كتبت خلال الأسبوع الماضى ثلاثة مقالات ماراثونية، حول مباراتى مصر مع الجزائر، وأرسلت فى كل مقال رسالة للمصريين والمصريات، أعتقد بأهميتها. واليوم أُكمل تلك الرسائل، دون أن أنفى رسائلى السابقة، لأن الرسائل لم تكن ترتبط بالحدث بقدر ما ارتبطت بالوطن! ولقد أرسلت فى المقال الأول، يوم الخميس الموافق 12 نوفمبر، بعنوان "حب الوطن لا يُختصر فى الكرة!"، رسالة مؤداها، أن حبنا لمصر وإنجازات مصر عبر التاريخ، أكبر بكثير من مجرد مباراة كرة قدم، وأننا يجب أن نحب مصر فى كل الأوقات ولا نختصر حُبنا لمصر فقط فى وقت لعب مباراة كرة قدم! وأرسلت فى مقالى الثانى، يوم الأحد الموافق 15 نوفمبر، بعنوان "واحد صفر كاملة أبو ذكرى"، الرسالة الثانية والتى كتبتها من وحى ما عاشه شعب مصر بتصويته الإجماعى لهذا البلد الغالى، يوم أن احتفل بفوز المنتخب، لأنه مصرى، وقلت فى آخر المقال، "أحمد الله، أن النتيجة الأساسية، هى أن مصر هى الموحد لنا كمصريين رغم الاختلاف بيننا، ونختلف جميعنا فيها، وليس أبداً عليها!". وجاءت رسالتى الثالثة فى نفس الإطار يوم الثلاثاء 17 نوفمبر، فى مقال بعنوان "حب مصر هو الحل" وقد قلت فيها إن ما كان من الجماهير المصرية الغفيرة يوم السبت الموافق 14 نوفمبر، بعد فوزنا فى مباراة كرة القدم، من فرحة لفوز مصر، رغم كل اختلافاتنا الأخرى، لدليل حيوى وواقعى على أن حب مصر هو الحل، ويجب وأن يستغل فى أمور شتى لإعادة بناء هذا البلد!! واليوم لا أنفى أى من رسائلى السابقة، بل أضيف عليها، بأننا لا يمكن أن نسقط أعلام مصر بعد أن هُزمنا فى مباراة واحدة، مهما كانت عواقبها، لأننا بدايةً، لم نرفع أعلام مصر من أجل مباراة فقط، ولكن لأننا كنا وراء إنجاز من ضمن إنجازات كثيرة للوطن! لا يمكن اليوم أن نرفع أعلام الإحباط ونسقط علم الوطن! فلو أن هذا حدث لبلدٍ آخر فى المنطقة، لكان هذا أمراً طبيعيا، ولكن لن يكون الأمر طبيعيا أبداً فى مصر التى تنظر خلفها لإنجازات عبر تاريخ 7000 سنة، وليس مجرد سنوات معدودة وإن كانت 100 سنة!! فحب الوطن، لا يتوقف بخسارة فى معركة أو حتى حرب! حب الوطن أيها السيدات والسادة، باقى فى القلوب أبداً، ويتوارث بشكل طبيعى من جيل إلى جيل، عبر الزمن. ومصر ليست دولة هامشية وليست أية دولة، ولكنها دولة صنعت دولا وساهمت فى تحرير دول أخرى. فكل دولة من الدول العربية المحيطة، تدين بالفضل لمصر فى أمرٍ من الأمور، وإن كانت لا تعترف، ومصر تتسامح، فهذا ليس لعيب فى مصر، ولكن لعيب فى قيم من لا يعترف بهذا الفضل! ولم أقتنع خلال الأسبوع الماضى، بمن يقول إن علينا أن نتوقف عن النرجسية المصرية والتباهى بوطننا! وأقول له، إننى أفخر بأنى مصرى، ولن أكون غير ذلك، وأفخر أننى عندما كنت طفلاً أحيا فى ألمانيا، حيث ولدت، وعندما عرض على أبى أن نتجنس بالجنسية الألمانية، مع كل الاحترام لدولة ألمانيا وشعبها، بكيت ورفضت، لأننى، وكنت وقتها فى سن 11 سنة، لم أكن أستطيع تصور نفسى غير مصرى! واليوم أشعر بالشعور نفسه، وعندما أترك مصر لمدة أسبوع لأسافر إلى مؤتمر فى أوروبا، أجد نفسى مدفوعاً لأن أذهب إلى المحلات المصرية لأجالس المصريين وآكل أكلاتهم، لأننى أبداً لم أصب يوماً بالانبهار بالخارج ولكنى دوما أشعر بفخر جارف بمصر وشعبها، والذى وإن كان يتعرض لكبوة اليوم، سيقوم يوماً وسيعود إلى إنجاز ما لم يقم به يوماً لتصبح مصر بلد يتحاكى به العالم أجمع!! أنا لم أشجع المنتخب المصرى من أجل مباراة كرة قدم! ولكنى شجعت هذا المنتخب، لأنه كان يمثل مصر! ولم أحبط من هزيمة عابرة وأشكر المعلم حسن شحاتة والجهاز الفنى للمنتخب المصرى واللاعبين، على ما قدموه لمصر، من مواقعهم، رافعين علم مصر عالياً، بغض النظر عن أى شىء! وأطالب كل مصرى بأن يقدم من موقعه أملاً جديداً لهذا البلد وهذا الشعب! وأقول، إن حب مصر هو الحل، ولا يمكننا أن نسقط من أيدينا أعلام مصر نظراً لهزيمة مباراة واحدة لكرة القدم، لأن مصر بها الكثير، غير الكرة، ولأن تلك الفرصة ليست الأخيرة فى الكرة! نعم، أقول للجميع، لا تسقطوا أعلام مصر من أيديكم، وارفعوها خفاقة وعالية، لأن حب مصر هو الحل لكل ما نعانيه من مشاكل!