تحتفل ساقية الصاوى ودار الأوبرا المصرية خلال الأسبوع المقبل بذكرى ميلاد موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وذلك من خلال حفل غنائى فى ساقية الصاوى يوم الأحد المقبل، تحييه فرقة عاشق النهر الخالد وتقدم من خلاله عددا من أغنياته الشهيرة لإحياء ذكراه، منها "هان الود" و"لا مش أنا اللى أبكى" و"بفكر فى اللى ناسينى" و"من غير ليه" و"خايف أقول اللى فى قلبى"، كما تنظم دار الأوبرا المصرية حفلا موسيقيا تقدمه فرقة الموسيقى العربية لهذه المناسبة. يذكر أن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ولد فى 13 مارس 1902 فى حى باب الشعرية ووالده الشيخ محمد أبو عيسى كان يعمل كمؤذن وقارئ فى جامع سيدى الشعرانى وأُلتحق بكتّاب جامع سيدى الشعرانى بناء على رغبة والده، الذى أراده أن يلتحق بالأزهر ليخلفه بعد ذلك فى وظيفته وحفظ عدة أجزاء من القرآن قبل أن يهمل تعليمه ويتعلق بالغناء والطرب، حيث شغف بالاستماع إلى شيوخ الغناء فى ذلك العصر مثل الشيخ سلامة حجازى وعبد الحى حلمى وصالح عبد الحى، وكان يذهب إلى الموالد والأفراح التى يغنى فيها هؤلاء الشيوخ للاستماع لغنائهم وحفظ أغانيهم، ولم ترض الأسرة عن هذه الأفعال فكانت تعاقبه على ذلك. بعدها قابل محمد عبد الوهاب الأستاذ فوزى الجزايرلى صاحب فرقة مسرحية بالحسين الذى وافق على عمله كمطرب يغنى بين فصول المسرحيات التى تقدمها فرقته مقابل 5 قروش كل ليلة، وغنى عبد الوهاب أغانى الشيخ سلامة حجازى متخفياً تحت اسم "محمد البغدادى" حتى لا تعرفه أسرته وبعد توسط الأصدقاء وافقت أسرته أخيراً على غنائه مع أحد الفرق وهى فرقة الأستاذ عبد الرحمن رشدى على مسرح "برنتانيا" مقابل 3 جنيهات فى الشهر، وكان يغنى نفس الأغانى للشيخ سلامة حجازى، وحدث أن حضر أحمد شوقى أحد عروض الفرقة وبمجرد سماعه لعبد الوهاب قام متوجهاً إلى حكمدار القاهرة الإنجليزى آنذاك ليطالبه بمنع محمد عبد الوهاب من الغناء بسبب صغر سنه، ونظراً لعدم وجود قانون يمنع الغناء أًخذ تعهد على الفرقة بعدم عمل عبد الوهاب معهم. فى عام 1924 أُقيم حفل بأحد كازينوهات الإسكندرية أحياه محمد عبد الوهاب وحضره رجال الدولة والعديد من المشاهير، منهم أحمد شوقى الذى طلب لقاء عبد الوهاب بعد انتهاء الحفل، ولم ينس عبد الوهاب ما فعله به أحمد شوقى بمنعه من الغناء وهو صغير وذكّر أحمد شوقى بذلك الذى أكد له أنه فعل ذلك خوفاً على صحته وهو طفل، ومنذ تلك المقابلة تبناه أحمد شوقى، وتعتبر السبع سنوات التى قضاها عبد الوهاب مع أحمد شوقى من أهم مراحل حياته، حيث اعتبر أحمد شوقى مثله الأعلى والأب الروحى له الذى علمه الكثير من الأشياء فكان أحمد شوقى يتدخل فى تفاصيل حياة عبد الوهاب وعلمه طريقة الكلام وكيفية الأكل والشرب، وأحضر له مدرسا لتعليمه اللغة الفرنسية لغة الطبقات الراقية فى ذلك الوقت. وفى عام 1925 كان لقاء السحاب بين موسيقار الأجيال وكوكب الشرق بمنزل أحد الأثرياء (محمود خيرت) والد الموسيقار أبو بكر خيرت، حيث غنيا معاً دويتو "على قد الليل ما يطوّل" ألحان سيد درويش، بعد ذلك لحن لها أغنية "غاير من اللى هواكى قبلى ولو كنت جاهلة"، رفضت أم كلثوم أن تغنيها فغناها عبد الوهاب، ومن بداية الثلاثينيات وحتى أواخر الأربعينات كانت الصحف تلقب كلاً من عبد الوهاب وأم كلثوم بالعدوين إلا أنه جرت محاولات للجمع بينهم وجاءت أغنية "أنت عمرى" كأول عمل مشترك بينهم، وقد حققت الأغنية نجاح ساحق شجعهم على المزيد من التعاون لتغنى أم كلثوم عشر أغنيات من ألحان عبد الوهاب خلال تسع سنوات فقط ومنها "أنت عمرى" و"أنت الحب" و"أمل حياتى" و"فكرونى" و"هذه ليلتى" و"ودارت الأيام". كما تعاون عبد الوهاب مع العندليب عبد الحليم حافظ من خلال مجموعة من الأغانى مثل أغانى فيلم "أيام وليالى" وأشهرها أغنية "توبة"، وأغانى فيلم "بنات اليوم" وأشهرها أغنية "أهواك"، و"فوق الشوك"، و"قوللى حاجة"، و"لست قلبى"، و"الوى الويل"، و"ياخلى القلب"، و"فاتت جنبنا"، و"نبتدى منين الحكاية". كما لحن عبد الوهاب لعدد كبير من المطربين والمطربات منهم فايزة أحمد وليلى مراد ونجاة الصغيرة ووردة وصباح ووديع الصافي. وقدم عبد الوهاب عددا كبيرا من الأفلام الناجحة منها "الوردة البيضا" و"دموع الحب" و"يحيا الحب" و"يوم سعيد" و"لست ملاكا" و"رصاصة فى القلب"، وحصل عبد الوهاب على جوائز تقديرية عديدة خلال مشواره الفنى منها "الجائزة التقديرية فى الفنون" عام 1971 و"الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون" عام 1975 و"رتبة اللواء الشرفية من الجيش" وتوفى عبد الوهاب فى 3 مايو 1991 وشُيعت جنازته فى 5 مايو فى جنازة عسكرية.