أكدت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أن إجراء انتخابات حرة ونزيهة فى أوكرانيا يوم الأحد المقبل سيكون الخطوة الأولى نحو الاستقرار، غير أن مشاكل أوكرانيا لن تحل ما لم يكن رئيسها القادم يرغب بصدق فى اجتثاث جذور الفساد المتأصلة فى تاريخ الحكومات الأوكرانية على مدار السنوات السابقة. وشددت الصحيفة ، فى مقال افتتاحى أوردته على موقعها الإلكترونى اليوم الأربعاء ، على ضرورة قبول جميع الأطراف لنتيجة التصويت بحيث تتوقف موسكو عن الإشارة إلى الحكومة الانتقالية فى أوكرانيا "كنظام غير شرعى فى كييف" ويتمكن الرئيس الأوكرانى القادم من البدء فى إصلاح الضرر الاقتصادى والاجتماعى الضخم الذى عانت منه أوكرانيا خلال الشهور الأخيرة. غير أن الصحيفة أوضحت أن الانتخابات نفسها لن تحل مشكلات أوكرانيا ما لم يتمكن رئيسها الجديد أيضا من التعامل مع الجذور المتعمقة للفساد والمحسوبية اللذين كانا الصفة المميزة للحكومة الأوكرانية منذ الاستقلال عام 1991. وذكرت الصحيفة أن المرشح الأوفر حظا فى سباق انتخابات الرئاسة الأوكرانية هو بيترو بوروشينكو، أحد أقطاب الصناعة الذى اشتهر باسم "ملك الشيكولاتة" ؛ نظرا لامبراطورية الحلويات التى يمتلكها ، كما يمتلك عددا من نقاط القوة السياسية ، فقد كان الأوكرانى الاول والوحيد المنتمى لما يعرف بحكم القلة (الأشخاص من ذوى النفوذ الواسع) الذى ينضم إلى الاحتجاجات التى خرجت فى كييف وأدت للإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش فى فبراير الماضى ، كما أنه يؤيد توقيع اتفاقية للتجارة مع الاتحاد الأوروبى وضالع بقوة فى السياسات الأوكرانية منذ البداية. ولفتت (نيويورك تايمز) إلى أن بوروشينكو هو أيضا فى واقع الأمر أحد أعضاء زمرة تتألف من رجال أعمال أثرياء للغاية شكلوا جذور الفساد فى الحكومة الأوكرانية ، وينطبق الأمر ذاته على اثنين من منافسيه فى الانتخابات : يوليا تيموشينكو رئيسة الوزراء السابقة التى جنت ثروة من صفقات الطاقة وسيرجى تيجيبيكو المصرفى وأحد أعضاء البرلمان. وأضافت الصحيفة - فى افتتاحيتها - أنه على غرار أفراد حكم القلة الروس ، جنى كبار رجال الأعمال الأوكرانيين ثرواتهم من خلال السباق المحموم لخصخصة أصول الدولة الذى أعقب انهيار الحكم الشيوعى ، ومثل الروس أيضا خبؤوا معظم ثرواتهم المشبوهة فى الخارج. وذكرت أن الاختلاف بين الاثنين يكمن فى أن الأقطاب من ذوى النفوذ فى أوكرانيا شاركوا فى السياسات أكثر من نظرائهم الروس ، وهم يغيرون ميولهم فى الغالب مع تغير الأجواء السياسية ، وبالتالى يصبح السؤال الآن ما إذا كان رئيس ينتمى لحكم القلة ، مثل بيترو بوروشينكو ، سيعنى الاهتمام بالأعمال والمشروعات كما جرت العادة ، أم يمكن للزعيم الجديد بالفعل أن يقدم لأوكرانيا بداية نظيفة؟ ولم تستبعد الصحيفة إمكانية حدوث ذلك ، إذ أن أقطاب أوكرانيا أصبحوا فيما يبدو يدركون بشكل متزايد أن الخضوع لسيطرة الكرملين الروسى لا يصب فى صالح عملياتهم التى تعتمد على التصدير وأن التعاون فى مجال الأعمال مع الغرب يتطلب وجود شفافية. وشددت الصحيفة على أنه رغم سير أوكرانيا نحو الاستقرار بفعل الانتخابات ، ستكون الخطوة التالية والأهم نحو تحقيقه هى تولى رئيس جديد لديه رغبة حقيقية فى الانفصال عن فساد الماضى.