سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فى الذكرى الثانية لجلوسه على كرسى الكرازة المرقسية.. مفكرون أقباط يشيدون بوطنية البابا تواضروس.. كمال زاخر: البابا خبير بالإدراة بحكم دراسته الأكاديمية.. سليمان شفيق: يسير بمنهج المشاركة والتوافق
عامان مرا على جلوس الأنبا تواضروس الثانى، على كرسى الكرازة المرقسية، خلفًا للبابا شنودة الثالث، الذى توفى فى مارس 2012، فى وقت صعب تشهد فيه البلاد تحولات كبرى، أثبت فيها البابا الجديد أنه امتداد طبيعى لمدرسة الوطنية المصرية، التى تعد الكنيسة القبطية واحدة من أهم مكوناتها. جاء البابا تواضروس الثانى ليؤكد على المحبة والسلام بين المصريين، على مختلف توجهاتهم، ويسير على درب من سبقوه من باباوات، مثبتًا أنه يمتلك القدرة والحكمة، ووضعته العناية الإلهية لإحداث ثورة تنظيمية داخل الكنيسة، وفتح بابها لكل أبنائها محاولًا استيعاب الجميع ولبى نداء الوطن عندما احتاجت مصر لتكاتف كل أبنائها لكى تتخلص من الطاغوت الإخوانى ولعبت الكنيسة بقيادته دورا مهما فى اكتمال اللحمة الوطنية والصورة العظيمة، التى ظهرت للعالم. يرى مفكرون أقباط أن ظروف اعتلاء البابا تواضروس الثانى للكرسى البابوى شبيهة لاعتلاء البابا شنودة الثالث أيضا، فكلاهما بدأ مهامه البطريركية مع صعود التيارات الإسلامية، الأمر الذى حتم الصدام معهم. فمن جانبه، أكد كمال زاخر، منسق التيار العلمانى، أن المناخ الذى كان سائدا فى عهد كل البابا "شنودة" يشبه المناخ الذى جاء فيه البابا "تواضروس"، مشيرًا إلى أن "البابا شنودة جاء معاصرا لمجىء السادات، وكانت مصر تشهد مرحلة انتقالية شديدة الحساسية بين عبد الناصر والسادات وما تبعها من تغيرات جذرية فى سياسية الدولة، ومجىء البابا تواضروس أيضا جاء فى ظروف متقلبة ومتغيره أعقاب ثورة يناير وامتد لحكم الإخوان وما تبعه من متاعب وقلائل، مؤكدا أن تواضروس لديه خبرة أكثر فى الإدارة بحكم دراسته الأكاديمية عن الإدارة فى إنجلترا. وأوضح "زاخر"، أن الفرق بين الاثنين أن "تواضروس" لا يتعامل مع الأمور من منطلق سياسى مثل "شنودة"، بل بشكل أكثر هدوءا، لأن الضغوط مختلفة، وكلاهما يتكلم عن كيان روحى وهو كيان الكنيسة والمرتبط بالضوابط المستقرة داخل الكنيسة من ضمنها الاعتكاف، حيث إنها فكر ذهنى مرتبط بهما، كما أن الأزمات، التى عانوا منها مصدرها واحد، وهى استهداف الأقباط، وهذا يعاد إنتاجه فى الدستور، والذى يقوده السلفيون ورثة الإخوان، فالتعاطى واحد والاختلاف هو التوقيت والفرق الجيلى بين الاثنين وأدوات التعاطى، فما هو متاح للبابا تواضروس كان غير متاح للبابا شنودة وجيله، و"تواضروس" اتجه للاعتكاف أيضًا فى حادث الكاتدرائية، وعندما رأى أنها فكرة غير مجدية وكافية ولا ترسل رسائل لمستحقيها، وهم القائمون على الحكم، وكأنهم يقولون "اعتكف.. خير وبركة"، بدأ فى التفاعل مباشرة مع الأزمات.. وعن العمل السياسى للبابا تواضروس. أكد "زاخر"، أن البابا استطاع أن يدرك الخيط الرفيع بين العمل السياسى والوطنى، وأن ينجح فى الفصل بينهما، حيث يتحدث من منطلق وطنى ورفض الزج بالكنيسة فى السياسة، موضحًا أن "تواضروس" يرفض أن يكون "زعيما سياسيا للأقباط" عكس البابا شنودة، والتى حتمت ظروف البلاد عليه ذلك، حيث وجد نفسه لا مدافعا عن حقوق الأقباط بل وجودهم. ولفت إلى أن البابا تواضروس انتهج نهجا جديدا فى التعامل مع ملف "العلمانيين الأقباط"، وعندما جاء تعامل معهم بنوع من الحرج وقابلهم وتقبل مقترحاتهم ووعد بدراستها وفتح معهم باب الحوار. وطالب "زاخر" بإعادة هيكلة طاقم سكرتارية البابا تواضروس، مستبعدا أن يتم التكتل ضد البابا تواضروس، مشيرا إلى أن طبيعة النظام الهرمى الكنسى تستبعد ذلك، ولا يدير هذا إلا صاحب مرض ما، لافتا إلى أنه بعد وفاة البابا شنودة أصاب ذلك البعض بشىء من الضرر لأنهم فقدوا مصالح تعرضهم للاهتزاز، وعليهم الارتفاع إلى تحديات اللحظة، رافضا ما وصفه البعض بتشكيل جبهة للبابا تواضروس فى المجمع المقدس عن طريق تجليس ورسامة أساقفة جدد بأعداد كبيرة، مؤكدا أن فكرة الصراع ليست موجودة، ولكن فكرة المصالح عند البعض موجودة، خاصة أن الصراع بين الحمام والصقور مازال قائما، والإعلام إحدى أدواته، وسط محاولة البابا لاحتواء ذلك الصراع، مؤكدا أن البابا تواضروس لا ينفرد بالقرار حتى لو أراد ذلك وظهر جليا أنه يستشر الجميع قبيل اتخاذ قراراته. فيما أكد المفكر والكاتب القبطى سليمان شفيق، أن هناك فرقا بين البابوين، ف"شنودة" كان زعامة كاريزمية شهدت خبرات طويلة وتمثل جيلا ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية وجيلا ظهر فيه مكرم عبيد وكان البابا واعظا فى كتلة الوفد، وكان له رؤية سياسية ويمثل جيلا لا يفصل بين الدين والسياسة، عكس البابا تواضروس فهو من جيل ما بعد ثورة 25 يناير، وهو جيل تربى على معطيات وطنية جديدة، ودرس فى لندن قبل أن يرسم راهبا، فكان واحدا من الأساقفة القلائل الأساقفة الذين كونوا وجهة نظرهم فى الغرب قبل الحياة البرية. وأشار شفيق إلى أن البابا شنودة كان ابن الثورة الصناعية، أما "تواضروس" فهو ابن الثورة التكنولوجية، والأحداث التى حدثت فى عام منذ تولى "تواضروس" لم تحدث فى قرن، من حيث حدتها وعددها فهى توازى عدد الأحداث التى حدثت فى 20 عاما. وعن إدارة الكنيسة، أكد "سليمان أن مساحة اتخاذ البابا تواضروس للقرار مختلفة عن البابا شنودة، الذى كان يتخذ القرار والباقى ينفذه، أما المنهج منذ أيام الأنبا باخوميوس مطران البحيرة، والذى تولى منصب القائم مقام عقب وفاة البابا شنودة حتى الآن هو المشاركة واتخاذ الآراء والتوافق مع الآخرين قبيل اتخاذ القرار، بدليل أنه لأول مرة كان للعلمانيين دور، واتخذ رأيهم قبل الانسحاب من الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور فى 2012، كما أن البابا شنودة ألغى المجلس الملى، حيث أصبح بلا فعالية، أما البابا تواضروس فقد أكد على أهميته وإعادة هيكلته مبديا رغبته فى تغيير اسمه، حيث إن كلمة "ملى" طائفية. فيما أكد مدحت بشاى، الكاتب والمفكر القبطى، أن البابا تواضروس الثانى منذ اليوم الأول لمباشرة دوره الرعوى والوطنى والروحى والاجتماعى والإنسانى واجه العديد من التحديات، منها ما فرضه الواقع السياسى على أداء الكنيسة على مدى حقب كثيرة من أمور ربما لم يكن هناك اتفاق كامل عليها من قِبل كل رموز الكنيسة الكبار أعضاء المجمع المقدس، إلى جانب أمر آخر هو أن البطريرك 118 يجلس على كرسى بطريرك سكن وجدان وعقل الشعب المصرى على مدى 40 سنة هو البابا شنودة الثالث" بكاريزيمته" الطاغية وثقافته المتنوعة المصادر والنوعيات. وأوضح بشاى أن التحدى الأكبر الذى واجه البابا تواضروس الثانى، هو وجود جماعة الإخوان ورموزها فى كراسى السلطة والسلطان، وموقف الرئيس المعزول محمد مرسى من الكنيسة، وإصراره منذ اليوم الأول لجلوس البابا على كرسيه على رفض تهنئة أبناء شعبه من المسيحيين فى كاتدرائيتهم ووصولًا للموقف السلبى من جانب الرئاسة من أحداث ضرب الكنائس والتهجير القسرى للأقباط، وما قاله "مرسى" حول علاقته بالكنيسة وكيف أنها باتت فاترة.. وتابع، لقد واجه البابا حملات عدائية تهاجم الكنيسة قبل مضى أقل من شهر من تاريخ جلوسه على كرسيه فى زمن الإخوان وحملاتهم لتشويه صورته، ولكنه استطاع بحكمته أن يجنب البلاد والعباد مخاطر حالة حرب أهلية عقب أحداث فض اعتصام "رابعة" و"النهضة" والحالة الجنونية، التى دفعت بالإخوان، ومن لف لفهم لحرق وتدمير وهدم العشرات من الكنائس والمؤسسات المسيحية وقوله، "إن الكنائس يمكن تعويضها أما البشر وهدر الدماء، لا يمكن أن ننساق للتضحية بها". وأوضح بشاى، أن البابا تواضروس اهتم بمستقبل الكنيسة، حيث قال، "يجب أن نهتم بفصول التربية الكنسية منذ الصغر، وأن نجعل فصول إعداد الخدام من أولوياتنا، فالخدمة هى التى سوف تصنع نهضة جديدة داخل الكنائس سواء بمصر أو ببلاد المهجر". أخبار متعلقة كشافة الكاتدرائية يحتفلون بالذكرى الثانية لتجليس البابا تواضروس