب القوى    الزمالك يتأهل لنصف نهائي بطولة إفريقيا لليد وينتظر الأهلي    رئيس دار الوثائق بإمارة الشارقة يزور مكتبة الإسكندرية    توتر وإحراج.. قصة رفض نيكول كيدمان التقاط صورة مع سلمى حايك    «الوزراء» يوافق على تعديل قانون تنظيم «مكافحة الهجرة غير الشرعية»    عميد طب طنطا يفتتح المرحلة الثانية من المبادرة الرئاسية «بداية»    رئيس جامعة كفر الشيخ يترأس لجنة اختيار عميد كلية العلاج الطبيعي    أحمد مالك وآية سماحة يبدأن تصوير فيلم 6 أيام.. صور    محافظ سوهاج يتابع تنفيذ المرحلة الثانية لمشروع تطوير وتوسعة الكورنيش الغربي    خطة النواب تناقش وزير المالية في حزمة التيسيرات الضريبية الأسبوع القادم    انخفاض درجات الحرارة على أغلب الأنحاء.. تعرف على حالة الطقس غدا الخميس    وزيرة التضامن تقرر تشكيل لجنة لتطوير الوحدات الاجتماعية بالجمهورية    إعدام 15 طن أسمدة مغشوشة وضبط 5 أطنان فول صويا يشتبه فى صلاحيتها بالغربية    بالصور.. "التعريف بالاتحاد العام لشباب العمال" ندوة بمركز إسنا    اليوم العالمي للغذاء.. 44.8٪ زيادة في انتاج الأرز عام 2022 / 2023    ميناء الإسكندرية تستلم القاطرة البحرية "مختار " وتضمها إلى أسطولها    المستشار الألماني: لن نقبل بأن تهاجم إيران إسرائيل بالصواريخ وطهران تلعب بالنار    يويفا يكشف موعد قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2026    انتخابات أمريكا.. 300 ألف ناخب فى جورجيا يذهبون للتصويت المبكر    برغم القانون الحلقة 24.. تقرير الطب الشرعي يثبت عدم نسب الأبناء لأكرم    حكم إخراج الزكاة على ذهب المرأة المستعمل للزينة.. الإفتاء تجيب    الأزهر للفتوى محذرا من تطبيقات المراهنات الإلكترونية: قمار محرم    الرقابة المالية تلزم المؤسسات بالتحقق من صحة بيانات ملكية رقم الهاتف المحمول لعملائها    نائب وزير الإسكان يبحث مع شركة عالمية توطين صناعة المهمات الكهروميكانيكية    وزير الصحة الألماني يحث المواطنين على تلقي لقاحات الإنفلونزا الموسمية وفيروس كورونا    رئيس جامعة القاهرة يترأس اجتماع مجلس كلية طب لمتابعة تنفيذ تطوير قصر العينى    الرقابة الصحية: 12 منشأة صحية فى 5 محافظات تحصل على اعتماد "جهار"    عضو لجنة الفتوى بالأزهر يوضح صيغة دعاء نهى النبي عنها.. احذر ترديدها    «المحامين» تعلن مواعيد جلسات حلف اليمين القانونية للمتقدمين الجدد    "سلامتك تهمنا".. وزارة العمل تنظم ندوة توعوية لعمال القليوبية    الولايات المتحدة لا تزال أكبر سوق تصدير للاقتصاد الألماني    أيمن يونس: حسام حسن علاقته تحسنت بلاعبي منتخب مصر    مواليد 5 أبراج لا يعرفون الاستسلام.. تعرف عليهم    دقيقة حداد بمدرسة صلاح نسيم في السويس على أرواح ضحايا حادث الجلالة    أبرزها تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية.. نتائج زيارة ولي عهد السعودية لمصر    مدرب صربيا بعد الهزيمة: منتخب إسبانيا كان أكثر إبداعا وسرعة    سلسلة غارات إسرائيلية تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت    «نعمة الماء» من خلال ندوات برنامج المنبر الثابت بمساجد سيناء    البرازيل تسحق بيرو برباعية وتقترب من التأهل إلى مونديال 2026    الإفتاء: الأمن فى القرآن ذكر فى الجنة والحرم ومصر    واشنطن تمهل إسرائيل 30 يومًا وإلا ستقطع المساعدات العسكرية.. ما القصة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطلاق الشفوى (1)
نشر في اليوم السابع يوم 08 - 12 - 2014

المقصود بالطلاق الشفوى أو الشفهى هو التلفظ به عن طريق الشفتين من الإنسان، وهما طبقا الفم دون تحرير هذا الطلاق فى وثيقة رسمية، فهو نسبة إلى الشفة - بفتح الشين مشددة - على وزن فعة، فهى منقوصة بحذف اللام، أما التاء المربوطة فى الشفة فهى تاء التأنيث، واختلفوا فى أصل هذه اللام على قولين، أحدهما: أن الناقص من الشفة واو. فأصل الكلمة: شفوة، لأنه يقال فى الجمع شفوات بالواو مثل سنوات، الثانى: أن الناقص من الشفة هاء، فأصل الكلمة شفهة، لأن تصغيرها شفيهة وجمعها شفاه بالهاء. قال ابن منظور فى «لسان العرب»: والهاء أقيس والواو أعم.
وبدأت قضية «الطلاق الشفوى» تظهر كمشكلة فقهية فى مقابلة «الطلاق الرسمى» لأول مرة فى تاريخ المصريين منذ أكثر من ثمانين عامًا من يومنا هذا، وبالتحديد اعتبارًا من أول أغسطس سنة 1931م، عندما صدرت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931م، الذى ينص فى مادته رقم (17) على أنه: «لا تقبل عن الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج فى الوقائع اللاحقة على أول أغسطس سنة 1931م ما لم يكن الزواج ثابتًا بوثيقة رسمية».
وكانت الدولة المصرية قد تدرجت بالرفق على رعاياها المواطنين للأخذ بأيديهم إلى نظام توثيق عقود زواجهم وطلاقهم كتطور طبيعى للدولة الحضارية التى تجدد نفسها، بحسب التراكم المعرفى للأجيال السابقة، فقد بدأ التعليم ينشط بين المصريين بمطلع القرن العشرين الميلادى، ويكثر عدد الذين يجيدون القراءة والكتابة بحسب قواعد الإملاء الصحيحة وقواعد الخطوط العربية السليمة، وذلك فى ظل عودة المبتعثين من خيرة شباب المصريين الذين أوفدوا إلى فرنسا وبعض الدول الأوروبية لتحصيل فنون القانون والإدارة والسياسة، ووجدوا فى تلك الدول انضباطًا للمعاملات بتحرير عقود رسمية فى التصرفات ذات الأثر لقراءة أحوال المجتمع وحركته بما يساعد متخذى القرار على الارتقاء بالمستوى العام للمواطنين عن طريق علم الإحصاء البيانى لأعداد المتزوجين والمنفصلين والعزاب، كما تفيد تلك العقود الرسمية أطراف التعاقد لاشتمالها على شروط المتعاقدين بحسب تراضيهم ورؤيتهم المستقبلية لمآل عقودهم، حتى يكون أطراف التعاقد هم أسياد أنفسهم فى آثار عقودهم دون تدخل طرف ثالث بينهم، ولو كان هذا الطرف هو القاضى، وحتى يلتزم أطراف التعاقد بما وقع الاتفاق عليه فلا يظلم أحد المتعاقدين صاحبه بدعوى النسيان أو بعدوان الظلم والإنكار، وكانت عقود الزواج والطلاق فى مصر تبرم بالمشافهة، ويقع الزوجان فى خطر التزامهما بالأمانة والمروءة أخلاقيًا، لعدم وجود ما يلزمهما توثيقيًا، كما كان يكثر النزاع بين الزوجين بسبب ممارسة أحدهما شيئًا لم يحسم عند إبرام عقد الزواج فيرفضه الآخر مثل عمل الزوجة واحتفاظها بدخلها، ومثل الزواج الثانى للزوج على زوجته، وعدم إنفاق الزوج على علاج زوجته أو سفرها لصلة رحمها، وغير ذلك مما يستلزم تدخل أطراف التحكيم أو القضاء للفصل فى تلك النزاعات، فلو أن الزوجين قد أثبتا فى عقد زواجهما رؤيتهما عن تراض لما عساه أن يكون مثارًا للنزاع بينهما لقل احتياجهما إلى طرف ثالث لفض نزاعاتهما المعيشية.
ومن هنا كانت فكرة تحرير عقود الزواج والطلاق، وظهرت وظيفة جديدة فى المجتمع المصرى يتكسب منها أصحابها هى وظيفة المأذونين التى بدأت سنة 1890م عندما صرحت المحاكم الشرعية لهم بتحرير عقود الزواج والطلاق عن طريق تصاريح خاصة، ثم صدرت أول لائحة لعمل المأذونين فى مصر سنة 1915م.
ولم تتجه الدولة المصرية إلى إلزام مواطنيها قسرًا بتوثيق عقود زواجهم وطلاقهم حتى تأخذ بأيديهم رفقًا إلى التوثيق من باب تحقيقه لمصالحهم وضمانه لحقوقهم. وليس من باب التسلط أو تقييد الحريات، وهذا يتكشف للمواطنين تدريجيًا شيئًا فشيئًا من خلال ما يقع من ظلم أحد الزوجين على صاحبه بسبب عدم توثيقه لعقد زواجه، كهروب الزوج أو إنكاره لعلاقة الزوجية، أو كهروب الزوجة أو زواجها بآخر أو تبليها على زوجها الشفوى باغتصابها، وكغير ذلك مما يحدث بسبب خراب الذمم بحكم الانفتاح الذى لا مفر منه. ولا يستطيع القضاء أن يحسم أكثر تلك النزاعات بسبب شهود الزور الذين يستقوى بهم طرفا الدعوى، خاصة الظالم منهما، فلو تحررت عقود الزواج والطلاق رسميًا لما استقوى أحد الزوجين على صاحبه بشهود الزور فى إثباتها أو نفيها.
ثم توجهت الدولة المصرية إلى سن قانون يمنح الملتزمين بتوثيق عقود زواجهم وطلاقهم ميزة الانتفاع بخدمة التقاضى إلا فى إثبات النسب بالزواج المكتوب الذى يحمل إمضاء الزوج، مراعاة لحق الأطفال وذلك بالقانون رقم 78 لسنة 1931م، فلم يعد لمن أبرم زواجه من أول أغسطس سنة 1931م بدون توثيق رسمى حق فى رفع دعوى قضائية لمقاضاة زوجه الآخر، وجعل ذلك وسيلة ضغط أدبية للمواطنين فى توثيق عقود زواجهم وطلاقهم، فالمواطن العنيد الذى يرفض توثيق زواجه لن يتمكن من إرث زوجه الذى مات فى حياته وفقًا للنظام القضائى الرسمى، وليس له الحق فى مقاضاة زوجه الذى تنكر لمعرفته، ولا تملك الزوجة مقاضاة زوجها الممتنع عن الإنفاق عليها لعدم توثيقها لعقد زواجها، ولا يملك الزوج مقاضاة زوجته التى تزوجت بغيره وهى على ذمته فى عقد زواج غير موثق، حتى يرشد الناس ويدركوا أهمية التوثيق لحياتهم فيمتنعون من تلقاء أنفسهم عن الزواج الشفوى ويلتزمون طوعًا بالزواج الرسمى الموثق الذى يساعد المجتمع على الحضارة مبكرًا. وكان استثناء إثبات النسب فى الزواج غير الموثق لمصلحة الطفل الذى لا ذنب له فى إهمال والديه بشأن توثيق زواجهما، فتنص المادة السابعة من القانون رقم 78 لسنة 1931م على أنه: «لا تقبل عند الإنكار دعوى الإقرار بالنسب أو الشهادة على الإقرار به بعد وفاة المورث إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة بخط المتوفى وعليها إمضاؤه».
ثم توجهت الدولة المصرية إلى سن تعديل قانونى يستثنى من منع المتزوجين شفويًا بغير توثيق من حق رفع دعاوى قضائية ناشئة عن هذا الزواج ما لو كان رفع الدعوى لطلب التطليق أو الفسخ لفك أسر الزوجة من رباط الزوجية الدينى عند هجر زوجها الشفوى لها، وذلك بعد انتشار ظاهرة الزواج الشفوى غير الموثق بين طلبة وطالبات بعض الجامعات المصرية، فصدر التعديل بالقانون رقم (1) لسنة 2000م والذى حل محل القانون رقم 78 لسنة 1931م بشأن إجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية والذى أضاف إلى المادة (17) التى تمنع قبول دعاوى ناشئة عن عقد زواج وقع لاحقًا لأول أغسطس سنة 1931م ما لم يكن الزواج ثابتًا بوثيقة رسمية ما نصه: «ومع ذلك تقبل دعوى التطليق أو الفسخ بحسب الأحوال دون غيرها إذا كان الزواج ثابتًا بأية كتابة».
ونشأ مصطلح «الزواج العرفى» وهو الزواج الشفوى فى مقابلة ما عرف «بالزواج الرسمى» المقيد فى وثيقة رسمية لأول مرة فى مصر اعتبارًا من أول أغسطس سنة 1931م، وهو تاريخ العمل بالقانون رقم 78 لسنة 1931م بشأن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، الذى يقضى بعدم نظر الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج الواقع لاحقًا من هذا التاريخ إلا أن يكون ثابتًا بوثيقة رسمية. وقد ترتب على صفة الزواج الرسمى بقاء علاقة الزوجية بصفة رسمية إلى أن يثبت عكسها بصفة رسمية، وهذا ما أثار قضية «الطلاق الشفوى» فى الفقه الدينى، وللحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.