توقع محللون أن تستمر أسعار النفط فى التقلب بين 100 و110 دولارات للبرميل فى الأشهر المقبلة بتأثير عوامل دولية متعارضة وصولا إلى حالة توازن بينها والى مستوى يشكل مصدر ارتياح لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). وقررت أوبك الأربعاء تمديد العمل بسقفها الإنتاجى البالغ 30 مليون برميل فى اليوم بسبب "الثبات النسبى للأسعار منذ بداية العام". وبالفعل، فان أسعار النفط تطورت منذ الاجتماع الأخير لمنظمة أوبك فى ديسمبر 2013 ضمن سلة ضيقة جدا بحيث يتراوح سعر النفط المرجعى الخفيف لبحر الشمال (برنت) بين 105 و110 دولارات للبرميل الواحد. وأوضح غارى هومبى المحلل فى المجلس المتخصص فى شؤون الطاقة "ايننكو"، أن "أسعار النفط استقرت دون عتبة ال110 دولارات للبرميل تحت تأثير عوامل أساسية متناقضة". وأوضح أن "الاضطرابات الأخيرة فى أوروبا الشرقية والشرق الأوسط حافظت على علاوة المخاطر ضمن الأسعار، لكن الإنتاج النفطى الأميركى يستمر فى الحد من زيادة الأسعار". وتنتج الولاياتالمتحدة حاليا أعلى مستوى لها منذ 1986 بفضل استغلال موارد المحروقات غير التقليدية مثل النفط الصخرى. ورأى هومبى أن هذه الوفرة فى النفط الخام تسمح "بتهدئة المخاوف بشأن العرض الناجمة من مصادر أخرى، ما يعنى أن (أسعار النفط) ستستمر على هذا المنوال حتى يحدث تغيير كبير فى الأسس التى تدعمها". إلى ذلك، اعتبر المحلل فى مؤسسة "فى تى بى كابيتال" اندرى كريوشنكوف أن الأسعار "ستواصل التقلب بين 100 و110 دولارات للبرميل، وهو الأمر الذى يناسب غالبية الدول الأعضاء فى أوبك". وهكذا، فان المملكة العربية السعودية، اكبر منتج فى أوبك، كررت القول مرارا أنها راضية عن مستوى الأسعار الحالى. وبين العناصر التى تدفع إلى زيادة أسعار النفط الخام، الانقطاع المستمر فى الإنتاج الليبى خصوصا حيث يواجه القطاع النفطى عراقيل ناجمة من حركات احتجاج متنوعة، والنزاع الأوكرانى الذى يدعو إلى الخشية من توقف إمدادات الطاقة من روسيا إلى أوروبا. إضافة إلى ذلك، فان "الوضع فى العراق مثير للقلق مع السيطرة على الموصل" من قبل الجهاديين السنة فى تنظيم "الدولة الإسلامية فى العراق والشام" (داعش)، بحسب ما أشار المحلل لدى مؤسسة "اس اى بي" بيامى شيلدروب. لكن وزير النفط العراقى عبد الكريم اللعيبى لم يشأ الإعراب عن أى قلق فى هذا الشأن، مشيرا إلى أن القسم الأكبر من الإنتاج النفطى للبلد موجود فى الجنوب. وأعلن كريوشنكو "لكن زيادة قوية (فى سعر البرميل) فوق عتبة ال110 دولارات يصعب تبريرها استنادا إلى أن نمو العرض ما زال يتجاوز الطلب بسبب ضعف الطلب الأوروبى واعتدال النمو الاقتصادى فى الصين". وليس للدول الأعضاء فى أوبك مصلحة لها فى ارتفاع سعر برميل النفط لأنه سيلقى بثقله عندئذ على نمو اقتصادى عالمى لا يزال هشا. وعلى العكس، فان احتمال عودة إيران إلى الأسواق النفطية العالمية، فى حال التوصل إلى مخرج ايجابى فى المفاوضات مع الغربيين بشان برنامجها النووي، قد يؤدى إلى تراجع أسعار النفط. وقال وزير النفط الإيرانى بيجان نمدار زنقانة هذا الأسبوع فى فيينا إن إيران يمكن أن تعود إلى الأسواق فى غضون اقل من ثلاثة اشهر بكامل طاقاتها الإنتاجية، اى 4 ملايين برميل فى اليوم مقابل 2.7 مليون برميل فى اليوم حاليا. وحذر توماس بو المحلل لدى مؤسسة كابيتال ايكونوميكس أن "زيادة الإنتاج فى إيرانوالعراق (الذى يضع أيضا أهدافا طموحة لزيادة إنتاجه) قد تعنى أن إنتاج المجموعة سيرتفع إلى ما فوق حدود ال30 مليون برميل فى اليوم وقد يؤدى إلى خفض الأسعار". ورأى إن منظمة أوبك قد تقرر عندئذ خفض سقف الإنتاج بهدف الحد من تراجع سعر النفط. إلا إذا قررت المملكة العربية السعودية خفض إنتاجها لان هذه الدولة التى تضطلع بدور "البنك المركزي" للنفط "تغير باستمرار مستوى إنتاجها لفرض التوازن فى السوق"، كما ذكر شيلدروب. واعتبر أن "المخاطر قليلة أن تفقد أوبك السيطرة على سعر النفط وتدعه يتراجع فى الأشهر الستة المقبلة".