ببساطة نقشوا موقعا لأسمائهم داخل قلوبنا، بلهفة كنا ننتظر الدقائق القليلة التى يطلون علينا منها، رغم اللقطات القصيرة التى ظهروا فيها مازالوا متواجدين فى حياتنا حتى الآن، أصواتهم البسيطة الصادقة، تفاصيل ملامحهم المرسومة بعناية، مبادئهم الثابتة، بقائهم بجانبنا وبجانب أصدقائهم مهما حدث، تواجدهم فى الوقت المناسب بكلمة، يدهم التى تمتد دائما فى اللحظة الفارقة.. على "لوحة الأسماء" كانوا دائما فى الأدوار الثانوية، وفى التعريف هم شخصيات كارتونية خيالية تبدل ظهورهم فى عدد من مسلسلات الكارتون المهمة.. ولكن على أرض الواقع مازالت تفاصيلهم وملامحهم تعيش معنا.. مع كل رمضان نردد حكاويهم ونتذكر قصصهم وأسماءهم الباقية معنا منذ سنوات، ننتظر عودتهم فى ثيابهم التى لم تتغير ونشاهد بنفس اللهفة قصصهم القديمة التى تعاد من آن لآخر. شباكه الصغير.. منشة الذباب التى لم يتبق غيرها فى المنطقة.. جلبابه الذى يعود إلى زمن مضى، خفة دمه، ومحاولات ارتداء عباءة الوقار التى تطغى عليها طيبته.. من ينسى عم شكشك بصوتة الرخيم المبحوح الذى قدمة الفنان رأفت فهيم، ونصائحه التى شكلت عقل جيل كامل، الحكمة فى ثوبها البسيط، وأحيانا الساذج، من عالم المبادئ كان يخرج لعالم الأطفال والشباب وأحلامهم الجامحة، يضبطها فى مرة، ويشجعها فى الأخرى، أو يُصدَم أمامها وأمام العصر الذى سبقه بسنوات، رغم البطولة التى كانت دائما لبوجى وطمطم.. كنا ننتظر طلة عم شكشك من شباكه بالدور الأرضى، نتركه وننتظر خفة دم زيكا وزيكو، طنط شفيقة ومرمر بصوتهم النعام الواثق الذى يربط بين حماس بوجى وهدوء طمطم فى منطقة وسط يمكنها ضبط الإيقاع بينهم. أكثر من عشر سنوات مرت حتى تمكنا من رسم تفاصيل نجوم مصريين جدد دخلوا إلى عالمنا فى رمضان من عام 1997.. فى هذة المرة لم يكونوا مصريين بشكل كامل وبالتحديد كانوا شخصيات ممصرة من برنامج "شارع سمسم" الأمريكى قبل أن تأخذ نسختهم المصرية عنوان "عالم سمسم"، على الصورة الرئيسية يستقر فلفل، ونمنم، وخوخة، ولكن من خلفهم يطل عم جرجس من محل بقالته ليقدم النصائح فى موعدها المضبوط، والخالة خيرية التى تشبه كل أم ببساطتها ووقوفها إلى جوار زوجها عم حسين فى ورشة نجارته، أصالة الحرفى المصرى واهتمامه بالفن والتفاصيل التى تندثر كل يوم، تقديمه للمساعدة ووقوفه بجانب الجميع دون انتظار مقابل، فقط جدعنة أهل المحروسة المزروعة بداخل الجينات منذ آلاف السنوات. "هوى أصحابى".. اسم واحد على التيتر يكتب بالخط العريض "بكار".. يردد الكولار على خلفية صوت منير الدافئ نفس الاسم فقط.. ولكن من ينسى دائرة الأصدقاء.. "حسونة" واندفاعه الدائم، دماؤه الحامية كمعظم أهل الصعيد، "فارس" وطيبته المفرطة وخفة دمه النوبية الأصيلة، وقوفة بجانب صديقه حتى النهاية ومهما كانت العواقب، "همام" وعقله الذى لا يمكن فك تلابيبه وتصميمه على رأيه مهما كانت العواقب، هذه هى شخصيات بكار الحقيقية التى رسمت للعمل مكانته وجعلت تكرار مسلسل كارتونى مشابها له هو مغامرة لم يتمكن أحد من خوضها حتى الآن. شخصيات رسمت تفاصيلها بعناية المخرجة "منى أبو النصر"، والكاتب "عمرو سمير عاطف"، الذى يقول: حينما تريد أن تقدم عملا دراميا بمجموعة متواصلة من الأجزاء فيجب أن تعمل على بناء كل الشخصيات باهتمام كبير، وعلى أساس أن يكون هناك تباين بين هذه الشخصيات لتصل بأفكار مختلفة ومتعددة للجماهير، وتمكنك من استكمال البناء الدرامى بشكل صحيح، ولذلك معظم شخصيات بكار كانت مبنية على هذا الأساس، وتم استيحاء بعضها من شخصيات طبيعية حتى يصدقها الناس، ويتمكنوا من التعايش معها لدرجة أن تظل فى ذاكرتهم حتى الآن. فى عالم صناعة الكارتون يتم التعامل مع الشخصيات الكارتونية كنجوم للسينما، كلما نجحت شخصية ثانوية فى فيلم أو مسلسل يتم تحويلها إلى بطل فى عمل آخر حتى تصبح هناك أعمال باسمها، وهذا ما حدث مع العديد من الشخصيات العالمية مثل تيمون وبومبا، وغيرها، ولكن فى مصر لم يحدث هذا فى أى من الأعمال، يظل المسلسل كما هو حتى يندثر ولا يتم إعادة تدوير الشخصيات أو تطويرها وترقيتها إلى أدوار البطولة، وهذا ما يقول عنه "عاطف": المشكلة أننا فى مصر لم نعد نملك صناعة للكارتون من الأصل، ومنذ سنوات ونحن نطالب بوجود قناة كارتون وأطفال مصرية دون جدوى، ولذلك تموت كل الشخصيات الكارتونية المرسومة بعناية، شخصيات العرائس ومسلسلات الأطفال، وتندثر صناعة برامج الأطفال فى مصر بشكل كامل، وهذا ما يجب أن ندركه الآن ونبحث له عن حل. فى عام 2008 ظهر كرومبو بزحام التكاتك ومن قلب عالم العشوائيات الذى يسيطر على المحروسة، قبل أن ينضم له صديقه الجديد سحس بومب.. يشاركه المغامرات ويبحث معه عن حلول، يكتفى بدور على هامش أستاذه فى علم التفتيش عن المجرمين "كرومبو"، قبل أن يتحول إلى فاكهة الحلقة، ومنتزع الضحكات الأول دون منافس على طول الفوازير القصيرة التى بدأت فى رمضان، وتحولت بعد ذلك إلى مسلسل قصير، وحصلت على جوائز أفضل شخصية كرتونية فى الشرق الأوسط فى مهرجان TREASURE ISLAND FILM فى لاس فيجاس بالولايات المتحدةالأمريكية، كما حصل على أفضل شخصية كرتونية على مستوى الوطن العربى فى مهرجان القنوات الفضائية العربية لعامى 2009 و2010 على التوالى. موضوعات متعلقة.. "بوجى وطمطم" فى 2014.. ظهور مميز فى إعلانات وزينة وفوانيس ودمى رمضان.. وعشرات الصفحات على "فيس بوك" تخلد حكاياتهما "سوبر هنيدى" و"المسحراتى".. الكرتون أحلى على "النهار" فى رمضان