وزير التموين يؤكد أهمية التعاون مع مؤسسات تمويل استيراد السلع الأساسية    الأزهر يدين تصريحات وزيرة خارجية ألمانيا حول تأييدها قصف المدنيين في غزة    حاكم الشارقة عقب تسلمه «جائزة النيل للمبدعين العرب»: لولا مصر لما كنت أنا    أحداث الحلقة 7 من مطعم الحبايب.. اعتراف بالحب وعرض زواج    الأهلي يفوز على مودرن سبورت بهدف نظيف في دوري الكرة النسائية    كيتا يتدرب مع فريق الشباب ب فيردر بريمن الألماني    وصول مدير أمن الجيزة لموقع حادث انقلاب قطار البدرشين    السفارة المصرية ببكين تنظم منتدى سياحي ترويجي    رئيس الوزراء: العلاقات المصرية الأفريقية تُمثل أولوية في السياسة الخارجية المصرية    عبد الغفار: حملة «100 يوم صحة» قدمت 122 مليون خدمة مجانية    زيلينسكي يُقدم خطة النصر أمام الاتحاد الأوروبي    متحدث الرئاسة: كازاخستان لن تنضم إلى مجموعة «بريكس» في المستقبل القريب    وزيرة التخطيط تلتقي المدير الإقليمي لمركز أبحاث التنمية الدولية لمناقشة فُرص التعاون المشترك    «زواج وعلاقات».. أفضل 3 أبراج تتوافق مع برج الدلو    مرتدين زي الأزهر.. طلاب معهد أزهري في ضيافة قصر ثقافة العريش    أبو شامة: القاهرة عاصمة الاستقرار بالمنطقة.. وإيران تحاول "تبييض صفحتها" أمام جيرانها    في أكتوبر.. أرخص 5 سيارات "أتوماتيك" زيرو بمصر    القومى المرأة يهنئ بطلات مصر الفائزات بميداليات ببطولة العالم للكاراتيه    مهند مجدي يُوجه الشكر لرئيس جماعة العيون المغربية ويهديه درع الأهلي    رئيس الوزراء يفوض وزير الزراعة في مباشرة اختصاصاته بشأن الاتحاد العام للتعاونيات    هل تقبل الصلاة بالأظافر الصناعية أو الهارد جيل؟.. أمين الفتوى يجيب    أضف إلى معلوماتك الدينية.. هل إطالة الركوع في الصلاة أفضل أم السجود؟    ضبط 45 طربة حشيش قبل توزيعها في احتفالات مولد السيد البدوي    «القاهرة الإخبارية»: جوزيب بوريل يضغط على الاحتلال الإسرائيلي بملف قطع العلاقات    «تعليم القاهرة» تعلن جداول امتحانات شهر أكتوبر لطلاب صفوف النقل    جدول حفلات أوبرا الإسكندرية لشهر نوفمبر 2024.. طرق الحجز وضوابط الحضور    البحيرة: ضبط 8 آلاف طن مواد بترولية بكفر الدوار    جامعة حلوان تطلق اليوم الرياضي للياقة البدنية بكلياتها لتعزيز قدرات الطلاب    وزير الري يطلق حملة «على القد» ضمن فعاليات أسبوع القاهرة السابع للمياه    رئيس مصلحة الضرائب: تفعيل المقاصة المركزية للتسهيل علي الممولين وتشجيعهم    وزير التعليم يتفقد مدرستين بإدارة السيدة زينب لمتابعة انتظام الدراسة    "تعليم القاهرة" تعلن جداول اختبارات شهر أكتوبر    «بداية جديدة».. «البحوث الإسلامية»: بدء فعاليات دورة «تنمية المهارات الدعوية»    «الداخلية» تواصل حملاتها لضبط الأسواق والتصدى لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    الإدارة العامة للمرور: ضبط 36186 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    بحضور وزير الشئون النيابية.. محمد جبران يناقش مشروع قانون العمل خلال "الحوار الاجتماعي"    نقل الكهرباء توقع عقدًا مع «سيمنز» لتوسيع محطة محولات العميد بالإسكندرية    مستشار الرئيس للصحة: لم يكن هناك بديل أو مثيل لبعض الأدوية خلال الأيام الماضية    إصابة مدنيين بجروح جراء عدوان إسرائيلى على إحدى النقاط بمدخل مدينة اللاذقية    أوكرانيا تسجل أضرارا من أحدث الهجمات الروسية بالمسيرات المقاتلة    موعد مباراة الهلال والفيحاء في الدوري السعودي.. القنوات الناقلة والمعلقين    من هو الدكتور الطيب عباس الرئيس التنفيذي الجديد لمتحف الحضارة؟    آية سماحة تهاجم استخدام الكلاب في التجارب العلمية في الجامعات    "سيب ابنك في حاله".. تعليق ناري من شوبير بشأن ما فعله ياسر ريان وتوقيع ابنه للزمالك    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف لتاجر الهيروين بالشرقية    سعاد صالح: من يتغنى بآيات القرآن مرتد ويطبق عليه الحد    ضبط 22 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    عضو ب«الشيوخ»: مؤتمر الصحة والسكان منصة مهمة لتبادل الخبرات والأفكار    محافظ المنوفية يتفقد انتظام سير العمل بمستشفى الجراحات المتخصصة.. صور    بعثة الزمالك تسافر إلى الإمارات استعدادا للسوبر المصري    محمد أنور ضيف "الراديو بيضحك" مع فاطمة مصطفى    «بداية جديدة».. توقع الكشف الطبي على 1301 حالة بكفر الشيخ    اتحاد الكرة: مكافأة خاصة للاعبي منتخب مصر.. وسنتأهل إلى كأس العالم    50 جنيهًا للواحدة.. قرارات هامة من التعليم بشأن صرف مستحقات معلمي الحصة    مسؤولة أممية: مستوى المعاناة في غزة يتحدى القدرة على الوصف والاستيعاب    انفوجراف.. الأزهر للفتوى: تطبيقات المراهنات الإلكترونية قمار محرم    رئيس جامعة القاهرة يوجه بسرعة إنجاز الأعمال بالمجمع الطبي للأطفال    5 أدعية نبوية للحماية من الحوادث وموت الفجأة.. بعدانقلاب أتوبيس الجلالة وقطار المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دم غالى.. واستقالة متأخرة
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 10 - 2009

أشلاء متناثرة.. دماء أبرياء متطايرة.. صراخ وعويل يكسوان المكان.. ذعر ورعب يسوقان العشرات للهروب من عربات الموت.. أطفال تستغيث.. أمهات يبحثن عن أبنائهن بين حطام القطارين.. شباب فى زهرة العمر يفقدون أطرافهم.. مسنون يرددون الشهادة قبل المنية بدقائق.. غيبوبة يغرق فيها العشرات بعد تعرضهم لارتجاج فى المخ.. رائحة الموت تخيم على الأجواء.. "ولاد بلد" تملأهم الشهامة يتسابقون من أجل إنقاذ من كتب لهم البقاء على قيد الحياة.. سيارات إسعاف تتوافد من أجل إنقاذ الجرحى..
تلك هى الأجواء المخيمة على مكان حادث القطارين عند قرية جرزا بمحافظة الجيزة، فقد كُتب لى أن أرى هذا الحادث أثناء عودتى لبلدتى ببنى سويف، وتوقفت سيارتنا لنشاهد هذه الأجواء الكئيبة.
وقد أثرت فى كلمات شاب كان غارقا فى دمائه بعد نجاته من الحادث، حيث انتابته حالة هستيرية وأخذ يردد: "لأمتى دمنا هيبقى رخيص على البلد دية لأمتى هيعملونا معاملة الكلاب، مش كفاية عذاب أبوية المطحون بالليل والنهار عشان يصرف على دراستى بالجامعة، حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم"، وعندما حاولت أن أتكلم معه وأعرفه بهويتى الصحفية، ما كان منه إلا أن انفجر مرددا: "صحافة إيه، ما انتم قلتوا كتير بعد احتراق المئات فى قطار الصعيد، وطلع المسئولين بتصريحات وردية، وبالرغم من ده كل يوم والتانى بتزيد مآسى الشعب وعمالين نغرق فى دمنا، قولوا للكبار احنا زهقنا مش عارف هنلقيها من الفقر ولا الخوف ولا تسلط الكبار علينا".
بهذه الكلمات أنهى الشاب الناجى من الحادث كلامه معى وترك المكان رافضا أن تحمله سيارات الإسعاف لأقرب مستشفى، لكنه ترك لى كثيرا من علامات الاستفهام التى لا أجد لها حلاً ومنها:
إلى متى ستستمر مهزلة الاستخفاف بفقراء هذا الوطن؟ ألم يكفى حكومتنا الرشيدة أنها تفننت فى فرض كل ألوان الجباية تحت مسمى الضرائب؟ وكان من المنطقى أن يجد من يدفعون هذه الضرائب خدمات تخفف من أعبائهم التى تزداد يوما بعد يوم؟!
إلى متى سيكون دم المصريين رخيصا على حكومتنا؟ فهناك الآلاف الذين يلقون مصرعهم على الطرق المصرية، سواء البرية أو البحرية، فطريق الصعيد وحده يشهد مصرع أكثر من ثلاثة آلاف شخص سنويا.
بل إلى متى تدفن حكومتنا رأسها كالنعام فى الرمال تجاه ما بها من خلل فى أجهزتها التنفيذية؟ كلنا نعلم الوضع المهلهل الذى يسود أجهزة الدولة، فهل سمعنا عن نظام إدارى وتنفيذى فى العالم يغرق فى الفساد كما فى بلدنا؟ بل هل سمعنا عن حكومة مكونة من رجال أعمال يعيشون فى كوكب ثانى، ولا يشعرون بمدى ما يتعرض له المواطن المصرى من عذاب خلال حياته اليومية؟!
بل هل سمعنا عن حكومة مصممة على تكرار أخطائها؟ فبعد حريق قطار الصعيد انهال علينا سيل من الوعود التى أكدت أن مصر ستشهد نهضة فى قطاع النقل عامة والقطارات خاصة، لكن منذ هذه الكارثة وقد شهد هذا القطاع أكثر من 20 حادثة راح ضحيتها المئات من أبنائنا؟
قد يقول البعض إن الحكومة أحست بخطئها، وأكبر دليل على ذلك ما أقدم عليه وزير النقل من إعلان استقالته، وتأكيده لوسائل الإعلام أنه يشعر بالمسئولية تجاه الحادث.
وهنا أقول: لماذا لم يقدم وزيرنا الهمام على هذه الاستقالة فى نفس يوم الحادث إذا كان بالفعل يستشعر المسئولية؟ بل لماذا أعلن الوزير استقالته بعد جلسة البرلمان العاصفة، والتى عجز فيها الوزير عن الرد خاصة وأن الدكتور زكريا عزمى كان على رأس المنتقدين للإهمال الذى كان سببا رئيسيا فى وقوع الحادث.
لقد فهم الوزير الإشارة التى أرسلت له من خلال هذه الجلسة البرلمانية العاصفة، فأراد أن يكون بطلا على أشلاء شهداء قطار العياط، وحاول أن يجد لنفسه دورا يسلط عليه الإعلام أضواءه كأول وزير يستقيل ويقبل استقالته فى عهد حكومة الكوارث.
وإنى على يقين أن النظام المصرى يحاول امتصاص غضب المصريين، من خلال حزمة إجراءات وهمية ستنتهى بمجرد دخول حادثة قطار العياط "تخزينت" النسيان، والهدف تحسين وجه النظام، خاصة وأن الحادث تزامن مع مؤتمر الحزب الوطنى، واقتراب البلاد من انتخابات رئاسية وبرلمانية، فالفقراء لهم الله.. وللنظام حساب التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.