تخفى أسواق الملابس الجاهزة والمستعملة التى تنتشر بشارع 26 يوليو بوسط القاهرة ملامح مسجد السلطان أبو العلا، هذا المبنى التراثى والأثرى بجمالياته حيث تغطى مدخل المسجد نفسه،كما يوجد معرض للملابس والأدوات المنزلية ملاصقا للمسجد لأحد رجال الأعمال والمرشح البرلمانى عن الدائرة ويتسبب فى إغلاق باب دورة المياه. يقول أحد القيادات بإدارة أوقاف بولاق التابع لها المسجد، الذى رفض ذكر اسمه، إن حديقة المسجد مرتع لمدمنى المخدرات، كما أن الباعة الجائلين يهيمنون على المسجد ويعلقون معروضاتهم على جدرانه ويهددون موظفى الأوقاف وإمام المسجد بالأسلحة البيضاء فى حال تدخلهم للابتعاد عن المسجد فى الوقت الذى يطالب فيه الوزير موظفيه بإزالة التعديات، مطالبا بتدخل وزارة الداخلية، مؤكدا أن طلقات الخرطوش يسمع دويها أثناء الصلاة بالمسجد، التى كان ينقل أغلبها عبر الإذاعة والتليفزيون توقف ذلك بسبب التهديد الأمنى للمسجد من قبل البلطجية وأصحاب الفرش. وينسب مسجد السلطان أبو العلا إلى الشيخ الصالح حسين أبى على المكنى بأبى العلا، الولى المعتقد، صاحب الكرامات والمكاشفات على ما يصفه به الصوفيون الذين أطنبوا وبالغوا فى كرماته. سكن هذا الشيخ فى خلوة بزاوية بالقرب من النيل فى القرن التاسع الهجرى (الخامس الميلادى)، وكان للناس فيه اعتقاد، فكثر مريدوه ومعتقدوه، وكان من بينهم التاجر الكبير الخواجة نور الدين على ابن المرحوم محمد بن القنيش البرلسى، فطلب منه الشيخ أن يجدد زاويته وخلوته التى كان يتعبد فيها، فصدع بالأمر وأنشأ هذا المسجد، وألحق به قبة دفن فيها الشيخ أبو العلا حينما توفى سنة 890ه 1486م. أنشئ المسجد فى هذا الزمان وهو عصر ازدهرت فيه العمارة الإسلامية، والغالب فى تصميمه وقتها أنه كان على طراز مدرسة ذات الأربعة إيوانات متعامدة غنية بالنقوش والكتابات، كما تنبئ بقاياها القديمة، وتنحصر فى الباب البحرى مع قسم من الوجهة البحرية والشرقية والقبة والمنارة والمنبر والباب العمومى له مبنى من الحجر ومكتوب عليه قوله تعالى «وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم ". وقد بدأت الكتابة التاريخية بالواجهة على يسار الباب، وامتدت إلى واجهة القبة، ومع الأسف تشوه وفقد أكثرها، ويقرأ منها الآن "أنشأ هذه المدرسة المباركة من فضل الله تعالى وجزيل عطائه العبد الفقير إلى الله تعالى إلى...على... محمد... القنيش... غفر". أما نجارة المسجد فقد كانت على جانب عظيم من الأهمية، ولم يبق منها إلا المنبر الذى لا شك فى أنه فخر المنابر الإسلامية فى دولة المماليك الجراكسة، فقد طعمت حشواته بالسن والزرنشان، وامتازت جوانبه وأبوابه بتقاسيم فريدة، خاصة فى دائرته الكبرى، ومما زاد فى أهميته اشتماله على اسم صانعه المكتوب على باب المقدم بما نصه "نجارة العبد الفقير إلى الله تعالى الراجى عفو ربه الكريم «على بن طنين» بمقام سيدى حسين أبو على.. نفعنا الله". وقد أجريت على هذا المسجد عدة إصلاحات فى عصور مختلفة حباً فى هذا المكان وحباً فى صاحبه، ودفن به غير واحد من العلماء منهم الشيخ «أحمد الكعكى» المتوفى فى سنة 952ه - 1545م، والشيخ «عبيد» والشيخ «على حكشة» المتوفى سنة 1271ه - 1854م، والشيخ «مصطفى البولاقى» المتوفى سنة 1263ه - 1846م. وقد بقى المسجد موضع رعاية باعتباره حرم حىّ بولاق المحبب إلى سكانه، إلى أن سقط إيوانه الشرقى أثناء الاحتفال بمولد صاحبه فى 13 يوليو 1922، فتعطلت إقامة الشعائر فيه إلى أن قامت وزارة الأوقاف بتجديده مع المحافظة على الأجزاء القديمة فيه ودمجها مع التصميم الجديد.