رغم الإعلان المستمر من المسئولين عن طرح مشروعات قومية كبرى مثل المشروع القومى للصرف، مشروع توصيل الغاز الطبيعى للمنازل ومحطة لتوليد الكهرباء، وكذلك مشروع تطوير السكة الحديد وغيرها من المشروعات، إلا أنه ما زالت التنمية الاقتصادية تواجه مشاكل كثيرة وتحتاج الكثير من العوامل والإمكانيات للنهوض بها، فمن المسئول عن تعطيل هذه المشروعات؟ هل هى الحكومة؟ أم الإمكانيات غير المتوفرة؟ وكيف تقوم التنمية الاقتصادية بدورها؟ الدكتور قاسم منصور رئيس المركز الاقتصادى المصرى، أكد أن التنمية الاقتصادية فى أى دوله تعنى زيادة دخل الفرد ويعد انخفاض مؤشر دخل الفرد من أعراض فشل سياسات التنمية الاقتصادية ومن أهم أسباب تأخرها أيضاً عدم كفاية تعليم القوى البشرية وتأهيلها وعدم كفاية سياسات استغلال الموارد الطبيعية، وكذلك عدم مواكبة بعض التخصصات لمتطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى عدم وجود مراكز أو معاهد علميه لتخريج الوزراء والمدراء الأكفاء. وأشار منصور إلى أن التنمية تحتاج إلى ضرورة وضع معايير لتعيين وترقية القيادات التى تتولى مراكزها بالصدفة، إضافة إلى نشر ثقافة التنمية بين المواطنين باستخدام جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة وتحفيز المواطن على المشاركة فى التنمية وأيضاً ضرورة التخطيط العلمى المبنى على بيانات دقيقة والتركيز على المشروعات الصغيرة، لأنها تتميز بدرجة أساسية فى قدرتها على توليد الوظائف بمعدلات كبيرة وتكلفة رأسمالية قليلة، وبالتالى المساهمة فى معالجة مشكلة البطالة التى يعانيها الملايين من القوى البشرية، كما تتمتع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بروابط خلفية وأمامية قوية مع المشروعات الكبيرة، وتساهم فى زيادة الدخل وتنويعه، وزيادة القيمة المضافة، لأنها تمتاز بكفاءة استخدام رأس المال نظراً للارتباط المباشر لملكية المشروع بإدارته، وحرص المالك على نجاح مشروعه وإدارته بالطريقة المثلى. كما أنه لابد أن يكون هناك آلية ثابتة لتحقيق التنمية وربط مؤسسات التعليم وسوق العمل بالتشغيل، ويستلزم ذلك أن تكون المناهج والبرامج التى تقدمها المؤسسة التعليمية قابلةً للتطبيقِ فى المجالات المهنية والتكنولوجية والعلمية والحرفية، ومتمشيةِ مع مرحلةِ التنميةِ التى يمر بها المجتمع، وبالتالى فإن وظيفة المؤسسة التعليمية يجب أن تركز على البحث العلمى، واكتشافِ وتنميةِ القدراتِ على التكيفِ مع ظروف العمل والوظائف المرتبطة بالنمو الاقتصادى والاجتماعى، بحيث تتم الاستفادة القصوى من الموارد البشرية المؤهلة وتشغيلها فى المشروعات الصغيرة المخططة والمدروسة والتى يجب أن تقام بإشراف علمى من المتخصصين منذ البداية وحتى يبدأ المشروع فى تحقيق أرباح تظهر من سداد القرض. من جانبه أوضح الدكتور عبد الرحمن عليان أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عين شمس، أن معوقات التنمية فى مصر تتمثل أولاً فى القوانين التى يكون بعضها خاطئاً والبعض الآخر غير منفذ وثانياً ثقافة الشعب الاقتصادية وبسبب نظام الحكم أيضاً. وأشار عليان إلى أن أساس التنمية فى مصر هو المشروعات بجميع أنواعها كبيرة أو صغيرة، داخلية أو خارجية ولكن هناك أولويات فى هذه المشروعات منها المشروعات التى نستورد منتجاتها ويمكن أن نستثمر وننجح فيها، والمشروعات التى تحتاج لعمالة كثيفة للقضاء على البطالة التى نعانى منها وكذلك المشروعات التى تحتاج لرأس مال قليل نظراً، لأن لدينا بعض المشاكل والقصور فى التمويل. وأضاف أن المشروعات التى تمكننا من تصدير جزء من إنتاجها، خاصة لأفريقيا على اعتبار أنها البلد الوحيدة الآن التى لا تنتج كما يجب وتستورد الكثير من المنتجات، تعد مشروعات هامه للتنمية الاقتصادية، أيضاً المشروعات الزراعية المعتمدة على الأراضى الصالحة للزراعة ولكن بدأ يقل استثمار الزراعة فيها اعتماداً على الاستيراد لكثير من المحاصيل، وأكد أن أهم هذه هى المشروعات الصغيرة التى تكون فرديه وبرأس مال مناسب لكى نشجع بها الخريجين الذين لم يجدوا فرص عمل ومساعدتهم على عمل مشاريع خاصة بهم، وذلك من خلال الصندوق الاجتماعى الذى تضعه الحكومة لتمويل هذه المشروعات تمويل حكومى تحت مظلة "المشروعات الصغيرة". وقال عليان إن التنمية الاقتصادية فى مصر تعانى من عدة مشكلات، منها نمط استهلاك الفرد الخاطئ، بالإضافة إلى انخفاض نصيب دخل الفرد، حيث لدينا شريحة كبيرة جداً تحت خط الفقر، وأضاف أن دور الدولة يأتى هنا من خلال إعادة توزيع الدخل أو الإشراف على توزيع عائد التنمية بحيث لا يستفيد منه الأغنياء فقط، وإنما رجل الشارع العادى أيضاً حتى يرتفع مستوى معيشته ويشعر بالانتماء والثقة فى حكومته، خاصة أننا نعانى من أزمة عدم الثقة من جانب الشعب فى حكومته ودائماً ما يتهمها بالانحياز للمستثمرين والأغنياء. وأكد أيضاً أن دور الدولة مثل تشجيع الاستثمار فى جميع المجالات التى يصعب على الأفراد الاستثمار بها من خلال إدارة رأس المال المحلى والأجنبى فى هذه المجالات، وكذلك تسهيل إجراءات المشروعات واستبعاد العمولات المأخوذة من وراء ذلك، وأخيراً تشجيع التجارة الداخلية والخارجية، لأنها تعتبر وسيطاً جيداً يساعد على النهوض بالتنمية الاقتصادية . ويتفق معه طارق عطية مدير غرفة الائتمان ببنك السويس فى أن المشروعات الصغيرة هى أساس التنمية الاقتصادية لذا تقوم البنوك وعلى رأسها البنك المركزى بدعم وتمويل هذه المشروعات وإخراجها من قائمة الاحتياطى، خاصة ان هناك الكثير من التجارب فى الدول المتقدمة والتى أثبتت نجاحها فى الاعتماد على المشروعات الصغيرة كأساس للتنمية الاقتصادية. وأوضح عطية أنه بالرغم مما واجهه الصندوق الاجتماعى من مشكلات الفترة الماضية، إلا أن البنوك لم تتوقف عن تمويل المشروعات الصغيرة ودعمها إيماناً منها بأنها من أهم العوامل التى تساعد على النهوض بالتنمية الاقتصادية فى مصر، وفى نفس السياق أكد أن دور البنوك لا يقتصر على تمويل مثل هذه المشروعات فقط، بل يقوم بتمويل المشروعات والاستثمارات الكبرى أيضاً والتى تخدم البلد وتساعد على زيادة الدخل ونمو وازدهار الاقتصاد فى مصر. ويقول إبراهيم على "مدرس" إن الحد الأدنى لدخل الفرد يجب ألا يقل عن 1000 جنيه، وذلك ليكفى حاجاته الأساسية فقط من مأكل ومشرب وملبس ومسكن بسيط، لكن بعد زيادة الأسعار التى نشهدها يومياً تقل قيمة هذا الأجر ويصبح غير كافٍ، ويقول إنه لولا الدروس الخصوصية ما كان يستطيع أن يعيش فى مستوى جيد. وتتفق معه فى الرأى منى محمد "موظفة قطاع خاص" وتقول على الرغم من أنها موظفة قطاع خاص وتأخذ أجراً يقارب ال 1000 جنيه، إلا أنها "يا دوبك عايشه مستورة"، حيث إنها تساعد فى نفقات بيتها بسبب غلاء المعيشة، بالإضافة إلى صغر أسرتها، لكنها ترى إذا زاد عدد أفراد الأسرة عن 4 أفراد يجب أن يزيد هذا الأجر عن ذلك. وعن أحمد حسين "موظف حكومى" يرى أن دخل الفرد يجب أن يكون 3000 جنيه، خاصة فى ظل الارتفاع فى كل شىء، سواء أسعار المأكل أو المسكن (الإيجار الجديد) ذلك بالإضافة إلى مصاريف الأسرة من مدارس واستهلاكات أساسية للمعيشة كالكهرباء والمياه والغاز والمواصلات وغيرها، كما يرى أن هذا الأجر مناسب لهذا الوقت الحالى "بأسعار دلوقتى"، حيث بذلك يضمن معيشة متوسطة.