دعت دكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن، إلى تنقية كتب السنة النبوية والتشريعات من الأحاديث الضعيفة التى تتعارض مع ظواهر القرآن الكريم، مؤكدة أن النقاب "عادة وليس عبادة" ومستشهدة بالعديد من الأحاديث والمواقف التى تثبت أن النساء فى عهد الرسول كن كاشفات الوجه. وأضافت صالح أن عهد الرسول كان عهد تحرير المرأة، وأرجعت الأزمات التى تعيشها المرأة كأزمة النقاب إلى نظرة المجتمع إليها باعتبارها عورة، مشيرة إلى أن النقاب والسفور وجهان لعملة واحدة ويعدا اعتداء على الحرية الشخصية. جاء ذلك فى ندوة نظمتها مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدنى، بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور الألمانية بعنوان "أزمة النقاب فى مصر بين العام والخاص"، بحضور ومشاركة دكتور يحيى الجمل أستاذ القانون والخبير الدستورى، ود.سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وحافظ أبو سعدة المحامى وأمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وحافظ المرازى مدير مركز كمال أدهم للصحافة والتلفزيون ونجاد البرعى الناشط الحقوقى والمحامى بالنقض. طرحت أمانى القصاص، والتى أدارت الندوة، أزمة النقاب ليس باعتباره رمزا دينيا، بل ثقافة سائدة، مستنكرة عدم استخدام الدولة لقانون البث الفضائى لحجب القنوات الدينية المتطرفة والتى تطرح أفكاراً تثير الفتنة فى المجتمع. دعا دكتور يحيى الجمل التدهور إلى الاحتشام وليس الحجاب أو النقاب، مشدداً على أن الفقه الإسلامى لم يشر إلى النقاب بأى حال من الأحوال، مستشهداً بالشيخ محمد الغزالى والذى لم يكن أبداً من دعاة الحجاب أو النقاب، بل نادى بالاحتشام فقط على حد قوله. فيما حسم حافظ أبو سعدة الجدل الدائر حول ما يردده البعض بطرح مسألة النقاب وعدم طرح مسألة العرى، بأن قانون العقوبات يجرم العرى وتتولى شرطة الآداب تطبيق القانون، ولكن من يطبق القانون فى مسألة النقاب؟ وأرجع أبو سعدة أزمة النقاب إلى أنها حرب ضد التمدن ومحاولة لإيداع المرأة فى المنزل، مستنكراً طرح هذه القضية فى الوقت الذى يناقش فيه المجتمع زيادة عدد المقاعد المخصصة للمرأة فى البرلمان. أكد أبو سعدة على أنه من جانب حقوقى فيحق للمرأة ارتداء ما تريد، لكن إذا ما تعلق الأمر بمصلحة عامة أو تأدية وظيفة عامة فمن حق المجتمع أن يتعرف على من يؤديها، وطالب بإعطاء الفرصة للفقهاء والمتخصصين والمفكرين الإسلاميين، وليس غير المؤهلين الذين يبثون أفكارهم الخاطئة عن الدين، كما طالب أبو سعدة بتجديد الخطاب الدينى والاعتزاز بالنساء لأنهن أساس تقدم المجتمعات، مشيراً إلى أن 73٪ من النساء فى مصر تعولن أسرها. تحدث حافظ المرازى عن النظر لهذه الأزمة بتفاؤل، حيث إن الانتقال من النقاش حول الحجاب إلى النقاب هو مرحلة طبيعية، مرت بها المجتمعات المتقدمة مثل الولاياتالمتحدة والتى أصدرت قانونا بمنع شرب الخمر عام 1922 ثم عدلته مرة أخرى بعد عشر سنوات من انتشار المخالفات والجرائم المترتبة على الحظر، مشيراً إلى أن الأزمة ليست فى طرح مثل هذه القضايا، وإنما فى غياب الحوار وعدم وجود ساحة مشتركة للحوار، حيث أصبح الجمهور منقسما إلى فئتين لا يتقابلان، جمهور البرامج الدينية وجمهور البرامج الحوارية والإخبارية. كما أشار المرازى إلى أن النقاش حول هذه القضايا لابد أن يتم فى إطار جو عام من الحرية، كما ينبغى أن تتمع المؤسسة الدينية بالمصداقية وألا يتم تغييرها، منتقداً عدم سماح التليفزيون الحكومى المصرى بظهور مذيعات محجبات واللاتى يمثلن القطاع الأكبر من المجمتمع المصرى. أما نجاد البرعى فأرجع أزمة النقاب إلى انهزام الثقافة المصرية أمام "فكر بدوى صحراوى متطرف"، والذى ينظر للمرأة نظرة دونية بالأساس، وذكر أنه لا يمكن تطبيق الوهابية فى مصر نظراً للطبيعة الخاصة لنظرة المجتمع المصرى وتعامله مع الدين. وقال البرعى إن مصر انهزمت فكرياً قبل أن تنهزم سياسياً، وأن هذا توجه عام من الحكومة التى قيدت وسائل الإعلام فيما فتحت الساحة أمام القنوات الدينية المتطرفة التى أصبحت تشكل وعى الناس، واختتم البرعى كلمته بأن هذه الأزمات ستظل قائمة طالما مازال هناك استبداد سياسى وفقر اجتماعى.