بيوت قديمة متهالكة أضواء خافتة أصوات أنين لقطط تستغيث قدماى تتخبط من رعب تلبسنى منذ دخلت هذا الحى أنظر لأرقام المنازل وأعود للنظر فى الورقة المدون فيها العنوان، أحكم قبضتى على الورقة حتى لا تقع من بين يدى.. إنه هو رقم 13 هذا هو البيت.. يبدو الأكثر أناقة مما رأيت، أضواؤه ليست خافتة كبقية البيوت من حوله. أصعد درجات السلم بحذر، أخشى أن أنهار ولا أكمل رحلتى التى بدأتها مع أهل البركة (واللى سرهم باتع) (جميلة) اسم غريب على من يعملون فى هذا المجال ضغطت على جرس الباب عدة مرات، أحسست بأن الدقائق التى انتظرتها ببابها كأنها سنوات عمرى بأسرها.. مر شريط حياتى أمام عينى وزواجى من محمد الرجل الوحيد الذى أحببته، إلا أنه لم يحتمل انتظار العلاج حتى أنجب.. فطلقنى وقتها قررت أن تمتلئ أحشائى بسائل الحياة بأى طريقة!! لم يمر عام إلا وكنت بين أحضان زوج آخر أخفيت عنه سرى لكنه لم يهتم يوما بأمر الأطفال نادرا ما يشتاق لاحتضان طفل من أطفال العائلة، حتى ظننت أن قلبه قاسٍ حدثته بصراحة (هل تكره الأطفال؟.. ألا تشتاق أن يكون لنا طفل تضمه إلى صدرك؟ جاءتنى إجابته غير مبالية (كله بأوانه) مر عام على زواجى من مجدى، ومازلت أطوف فى حلقة مفرغة ما بين الدجالين والأطباء لم أترك بابا للعلاج إلا وطرقته وأخيرا كانت رحلتى إلى (جميلة) وضعت روحى بين يديها أغمضت عينى عن تحذيرات شقيقتى.. أو نصائح زوجة أخى.. كلهن لا يشعرن بما يلهب جسدى ويحرق قلبى وراء (ضفر عيل).. لم يدركن ما أحسه لأن عيونهن قد شبعت نظرا لأطفالهن، وأحضانهن قد شعرت بالدفء.. وأنا أحيا فى جو قارس البرودة. عندما رأيت جميلة بعينيها الكحيلتين وابتسامتها التى شرحت قلبى وغطاء رأسها الذى يزيد من جمال وجهها ويملؤه نورا، أدركت أننى وجدت ضالتى، فهى ليست دجالة كبقية من قابلتهم، سرت فى جسدى رعشة فرح ملأتنى بتفاؤل.. ظللت أدعو وأبتهل من أعماقى أن يكون على يديها الشفاء.. سلمت جسدى لها تقرأ ما شاءت من تعاويذ.. صممت أذنى عن الجميع إلا عن كلامها لا أدرى ماذا حدث؟ لكننى شعرت أننى غبت فى هيبتها عن الوعى لم أحدد كم من الوقت مضى؟ لكنها أعطتنى بعض الأحجبة وسيطرت بتعليماتها على رأسى فلم أتذكر الا ما قالته يومها عدت إلى البيت، شربت ما دسته فى يدى من أعشاب طاوعتها فى ضرورة معاشرة زوجى اليوم وليس غدا قالتها لى.. ستحملين الليلة، لا تخافى.. مرت أسابيع وجاءتنى البشارة على يديها غثيان وقىء مستمر.. جمعت لها ما أملكه من مصوغات ثمنا لحلم عمرى الذى حققته لى لم أنتظر حتى أعود للمنزل، كلمته فى الهاتف ألقيت بخبر حملى على مسامعه أغلق التليفون فى وجهى، فلم أفهم عاد والشرر يتطاير من عينيه، ضربنى بكل ما أوتى من قوة وطلقنى فى المستشفى عرفت، زوجى عقيم.. وما فى بطنى ليس ابنه!!