إقبال الطلاب على ورش مراكز الموهوبين والتعلم الذكي بإدارة شرق الإسكندرية    تراجع أسعار الذهب في ختام تعاملات الأربعاء 26 يونيو    تقرير عبري: إسرائيل مستعدة لمحاولة إضافية من أجل التوصل إلى تسوية في الجبهة الشمالية    انسحاب المرشح قاضي زاده هاشمي من الانتخابات الإيرانية    جورجيا تضرب البرتغال بالهدف الثاني في يورو 2024    بالأسماء.. مصرع وإصابة 9 أشخاص إثر اصطدام سيارتين بالطريق الزراعى بالبحيرة    السيطرة على حريق في محول كهرباء بقنا    كريم عبد العزيز يعلق على ظهوره برفقة الملاكمين جوشوا ودوبوا: الخناقة هنا بمستقبل    مسئول أمريكى يؤكد بأن الجميع لا يريد حربا بين إسرائيل وحزب الله    5 صور ترصد زحام طلاب الثانوية العامة داخل قاعات مكتبة الإسكندرية    جولر يقود تشكيل تركيا ضد التشيك فى يورو 2024    التعليم تعلن نتيجة امتحانات الدور الأول للطلاب المصريين بالخارج    قرار جديد من الداخلية بشأن التسجيل بدفعة معاوني الأمن الجديدة للذكور    تفاصيل عرض برشلونة لخطف جوهرة الدوري الإسباني    على أنغام أغنية "ستو أنا".. أحمد سعد يحتفل مع نيكول سابا بعيد ميلادها رفقة زوجها    "يا دمعي"، أغنية جديدة ل رامي جمال بتصميم كليب مختلف (فيديو)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    القوات المسلحة تنظم مؤتمراً طبياً بعنوان "اليوم العلمى للجينوم "    صندوق النقد الدولي يقر بتمويل 12.8 مليون دولار للرأس الأخضر    «قطاع الآثار»: فيديو قصر البارون عار تمامًا من الصحة    أزمة جديدة تواجه شيرين عبد الوهاب بعد تسريب 'كل الحاجات'    لماذا يقلق الغرب من شراكة روسيا مع كوريا الشمالية؟ أستاذ أمن قومي يوضح    الرئيس السيسي يوقع قوانين بربط الحساب الختامي لموازنة عدد من الهيئات والصناديق    وزير الرى يدشن فى جنوب السودان مشروع أعمال التطهيرات بمجرى بحر الغزال    "شباب النواب" توصى بصيانة ملاعب النجيل الصناعي في مختلف محافظات الجمهورية    بشرى لطلاب الثانوية العامة.. مكتبة مصر العامة ببنها تفتح أبوابها خلال انقطاع الكهرباء (تفاصيل)    مساعد وزير البيئة: حجم المخلفات المنزلية يبلغ نحو 25 مليون طن سنويا    كيف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الرحلات الجوية؟.. عطَّل آلاف الطائرات    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    مهرجان فرق الأقاليم المسرحية.. عرض «أحداث لا تمت للواقع بصلة» و«الحضيض» الليلة    منتخب اليد يتوجه إلى كرواتيا 4 يوليو استعدادا لأولمبياد باريس    خبير شئون دولية: فرنسا الابن البكر للكنيسة الكاثوليكية    «مياه كفر الشيخ» تعلن فتح باب التدريب الصيفي لطلاب الجامعات والمعاهد    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    بيراميدز يترقب مصير أحمد حجازي مع اتحاد جدة    المشدد 15 سنة لصاحب مستودع لاتهامه بقتل شخص بسبب مشادة كلامية فى سوهاج    اخوات للأبد.. المصري والإسماعيلي يرفعان شعار الروح الرياضية قبل ديربي القناة    «التمريض»: «محمود» تترأس اجتماع لجنة التدريب بالبورد العربي (تفاصيل)    الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي: صرف معاشات شهر يوليو اعتبارا من الخميس المقبل    نجم ميلان الإيطالي يرفض عرض الهلال السعودي ويتمسك بالبقاء في أوروبا    وزيرة البيئة تتابع حادث شحوط مركب سفاري بمرسى علم    الصحة: استجابة 700 مدمن للعلاج باستخدام برنامج العلاج ببدائل الأفيونات    الإعدام لثلاثة متهمين بقتل شخص لسرقته بالإكراه في سوهاج    شديد الحرارة رطب نهارًا.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس غدا الخميس    لجنة القيد بالبورصة توافق على الشطب الإجبارى لشركة جينيال تورز    ختام دورة "فلتتأصل فينا" للآباء الكهنة بمعهد الرعاية    تعيين 4 أعضاء جدد في غرفة السلع والعاديات السياحية    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال يمارس جرائم حرب ضد الإنسانية في قطاع غزة    فحص 764 مواطنا فى قافلة طبية مجانية بقرى بنجر السكر غرب الإسكندرية    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    الأكاديمية الطبية تفتح باب التسجيل في برامج الماجستير والدكتوراة بالمعاهد العسكرية    أحمد فتحي: انسحاب الزمالك أمام الأهلي لا يحقق العدالة لبيراميدز    «حلو بس فيه تريكات».. ردود فعل طلاب الثانوية الأزهرية بقنا عقب امتحان النحو    الجريدة الكويتية: هجمات من شتى الاتجاهات على إسرائيل إذا شنت حربا شاملة على حزب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 37.. مبارك والشاطر والإخوان.. من التحالف للصدام .. رسالة الجماعة لرئيس المخابرات: لا نسعى إلى الحكم وعلى استعداد تقديم ضمانات ..ورد مبارك: "اتركوهم يعملوا"
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 07 - 2014

بدأ مبارك حكمه وجماعة الإخوان متصادمة مع الرئيس السادات بعد تحالف، لم تكن اللاعب الرئيسى فى السياسة، لكنها كانت ضمن تيارات سياسية تمتد من اليسار لليمين، كان السادات كلما اصطدم مع المعارضة اتجه نحو الإخوان، لكنه رحل وترك أطيافا سياسية وتجربة حزبية ناشئة، كان الرهان أن مبارك سوف يستغل الفرصة لبناء حياة سياسية تعددية تمنع الاحتكار والتسلط، لكنه فضل البقاء ضمن نظام حزبى مختل، بل إنه سعى لإضعاف المعارضة لصالح الحزب الوطنى الذى لم يقو، لكنه فرغ الحياة السياسية من مضمونها، وكلما ضعفت الأحزاب توسعت جماعة الإخوان، التى أجادت اللعب مع الحزب الوطنى، واستفادت من خطاب غامض وجمعيات خيرية واجتماعية وصحية، وبنيان اقتصادى قادر على تمويل العمل السياسى، ولم يغير مبارك طريقته ومع الوقت كان الحزب الوطنى مجرد تجمع مصالح بينما الجماعة تخلط بين الدين والسياسة والاقتصاد مستغلة فساد الحزب الوطنى وموت السياسة وانصراف الشباب والمواطنين عن عالم الانتخابات المزيفة.
وظلت علاقة بين مبارك وجماعة الإخوان فى حالة من الشد والجذب، لم يصل التصادم إلى حد التصفية، ولا إلى التحالف. حرص الإخوان على خوض كل انتخابات جرت فى نظام مبارك، مستغلين وضعهم السياسى والقانونى الغامض والمتداخل، فهم جماعة لا وجود قانونى لها، بينما وجودها الاجتماعى والخيرى قوى، وهى معادلة نجحت فى ظل نظام مبارك المغلق، الذى كان يستفيد من وجود الجماعة ويستخدمها كفزاعة، استفاد الإخوان من عنف الجماعات المتطرفة بوجه معتدل، ونجحوا فى الوصول إلى النقابات المهنية، واكتفى الحزب الوطنى بإجراءات أمنية أدت إلى تجميد العديد من النقابات، واحتفاظ الإخوان بمجالس نقاباتها بلا انتخابات منذ بداية التسعينيات حتى ما بعد تنحى مبارك، ظل الوضع السياسى مختلا، فالأحزاب واجهت التهميش، وتحولت لملفات أمنية. وفى المقابل تشكلت خطوط تحتية موازية من تيارات الإسلام السياسى، ممثلة فى تيار شبه علنى ونصف سرى للإخوان كتيار برجماتى احترف خوض السياسة.
علاقة الإخوان بمبارك فى الفترة الأولى من حكمه، كانت علاقة اتفاق أقرب إلى تحالف، ترك مبارك للإخوان الفرصة ليعملوا بحرية. وكانت الفترة بين 1981 و1991 من أفضل الفترات فى تاريخ الإخوان، انتشرت الجماعة فى مجلس الشعب ونوادى أعضاء التدريس والاتحادات الطلابية والنقابات المهنية، فضلا على الأنشطة الاقتصادية والتجارية، بل إن شركات الإخوان كانت تتعامل مع القطاع العام والجيش، وكانت التقارير الأمنية ترفع إلى «مبارك» حول محاولات اختراق للمؤسسات، وظلت تأشيرات مبارك هى «سيبوهم».
واعترف الإخوان بأنهم استفادوا من انسحاب الدولة الجزئى لتوسيع دورهم الخدمى، والاجتماعى بعد نجاحهم فى الوصول إلى النقابات وارتفعت نسبة المنظمات والهيئات الخيرية التى يعملون خلالها من %35 فى منتصف الثمانينيات إلى %43 فى عام 1991 ولم يمانع مبارك ونظامه وأجهزة الأمن فى تزايد أعداد هذه الجمعيات مادامت تعمل دون تسييس خدماتها، وظلت الجماعة تعمل بحرية حتى 1992، حيث بدأ الصدام، وتغير مبارك تجاه الجماعة.
خاضت جماعة الإخوان انتخابات البرلمان عامى 1984، و1987، وحصلت على مقاعد مرة مع حزب الوفد، وأخرى مع حزب العمل، بدأت الاتصالات بين الجماعة ومبارك بعد اغتيال الرئيس السادات مباشرة، حيث سعى المرشد العام عمر التلمسانى للاتصال بمبارك وكانت لهما اتصالات ولقاءات منذ كان مبارك نائبا، ويسجل الكاتب الصحفى حسنين كروم فى كتابه «التحركات السياسية للإخوان المسلمين.. 1971 - 1987» شهادة القيادى الإخوانى الراحل صالح أبو رقيق الذى كان أول شخص تولى مهمة الاتصال بين جماعة الإخوان ومبارك عن طريق المخابرات، ووزير الدفاع ووزير الداخلية بهدف السماح للإخوان بالعمل السياسى وتأسيس حزب.. كان اللواء فؤاد نصار مديرا للمخابرات العامة وقبلها محافظا لمرسى مطروح حيث تعيش قبائل أولاد على ومنهم صالح أبو رقيق الذى سعى للقاء فؤاد نصار والتقاه فى مكتبه بالمخابرات العامة وامتدت الجلسة الأولى ثلاث ساعات ونصف، وكان فؤاد نصار يسمع بانتباه.
ويقول أبو رقيق فى شهادته: قابلت فؤاد نصار مرة أخرى وقال لى «ما تريدون إيصاله للرئيس اكتبوه» وكتبت مذكرة جاء فيها «كنا وما زلنا ننتظر من الرئيس محمد حسنى مبارك، وقد ولاه الله وليا لأمرنا وأصبح مسؤولا أمام الله عن الكبير والصغير فينا وقد قال بأنه متدين غير متطرف بمعنى أنه يتقى الله ويخشاه كما قال إنه يكره الظلم بمعنى أنه لا يقبله على نفسه ويكره أن يقع على أحد من رعيته، أن يسارع مشكورا وعند الله محمودا فى رفع ما وقع علينا جماعة وأفرادا من الظلم الغاشم البين لا أن يغض الطرف عنا ويترك جهاز الأمن يداعبنا».
وجاء فى المذكرة أيضا «لم يكن مخطط الإخوان والقائمين عليهم التطلع إلى الحكم أو السعى إليه وهم على استعداد لتقديم الضمانات على ذلك.. وكان وما يزال هدفهم تربية المجتمع تربية صحيحة من واقع الكتاب والسنة».
وحدد القيادى الإخوانى مطالب الجماعة: «نريد بكل الإخلاص والصدق أن تتاح لنا فرصة كجماعة للتعاون المجدى مع القائمين على الحكم فيما يرضى الله ويعود بالخير على ديننا ووطننا رئاسة وشعبا..».
ويضيف أبو رقيق: بعد كتابتى للمذكرة سلمتها للواء فؤاد نصار بتاريخ 25 أغسطس 1982 ليوصلها بدوره إلى مبارك وقال لى: «إننا سنشكل لجنة بخصوص قضيتكم».. وبالفعل شكلت اللجنة عام 1982 من الدكتور فؤاد محيى الدين رئيس الوزراء واللواء حسن أبو باشا وزير الداخلية واللواء فؤاد نصار مدير المخابرات العامة. وقالت اللجنة لمبارك، إن الإخوان المسلمين يريدون حزبا بينما نحن لم نطلب حزبا فقال لهم مبارك: «مش كفاية الأحزاب الموجودة».
ويشير صالح أبو رقيق فى شهادته التى تضمنها الكتاب إلى أن فؤاد نصار قال له فى مقابلة معه: «ترجعوا من غير اسم» فرد عليه: «كيف هذا والاسم سجل بالدم وبالمعتقلات والسجون والمشانق وأصبح اسما دوليا يطلق على جميع التنظيمات الإخوانية فى الخارج».. فقال له نصار «إنكم مقيدون فى الغرب تحت قائمة الإرهاب ومن الخطر عليكم أن تأتوا بهذا الاسم» فرد أبورقيق «هذه حقيقة ولكنها تحتاج إلى تفنيد».
ويشير أبو رقيق إلى أنه تقابل بعد ذلك مع المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة، وزير الدفاع، بناء على طلبه عام 1982 وعرض قضيته وقال له أبوغزالة: «سأنقل كلامك هذا إلى الرئيس بأمانة.. ولكن يجب أن تقابلوه» فقال له صالح «الرئيس قابل كل الناس إلا نحن ولا أدرى لماذا؟».. فرد عليه أبو غزالة «برضه لازم تقابلوه».
ويقول أبورقيق.. لما وجدت أن اتصالى بمدير المخابرات سيغضب وزارة الداخلية طلبت مقابلة فؤاد علام الذى كان مسؤولا عن نشاط الإخوان ودار بيننا حديث طويل وطلبت منه مقابلة اللواء حسن أبو باشا، وزير الداخلية، وبعد دقيقتين حدد لى موعدا وذهبت معه إلى مكتب الوزير، وقابلنى بترحاب وقلت له «سيادة الرئيس - أى مبارك - عافاه الله من مثالب السابقين.. وصفحتنا معه بيضاء وصفحته معنا بيضاء كذلك فنريد أن تظل هذه الصفحة بيضاء ناصعة».. وتناقشنا لمدة ساعتين وفى نهاية اللقاء قال لى: «لا أستطيع أن أعدك بشىء» فقلت: «وأنا لا أطلب منك شيئا ولكن لى رجاء واحد وهو أن سيادتك والسيد فؤاد علام تساعدننا».. ففهم الوزير ما أرمى إليه- والكلام لأبورقيق- وتبسم ضاحكا وأصبح الجو هادئا وتحسنت معاملتهم لنا وتركونا فى نشاطنا الهادئ إلى الآن، أى وقت كتابة شهادة أبورقيق.
وينقل حسنين كروم عن شهادة الدكتور محمود جامع قوله: أخذنى صالح معه إلى منزل أبوغزالة فى حى مصر الجديدة بالقاهرة وعزمنا الرجل على الغداء وكان إنسانا متواضعا وودودا ومثقفا ولا تملك إلا أن تحبه بسرعة وقال لصالح: تكلمت مع الرئيس بشأن السماح لكم بإنشاء حزب فقال لى: «هذا الأمر سيخلق لنا مشكلة مع الأمريكان خليهم يتصلوا بيهم ويجسوا نبضهم».. وصمت أبو غزالة ثم قال لصالح: «ما تخلى محمود جامع يتصل بالأمريكان ويجس نبضهم».. وقال لى صالح: «ما تحاول لصالح الجماعة».. فوافقت- والكلام لجامع- على أساس أن لى صديقا مصريا يتنقل بين مصر وأمريكا والدول الأوروبية وله اتصالات مع أجهزة المخابرات الأمريكية والأوروبية وكان من الإخوان المسلمين عندما كان طالبا.
ويواصل جامع: بالفعل اتصلت بصديقى وعرضت عليه الأمر فقال لى: موافق على شرط أن يتصل أولا بالمخابرات المصرية ويخبرهم بالأمر ويأخذ الموافقة على العملية.. وعاد صديقى بعد فترة وأخبرنى أنه اتصل بالأمريكان ورفضوا و«المسألة مقفولة».. وبعدها أبلغت صالح أبورقيق بالنتيجة كما أبلغت بها أيضا المرشد العام عمر التلمسانى والمشير أبوغزالة.
ويستكمل صالح أبورقيق شهادته قائلا: «فى هذه المرحلة اتخذ عمر التلمسانى فى كتاباته الخط المعتدل مما جعل الرئيس والحكومة مرتاحين وتركانا ننشط دون أن يكون لنا كيان قانونى».. ويروى أبورقيق أن الإخوان خاضوا الانتخابات فى تحالفات مع الوفد، ثم مع الأحرار ومفاوضاتهم مع الأمة والشيخ أحمد الصباحى بما يعنى أن الطريق كان ممهدا ومفتوحا أمام الإخوان.
وكانت العلاقات بين مبارك والإخوان تسير على ما يرام، والتعليمات تقضى بعدم التصدى لأى نشاط إخوانى إلا فى حدود، وأن مبارك نفسه صرح لصحيفة لوموند الفرنسية أثناء زيارته لفرنسا فى نوفمبر 1993، ونقلت الحديث «الأهرام» فى صفحتها الأولى قال مبارك: «إن هناك حركة إسلامية فى مصر تفضل النضال السياسى على العنف وقد دخلت هذه الحركة فى بعض المؤسسات الاجتماعية واستطاعت النجاح فى انتخابات النقابات المهنية مثل الأطباء والمهندسين والمحامين» وكان يقصد بها جماعة الإخوان المسلمين. وأكد وزير الخارجية عمرو موسى فى الأهرام 14 مايو 1994 «أن أعضاء الإخوان المسلمين لا يرتكبون أعمال عنف» .
كل هذه الدلائل تشير إلى أن العلاقة بين مبارك والإخوان كانت طبيعية، وكانوا يعملون بحريتهم، كما سمح للمهندس خيرت الشاطر بالعمل من خلال شركته سلسبيل والأمة مع الحكومة بل ومع الجيش، وكان خالد عودة يورد ملابس للحكومة والقطاع العام، وحسن الشاطر شريكا فى بنك المهندس الذى أسسه عثمان أحمد عثمان، وحصل خيرت الشاطر على حق تنظيم معارض السلع المعمرة فى النقابات وحقق ثروة.
كان خيرت الشاطر عضوا فى منظمة الشباب الاشتراكى عام 1968 وشارك فى مظاهرات رفض محاكمات الطيران، واعتقل وقضت المحكمة ببراءته، لكن رأت أن يقضى الشباب بعض الوقت فى معسكر الجيش، كان هذا قبل أن ينتقل الشاطر لجماعة الإخوان فى السبعينيات.
سافر الشاطر وعاد عام 1986 من رحلة أكثر من خمس سنوات بين الدول الغربية والإسلامية، ومارس التجارة وكون شركة سلسبيل للكمبيوتر مع حسن مالك.. ويقول الشاطر حسب إخوان ويكى «فى حدود 1983 بدأت صلتى بحسن مالك، كنت بالسعودية وبريطانيا، كنت فى بريطانيا أدرس دكتوراه فى الهندسة، وانشغلت بتجارة وتصدير أجهزة الكمبيوتر والمواد الغذائية إلى الخليج وحسن كان فى شركة استيراد للمواد الغذائية والتجارة، وكنا بنصدر سيارات مرسيدس من ألمانيا للسعودية، وبدأت علاقتى به.. عدت لمصر سنة 1986 ورجع قبلى بدأت أشتغل بشكل فردى فى مجال الكمبيوتر، ولما وجدت أن السوق معقول وفيه طلب تكلمت مع حسن، واتفقنا على إنشاء الشركة الدولية للتنمية والنظم المتطورة «سلسبيل» نهاية 1986 وبدأت نشاطها عام 1987، وفى أواخر 1988 فكرت أنا وحسن فى إنشاء شركة جديدة «الأمة» لتطوير أساليب العمل الإدارى والتدريب والدراسات والبحوث لشركات القطاع الخاص وممكن القطاع العام، وانضم إلينا طاهر عبدالمنعم، استطاعت أن تنافس حتى على مناقصة الدورة الأولمبية بمصر، وأيضا مناقصة بالجيش.
ويقول الشاطر، إنه فوجئ بالقبض عليه فى فبراير 1992 من مباحث أمن الدولة وإغلاق الشركة، وتم القبض على 3 هم أصحاب شركة سلسبيل للكمبيوتر ومركز الأمة للإدارة خيرت الشاطر، وحسن مالك، وطاهر عبدالمنعم، واعتقل على ذمتها، عدد من الإخوان فى المحافظات من بينهم جمعة أمين ومحمود عزت، وأوقفت الحكومة تعاملها مع خالد عودة رجل الأعمال الإخوانى من أسيوط من خلال وقف مشروع «كساء العاملين بالدولة» كان مصنع عودة ينتج منه ملابس الموظفين العاملين فى القطاع الحكومى.
اجهزة الأمن قالت إنها داهمت شركة سلسبيل ولأمة واستولت على الأجهزة والأقراص بهما، وإنها توصلت إلى أن «خيرت الشاطر» من خلال شركة سلسبيل، استطاع أن يخترق بعض الأجهزة الأمنية الحساسة ويحصل على المعلومات الخاصة بها.
كان الإخوان لفترة أهل ثقة، ومبارك يمنع التعرض لهم بعد أن تلقى رسائل طمأنة، وقياداتهم التقت وزير الداخلية حسن أبو باشا ووزير الدفاع محمد عبد الحليم أبو غزالة، وطلبوا إبلاغ مبارك أنهم يريدون العمل بشكل علنى مع ضمان عدم الصدام. حصلت الجماعة على 37 مقعدا فى مجلس الشعب فى انتخابات 1987، كان رجال «خيرت الشاطر» يدخلون الأجهزة الأمنية والسيادية لصيانة أجهزة الكمبيوتر وتنزيل البرامج عليها، وأجهزة الأمن قالت، إنها اكتشفت أنهم كانوا ينسخون المعلومات الموجودة على الأجهزة ويحتفظون بها، وأن الأجهزة قدمت أكثر من تقرير ورفض مبارك التحرك ضدهم إلا بعد التأكد من المعلومات.
وقال جهاز مباحث أمن الدولة، إنهم عثروا من بين أوراق سلسبيل على الوثيقة الأساسية فى القضية وهى خطة التمكين التى وضعها «خيرت الشاطر» بخط يده، وكانت ترسم طريقا للسيطرة على قطاعات المجتمع، العسكرية منها والمدنية.
الوثيقة من 13 ورقة فلوسكاب، تضع مهمة التغلغل فى قطاعات الطلاب والعمال والمهنيين ورجال الأعمال والفئات الشعبية، والنقابات المهنية والمؤسسات الإعلامية ومجلس الشعب وأيضا المؤسسات القادرة على إحداث التغيير، فى إشارة إلى مؤسسات الجيش والشرطة بما يجعل قرار المواجهة مع الجماعة صعبا. وتضمنت، فضلا على ذلك تحييد الأقباط والسعى لتقليل فاعلية دورهم فى الحياة العامة وتأثيرهم الاقتصادى فى المجتمع، وإبلاغ الغرب أن الجماعة لا تمثل خطرا على مصالح الغرب.
قبل قضية سلسبيل كانت أجهزة أمن الدولة أو المخابرات مشغولة بمواجهة التنظيمات المسلحة والمتطرفة مثل الجهاد والجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة.. وجند الله، وجند محمد، وهى التنظيمات التى دخلت فى مواجهات عنيفة وعمليات اغتيال وتفجير، وكان تصور المخابرات وقتها أن الإخوان لا علاقة لهم بالعمليات الإرهابية ونصح الجهاز باحتضان الإخوان، بما أتاح لهم حرية الحركة، والاتصال بالخارج والداخل.
قضية سلسبيل حققها عبدالمجيد محمود المحامى العام وقتها، وترافع فيها أحمد الخواجة نقيب المحامين ومختار نوح، وقالت المهندسة عزة أحمد زوجة خيرت الشاطر فوز شركة سلسبيل بمناقصة توريدات الدورة الأولمبية على شركة منير ثابت حما «علاء مبارك» كانت وراء تفجير قضية سلسبيل، لكن المعروف أن علاء تزوج من ابنة مجدى راسخ عام 1991، وبدأ توسعه فى البيزنيس بعدها بعامين، ولم تفسر الجماعة كيف كانت العلاقة طيبة مع مبارك باعتراف الجماعة والشاطر، وأن من بين أوراق القضية مساهمة نقابة المهندسين فى زيادة رأس مال بنك «المهندس»، الذى يشارك فى عضوية مجلس إدارته حسن الشاطر أحد أعضاء الجماعة والمتهمين فى قضية سلسبيل.
تزامنا مع قضية سلسبيل بدأت تظهر معلومات عن تحركات أربعة من قيادات الجماعة، مهدى عاكف ويوسف ندا الذى كان مسؤولا عن بنك التقوى و«سعيد رمضان»، وكان على علاقة بالأمريكان و«مصطفى مشهور»، المرشد الخامس أنهم يجمعون أموالا ويرتبون للتنظيم الدولى، مستغلين ما أتيح لهم من حرية حركة، كانت فكرة التنظيم الدولى كاشفة عن كيان يتجاوز الدولة الوطنية إلى تنظيم عالمى، مع انتقال أموال الإغاثة من نقابة الأطباء إلى الخارج، وتجاوز كونها تبرعات محلية، كل هذه التحركات وضعت الجماعة فى مناطق غامضة، خاصة أن بعض قيادات النقابات المهنية كانوا قبل انتمائهم للإخوان ينتمون للجماعة الإسلامية والتنظيمات التى سافرت للجهاد فى أفغانستان، ومن هنا كان قلق نظام مبارك ليس فقط من منافسة انتخابية لكن من امتدادات غير مفهومة لتنظيم الإخوان، والدليل أن الجماعة خاضت الانتخابات وحصلت على فرص أكبر مما حصلت عليها بعض الأحزاب، بل إن الجماعة راكمت خبرات انتخابية واستخدمت نفس أساليب الحزب الوطنى وأدارت الانتخابات بطريقة المنافع والخدمات، كان الحزب الوطنى يقدم أموال الدولة فى رشاوى انتخابية وخدمات وكانت جماعة الإخوان تعتمد على المؤسسات الخيرية والجمعيات فى تقديم خدمات ذات أهداف سياسية، وهو مال عام أيضا، وظلت الجماعة بعيدة عن العنف وكانت تصدر بيانات تدين العمليات الإرهابية.
النظام استفاد من الدعم الشعبى لتقوية قبضته الأمنية من دون أن يوسع الآفاق السياسية والاجتماعية، أو يفتح الباب لنظام سياسى يسمح بالتعدد ويوسع المشاركة السياسية، والجماعة وظفت الانسداد لصالحها، الجماعة نجحت فى انتخابات 1984 و1987، وما بعدها واكتشفت وسائل الحزب الوطنى وتكتيكاته، وأثناء انشغال كهنة الحزب الوطنى بالسيطرة على السياسة ومصادرتها تركوا النقابات المهنية، ونجح الإخوان فى ملء فراغ السياسة بالنقابات واكتسحوا نقابات المهندسين (عام 1985)، ثم نقابة الأطباء (عام 1986) و1991، ونقابة المهندسين (عام 1987)، ونقابة الصيادلة (عام 1988)، ونقابة المعلمين، وبدلا من الاعتراف بأخطاء الفراغ السياسى أقدم ترزية القوانين على تفصيل القانون 100 الذى أفرغ النقابات المهنية من أى مضامين ديمقراطية وأدى إلى تجميد نقابات المهندسين والأطباء والصيادلة ودخولها تحت حراسات أو قضايا داخلية مع بقاء الإخوان يسيطرون على مجالسها، وكانت الجماعة تتساهل فى ترك منصب النقيب للحكومة والحزب الوطنى وتسيطر على المجالس.. واصل الحزب الوطنى احتكاره لمجلس الشعب، وابتلعت الجماعة النقابات واستفادت من الضربات التى تعرضت لها الجماعات الإسلامية، التى رأت فى الإخوان جماعة وسطية براجماتية توالى نظام الحكم الكافر.
وكانت أحداث زلزال 1992 شهدت ظهور لجان الإغاثة الإسلامية بنقابة الأطباء لتقديم إغاثة للمنكوبين، وهو ما أثار جمعية الهلال الأحمر التى كانت السيدة سوزان مبارك ترأسها. وقال الحزب الوطنى، إن جماعة الإخوان تستغل النقابة فى أعمال سياسية، وهو ما نفاه عصام العريان وعبدالمنعم أبوالفتوح عضوا مجلس نقابة الأطباء وقتها، لكن هذا لم يشفع لهما وتم تحويلهما وآخرين إلى المحاكمة العسكرية، وقدمت أجهزة الأمن تقارير عن توظيف أموال الإغاثة لدعم تحركات الإخوان فى مصر والدول العربية.
مبارك قال إنه اكتشف أن الجماعة خادعة تمارس عكس ما تقول، ووصل الصدام بين «مبارك» والجماعة، ذروته فى القضية 8 لسنة 1995 جنايات عسكرية، حيث تم القبض على 49 من قيادات الجماعة عقب اجتماع لمجلس شورى الجماعة بمركزها العام بالتوفيقية، وتحويلهم إلى القضاء العسكرى، بتهمة إعادة إحياء جماعة محظورة.
وعرض اللواء عمر سليمان، رئيس المخابرات، على الإخوان أن يشكلوا حزبا مثل الوفد والتجمع، بشرط حل الجماعة، لكن الجماعة كانت ترفض، وبدا أن القيادات يفضلون العمل بدون حزب لتتاح لهم حرية أكبر فى الحركة فى التحرك بين الأحزاب والانسحاب فى الوقت المناسب، فعلوها مع الوفد والعمل.
واستفادت جماعة الإخوان من انشغال أجهزة الأمن فى مواجهة الجماعات المتطرفة لتحقيق المزيد من النمو والتوسع الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، بل إن الجماعة سعت كما ذكر عدد من قياداتها المنشقين لتشكيل جهاز معلومات من كوادر الجماعة داخل المؤسسات لجمع معلومات عن الشخصيات العامة ورموز المعارضة والنظام من الإعلاميين، والاتصال بهم، وأن هذا بدأ عام 2006، كما أن أجهزة الأمن قالت، إن بعض القيادات سعوا خلال هذه الفترة لإعادة التنظيم الخاص للإخوان، ومن هؤلاء الذين شجعوا ذلك ودعوا للتنظيم الخاص كان خيرت الشاطر، ومحمد بديع ومحمود حسين، أعضاء مكتب الإرشاد، بينما اعترض من مكتب الإرشاد، محمد حبيب وعبدالمنعم أبوالفتوح، وتحفظ عصام العريان، وكان ذلك يعنى العمل الأمنى والعسكرى واختراق المؤسسات، لكن قيادات الجماعة عندما تم نشر ذلك من قبل بعض المنشقين قالوا إنها ادعاءات من أجهزة الأمن لتبرير قمع الجماعة.
أول محاكمة عسكرية للإخوان المسلمين فى عهد حسنى مبارك كانت سنة 1995 حيث تم القبض على 49 من قيادات الجماعة فى 2 يناير فى عام 1995 عقب اجتماع لمجلس شورى الجماعة بمركزها العام بالتوفيقية، وبعد عدة أشهر تم تحويلهم للقضاء العسكرى بتهمة إعادة إحياء جماعة محظورة. وانتهت القضية بالحكم على 34 بالسجن لمدد تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، منهم عصام العريان وخيرت الشاطر ومحمد حبيب وتبرئة 15.
أما المحاكمة الثانية فكانت فى 23 نوفمبر 1995 وتم القبض على 33، حكم على 20 منهم بالسجن بين ثلاث وخمس سنوات وبراءة 13، وممن حكم عليهم بالسجن عبدالمنعم أبوالفتوح، ومحمود عزت، وفى 30 نوفمبر 1995 حكم على اثنين بالسجن ثلاث سنوات وبرئ الثالث ثم قضية حزب الوسط تم القبض على 13 على رأسهم محمد مهدى عاكف وأبو العلا ماضى و11 وحكم على 8 بثلاث سنوات وأطلق سراح 5 على ذمة القضية.
بعد التقدم بأوراق لتأسيس حزب الوسط فى 10 يناير 1996.
وبعدها انشق أبوالعلا ماضى عن جماعة الإخوان وأعلن الاستمرار فى إجراءات تأسيس حزب الوسط.
ثم قضية النقابيين عام 1999 ومن المتهمين فيها مختار نوح، محمد على بشر، مدحت الحداد، ثم قضية أساتذة الجامعات فى 6 نوفمبر 2001 وصدر الحكم فى 30 يوليو 2002 بالسجن بين ثلاث وخمس سنوات على 16 من المتهمين، منهم محمود غزلان وعبدالمنعم البربرى، وماجد الزمر، وطاهر عبدالمنعم، وبرأت المحكمة 6، وأفرج عنهم فى أغسطس 2005 بعد قضاء ثلاثة أرباع المدة.
وثلاث سنوات ل11 من القيادات منهم خالد حنفى فهيم وآخرون.
وفى 14 ديسمبر 2006 تم القبض على عدد من قيادات الجماعة، منهم خيرت الشاطر وحسن مالك ومحمد على بشر فى القضية رقم 963 لسنة 2006 على خلفية العرض العسكرى لطلاب الجماعة فى جامعة الأزهر، وأحيلت القضية إلى القضاء العسكرى وصدرت أحكام بالسجن بين الثلاث والعشر سنوات بتهم غسيل الأموال والانتماء لجماعة محظورة، وممن صدرت ضدهم الأحكام خيرت الشاطر وحسن مالك وأحمد عبدالعاطى وأسعد الشيخة، ومحمد على بشر ومدحت الحداد وبعضهم عاد وظهر ليتولى مناصب تنفيذية مع الرئيس محمد مرسى.
وبالرغم من المحاكمات العسكرية كانت جماعة الإخوان تواصل خوض الانتخابات البرلمانية، ولم تقاطع إلا فى انتخابات 1990، ولم تحصل إلا على مقعد واحد عام 1995، ثم خاضت انتخابات 2000 وفى انتخابات 2005 حصلت على 88 مقعدا، وعندها شعرت بالانتصار، وكتب خيرت الشاطر النائب الثانى لمرشد الإخوان مقالا بعنوان (لا داعى للخوف منا) نشره فى جريدة الجارديان البريطانية وجه فيه رسالة للغرب مبديا رغبة جماعة الإخوان الرسمية فى التواصل مع الغرب.
وأشار إلى خوف النظام واعتقال أعضاء الجماعة، وقال، إن استفزازات النظام القمعى- المدعوم من أكبر قوة فى العالم- لن تعرقل مسيرة جماعتنا المستمرة منذ 77 عامًا ولن تؤثر على إقبال المواطنين المتزايد علينا.. وقدم الشاطر رسائل تطمينية «نجاح الإخوان لا يجب أن يُخيف أحدًا، فنحن نحترم حقوق جميع الجماعات السياسية والدينية».
كانت رسالة الشاطر للغرب تشير إلى أن الإخوان هم بديل مبارك الجاهز، والمستعد للحفاظ على مصالح أمريكا والغرب، وتزامن ذلك مع اتصالات سابقة، دعت فيها الجماعة للاتصال بالإدارة الأمريكية التى كان الشاطر يشير إليها بأنها تدعم مبارك، وبدأت اتصالات الإخوان مع الأمريكان منذ 2003، حسبما كشف الدكتور سعد الدين إبراهيم الناشط المصرى الأمريكى ورئيس مجلس أمناء مركزا بن خلدون للدراسات، والذى يرتبط مع الدوائر الأمريكية المختلفة والذى كان قد تم اتهامه بتلقى تمويل ورشوة دولية من أمريكا وصدر عليه حكم بالسجن وتم الإفراج عنه صحيا بعد ضغوط أمريكية، قال سعد الدين إبراهيم فى أحاديث ومقالات عديدة، إنه توسط بين الإخوان والأمريكان، وقال إنه بعد خروجه من السجن عام 2003، تلقى وقتها مكالمة تهنئة من عصام العريان القيادى بتنظيم الإخوان، وطالبه وقتها بضرورة تنظيم لقاءات بين قيادات الجماعة وعدد من الدبلوماسيين فى الغرب.
وقال سعد الدين إبراهيم فى حديث ل«الأهرام العربى»: لعبت دورا كبيرا بين الإخوان والأمريكان أيام الرئيس السابق مبارك بعد خروجى من السجن، وسهلت اللقاءات بين خيرت الشاطر وعصام العريان والمرشدين الحالى والسابق، يقصد بديع ومهدى عاكف، مع المسؤولين الأمريكان، وكان هدفى تشبيك العلاقات بينهما وفتح قنوات اتصال.. كانا فى حاجة إلى وسيط، فلعبت هذا الدور، حتى وصلا إلى إدارة اللعبة بينهما بدون وسيط، وأرسل الإخوان وفدا بعد الانتخابات فى المرحلة الأولى 2005، لكى يشرحوا للأمريكان أنهم ليسوا ضدهم وهدفهم إقامة علاقات طبيعية مع أمريكا، كانت أمريكا حريصة على معرفة موقف الإخوان من الملفين الإسرائيلى والإيرانى، وتضمن موقفا متفاهما ومتصالحا مع إسرائيل باعتبارها حليفة لها.
ويقول سعد: أما ملف الأعمال «البيزنس»، فكان أسهل، لأنه فى يد المهندس خيرت الشاطر، وهو رجل عملى جدا، وليس لديه حساسية فى التعامل مع الأمريكان، فبناته فى الجامعة الأمريكية، ويقول سعد الدين إبراهيم: فى إحدى المرات اتصل بى خيرت الشاطر وطلب منى التوسط لكى تدخل ابنته الجامعة الأمريكية فى القاهرة، فقلت له مستغرباً: ألا تقول عليها جامعة الشيطان، قال we go for quality - أى أننا نبحث عن الكيف، فقلت له حتى لو كان ذلك فى جامعة الشيطان؟ فقال لى: «حتى لو كانت جامعة إبليس هادخلهالها».. كانت رسالة واضحة فى أن معتقداتهم لا تتعارض مع المصلحة العامة.
وقد تحدثت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية فى تقرير لها عن العلاقة بين «هوما عابدين» مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلارى كلينتون» وابنة السعودية باكستانية الأصل «صالحة عابدين» وبين جماعة الإخوان بمصر، وربطتها علاقة تنظيمية مع «نجلاء على» زوجة الدكتور محمد مرسى، وكانتا قياديتين فى «الأخوات المسلمات».. كما أن شقيقها «حسن عابدين» من المقربين للشيخ يوسف القرضاوى، أحد قنوات الاتصال بين الجماعة وقطر، وأمريكا.
زار الإخوان كل من السيناتور جون كيرى من الحزب الديمقراطى والسيناتور جون ماكين عضو الحزب الجمهورى، وكانت الإدارة الأمريكية تحرص على عقد اللقاءات سرا حتى لا تغضب مبارك.
مبارك قال فى حديث له نشر ب«السياسة الكويتية» و«الأهرام» 14 مايو 2005، إن هناك قنوات اتصال بين واشنطن وجماعة الإخوان وقال إن هناك قصة طويلة أعرف كل تفاصيلها، وعلى الأمريكيين ألا يظنوا أننى نائم، والمعلومات تأتينى أولا بأول حول اتصالاتهم مع الإخوان».
كانت الفترة التى أعقبت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية شهدت ارتباكا خاصة أن مبارك لم يحسم مشكلة التوريث والنائب بينما كان جمال مبارك يصعد ويبدو متحكما ومسيطرا على الحكومة والحزب، ومعه الحرس الجديد، وكان الحزب الوطنى بقيادة مبارك يبدو حريصا على استبعاد وإضعاف الأحزاب بينما تستغل جماعة الإخوان الفراغ لتنمو بإمكاناتها المادية والتنظيمية، لتنافس الحزب الوطنى بنفس أدواته، وكانت جماعة الإخوان تحظى بدعم من التيارات المعارضة التى كانت ترفض إحالة المدنيين من الإخوان لمحاكمات عسكرية، وترى أن مبارك يبدو حريصا على استمرار الجماعة واستخدامها فزاعة للداخل والخارج، بينما كان الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وبعض قيادات الجماعة يقدمون خطابا يبدو معتدلا ويجدون تعاطفا من التيارات الأخرى، وكان الإخوان يحرصون على الاتصال بالمعارضة، مادامت تخدمهم، والمثير أن الجماعة فى مجلس الشعب لم تكن تختلف مع برامج الحزب الوطنى الاقتصادية، بل كانت مع اقتصاد السوق وتوظيف الأموال ولم تعارض الخصخصة وكانت تنتقد القطاع العام، وتركزت استجوابات وطلبات الإحاطة لأغلب نواب الجماعة فى حوادث وأحداث جارية، أو ترتبط بمواجهة كتب أو مشاهد سينما، أما فيما يخص التعليم فقد تقدم النائب سيد عسكر باستجواب يهاجم فيه مناهج اللغة الإنجليزية فى الأزهر ويطالب بتعديلها.
المهم أن الجماعة لم تختلف برامجيا مع الحزب الوطنى، لكنها استفادت من فساد الحزب الحاكم فى اكتساب شعبية، واعترفت قيادات الجماعة بأن التصويت للإخوان كان فى الغالب انتقاميا من احتكار وفساد الحزب الوطنى، وساهم مبارك فى السنوات الأخيرة بحالة الغموض حول التوريث فى تصاعد وجود الجماعة، لأنه أضاع فرصة قيام حياة سياسية تعددية، وأضعف الأحزاب وحولها لملفات أمنية بينما سمح للجماعة بالعمل عرفيا ونصف رسمى.
"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 36 ..مبارك والعادلى.. الأمن والسياسة ..مبارك تردد فى تعيين العادلى بعد حادث الأقصر وفكر فى تعيين وزير من الجيش لولا تحذير زكريا عزمى
"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 35 ..مبارك وتحالف جمال وزكريا عزمى وأحمد عز.. أحمد نظيف يقدم سجل إنجازاته فى خمس سنوات ويتحدث عن نسبة النمو ويتجاهل الفقراء.. زكريا عزمى يلعب دوراً مزدوجاً
"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 34.. مبارك يترشح وجمال يحكم..ترشح مبارك وفاز لكن جمال هو الذى كسب المزيد من السلطة داخل الحزب والحكومة وسيطر على حكومة نظيف
"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. حلقة 33.. مبارك سافر لإجراء جراحة خطرة بألمانيا وقال: اعتبرونى إجازة ورفض تعيين نائب.. أعلن تعديل الدستور من مدرسة المساعى المشكورة وعاد للمنوفية بعد غياب نصف قرن
مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 32.. مبارك وجورج بوش والفرص الضائعة..نجا مبارك من حرب الخليج الأولى والثانية وأصر على التلاعب بمطالب الأمريكان بين التغيير والهروب
للاطلاع على المزيد من حلقات مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" أضغط هنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.