قديما قال المفكر الألمانى كارل ماركس إن الدين أفيون الشعوب، لكن لو كان ماركس حيا ربما أعاد تصحيح عبارته وجعلها الكرة أفيون الشعوب، فكرة القدم المستديرة أكثر من الكرة الأرضية أصبحت الاهتمام الأول لشعوب العالم أجمع، لدرجة أن معظم قادة الدول الكبرى يلغون اجتماعاتهم الرسمية حينما يكون فريقهم الوطنى يشارك فى مناسبات دولية. وقبل أيام أعلنت قناة الجزيرة الرياضية شراء قنوات ART بصفقة بلغت نحو 5.5 مليار ريال سعودى، وشمل الاتفاق انتقال القنوات من 1 إلى 6 من ART مباشرة إلى الجزيرة، بينما ستظل القنوات من 7 إلى 9 والتى تنقل الدورى السعودى مع إيه إر تى حتى نهاية موسم 2011. وبموجب هذا الاتفاق استحوذت الجزيرة على حق بث مباريات كأس العالم 2010 و2014 إضافة إلى كافة مسابقات الاتحاد الأوروبى والعديد من الدوريات الأوربية وأشهرها الدورى الإسبانى الأول، وبطولة الأمم الأفريقية التى تستضيفها أنجولا الشهر القادم. الجزيرة الرياضية بدأت كالعادة مجانية وكانت تبث مباريات الدورى الأسبانى الممتع جدا، وحين اشترت الحقوق الحصرية للبطولات الأوروبية بدأت فى تشفير القنوات وبيع الخدمة وكانت مائتى جنيه فى السنة، ثم رفعتها مطلع العام إلى مائة دولار، ويتردد أنها سترفع قيمة الاشتراك لباقتها الرياضية الجديدة إلى نحو مائتى دولار. وهذا يعنى أن مباريات كأس الأمم الأفريقية التى ستقام فى يناير القادم لن تبث إلا على قنوات الجزيرة الرياضية فقط، ومن ثم مباريات كأس العالم من جنوب أفريقيا فى يوليو القادم.. ومن لا يملك ولا يدفع الاشتراك سيحرم من أفيون الشعوب! المشكلة الحقيقية بالنسبة للمصريين أنه حين كانت هذه الحقوق عند ART، كانت مصر تحصل من الشيخ صالح كامل على امتياز بث المباريات التى يشارك فيها الفريق الوطنى المصرى، سواء باتصالات بين وزير الإعلام والشيخ صالح كامل أو حتى بضغوط رسمية سعودية على ART، لكن المشكلة أن العلاقات المصرية القطرية ليست كما العلاقات بين مصر والسعودية. ولا يعنى هذا أننى ضد قطر، أو أحرض ضدها، لكننا منذ سنوات نتحدث عن أهمية شراء حقوق بطولات كأس العالم وكأس الأمم الأفريقية بشكل عربى جماعى حتى لا يحرم مواطن عربى من متعته الوحيدة وهى كرة القدم.. وكان اتحاد الإذاعات العربية يشترى هذه الحقوق ويبيعها للدول العربية كافة بأسعار معقولة، لكن هذا الاتحاد غاب، ربما لأن وزراء الإعلام العرب لم يعد لديهم اهتمام بأن يشاهد مواطنوهم كرة القدم مجانا. ومن الآن وحتى يعود التحرك العربى الجماعى إلى كرة القدم والاقتصاد والسياسة وغيرها، نعتذر للفقراء.. ليست مشاهدة مباريات كرة القدم العالمية والقارية.. المشاهدة متاحة فقط لمن يدفع.
