باتت مشكلة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى كارثة تتفاقم يوما بعد يوم وتهدد قطاعات اقتصادية كبيرة بخسائر مروعة لا يتصورها أحد، فتكلفة الظلام أو قل الفاقد الاقتصادى نتيجة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى لا يعيرها أحد بالا أو اهتماما ولكن ينصب اهتمام المسئولين فقط بأنه لابد من التحمل حيث إننا فى مرحلة صعبة مطلوب من الجميع أن يتكاتف حتى نعبر ما نحن فيه وإن صح هذا، إلا أنه لا يغنى عن التفكير فى المشكلة بشكل أعمق من السطحية والعاطفة وفقط، ولتوضيح الفكرة سنناقش الأمر بشكل علمى من خلال النقاط التالية: يبلغ معدل انقطاع التيار الكهربائى فى معظم الأنحاء من 3 إلى 4 مرات يوميا بمتوسط ساعة لكل مرة بما يعادل فى المتوسط ثلاث ساعات من ساعات العمل والإنتاج مما يمثل 20% من الطاقة الإنتاجية للمجتمع التى تشكل فى مجموعها الناتج القومى المحلى للدولة. يبلغ الناتج القومى الإجمالى (من السلع والخدمات) المتوقع للعام المالى 2014 – 2015 ما قيمته 270 مليار دولار وهو مايقارب 2 تريليون جنيه مصرى (كقيمة اسمية) يبلغ الفاقد الاقتصادى نتيجة انقطاع التيار الكهربائى منه 133 مليار جنيه سنويا بنسبة 6.66% (20% مقسومة على 3 لشهور الذروة من يونيو و حتى نهاية سبتمير). كان من المفترض أن يصل دعم الطاقة فى الموازنة الجديدة للعام المالى 2014 – 2015 حوالى 130 مليار جنيه تم تقليصها إلى 100 مليار جنيه بعد الرفع الجزئى عن دعم المواد البترولية نتيجة الزيادة الأخيرة لأسعار البنزين والسولار. كتيجة مباشرة لمشكلة انقطاع التيار الكهربائى تفقد الدولة قيمة تفوق قيمة الدعم الموجه للطاقة يمكنها من استيراد مواد بترولية لتشغيل محطات توليد الكهرباء بشكل كفء أو ضخها كاستثمارات لإنشاء محطات جديدة تساعد فى تخفيف الأحمال عن المحطات القائمة. أما كنتيجة غير مباشرة فإن قطاع الأعمال المتمثل فى المنشآت المتوسطة والصغيرة والتى ليس لديها القدرة على توفير مصادر بديلة للتيار الكهربائى فإنها سوف تحقق أرباحا أقل بكثير مما كانت تسعى إلى تحقيقه مما يترتب عليه انخفاض الحصيلة الضريبية (والتى تقدر فى الموازنة الحالية بمبلغ 358 مليار جنيه ما بين الضريبة على المبيعات والضريبة العامة على الدخل وباقى الأوعية الضريبية الأخرى) على نشاط ذلك القطاع نظرا لتدنى إيراداته وبالتالى انخفاض الأرباح التى يحققها وقد يتعثر البعض فى سداد التزاماته الضريبية أو يتهرب البعض الآخر من سداد الواجب الضريبى سخطا منه على استمرار تلك المشكلة خصوصا وأن الرواج الاقتصادى والتجارى مرتبط بشكل كبير بشهور الصيف والتى تصل فيها المشكلة إلى ذروتها. تحليل المشاكل واستقراء ما بها من مكونات وعناصر قد يصل بنا إلى حلول سهلة وممكنة، أما التفكير فى المشكلة وتصديرها على أنها عصية على الحلول والتعامل معها على أنها أمر واقع فهذه هى الطامة الكبرى ومردودها إلى غياب الرؤية الصائبة والإدارة الراشدة وإن توفرت الإرادة، فالإرادة دون العلم والفهم والوعى والعمل فكأنها هباءً منثورا.