مصر كنانة الله فى أرضه، أرض الأمن والأمان، يقول الله تعالى على لسان نبيه يوسف عليه السلام: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" سورة يوسف. قيض الله تعالى لمصر من يوحد صفوفها ويخلصها من الغزاة والطغاة والظالمين على مر تاريخها. وبعد أن احتلها الرومان وأذاقوا أهلها صنوف الذل والهوان والاضطهاد، جاء عمرو بن العاص رضى الله عنه فاتحًا لها، وخلص أهلها وانتشر الإسلام بعدله فى جميع أنحاء مصر الغالية وجاء صلاح الدين الأيوبى القائد الشجاع ليقود المعركة بكفاءة وخبرة عسكرية ويحرر بيت المقدس ويخلص الجميع من الاستعمار الصليبى ويرد للأمة الإسلامية كرامتها واعتبارها، وهبت مصر بقيادة السلطان سيف الدين قطز لمواجهة دمار وخراب التتار الذى أصاب العراق وأحرق عاصمتها بغداد وقتل العلماء والفقهاء وأصحاب الرأى فيها، فوحد قطز المصريين جيشًا وشعبًا وقاد معركة عين جالوت لينتصر على التتار وينقذ الأمتين العربية والإسلامية. ثم يأتى الدور على رجال الجيش المصرى المخلصين فى العصر الحديث، فها هو أحمد عرابى يقف وبكل قوة وشجاعة فى وجه الخديوى قائلاً: له بكلمات خالدة سجلها التاريخ بأحرف من نور: "لقد خلقنا الله أحرارًا ولم يخلقنا تراثًا أوعقارًا، فوالله الذى لا إله إلا هو لن نستعبد ولن نورث بعد اليوم". ولقد قاوم الزعيم سعد زغلول ورفاقه الاحتلال والاستعمار الظالم، ونفوا جميعًا جزاء حبهم لوطنهم، ولكن الله تعالى أكرمهم وعادوا إلى مصر مكرمين واثقين من عدالة قضيتهم. وما قام به الضباط الأحرار عام 1952م من ثورة خالدة، وطردوا الملك فاروق وخلصوا البلاد من الملكية الفاسدة للأبد، وأعادوا لمصر حريتها وللمواطن كرامته، وقاموا بتحقيق أهداف ثورتهم على وجه أبهر العالم آنذاك. وهب الشعب المصرى معلنًا التحدى بعد هزيمة1967م، وانتصر انتصارًا عظيمًا سجله التاريخ فى العاشر من رمضان1393 هجرية السادس من أكتوبر 1973ميلادية، وأنسى العالم كله أسطورة "الجيش الذى لا يقهر"، فكان نصرًا من عند الله تعالى لجيش وشعب مصر الذين اعتمدوا على ربهم وتوكلوا عليه وأخذوا بأسباب النصر على عدوهم. ويأتى الدور هذه المرة على "شباب مصر" ليواجه الظلم والفساد والجوع والفقر، ويقف أمام الذين سرقوا خيرات وطنه، فيقوم بثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م مطالبين بالحرية والعيش والعدالة الاجتماعية، فسانده الجيش فى القضاء على الحكم الفاسد الذين أذاقوا الشعب الذل والاستعباد وحرموهم من أدنى درجات العيش الكريم. وعندما رأى أهداف ثورته تتبخر شيئًا فشيئًا ولم يتحقق منها شيء يذكر، ومما زاد الأمر سوءًا، جاء الرئيس المعزول وجماعته وقاموا ببث الفرقة بين أبناء الشعب الواحد وأضعاف هيبة الدولة والهجوم على مؤسساتها "الجيش والشرطة والقضاء والإعلام"، قام ثائرًا مرة أخرى فى الثلاثين من يونيو2013م مطالبين بالحرية والكرامة والعدالة التى نادوا بها من قبل، وطالبوا بعزل مرسى وجماعته الذين فرطوا فى الوطن والمواطن، ولم يحققوا شيئًا يشعر به المواطن. فهيأ الله لمصر من يدافع عنها ويقف بجوار الشعب فى ثورته حتى يقضوا جميعًا على من يريد هدم الدولة المصرية، وقف المشير السيسى وجيش مصر العظيم وعدد من الرموز السياسية والدينية والشباب والمرأة بإعلان "خارطة المستقبل" ، وأعادوا للشعب حريته. وجاء اليوم الذى تطلب فيه مصر من أبنائها الأوفياء المخلصين أن يقفوا بجانبها، ويعملوا من أجل عودة مكانتها وريادتها، أن يقفوا بجانب جيشهم صاحب التاريخ المشرف الحافل بالانتصارات والبطولات حتى يتم القضاء على الارهاب الأسود وأن يقفوا بجانب رجال الشرطة الشرفاء حتى يتم القضاء على الفوضى ويعود الاستقرار والأمن إلى جميع أفراد الشعب، أن يقفوا بجوار أزهرهم الشريف صاحب الفكر الوسطى المستنير الذى سيظل -إن شاء الله- منارة للعلم والعالم إلى يوم القيامة، أن يقفوا إلى جوار قضاء مصر العادل حتى يعود الحق لأصحابه، حتى تتحقق العدالة المنشودة بين المواطنين. نقف جميعًا حتى يتم القصاص العادل لدماء شهداء الوطن، وأن نوحد صفوفنا للبناء والتعمير والتنمية؛ حتى نحقق أهداف ثورتين عظيمتين. ينبغى على الجميع عدم نشر الشائعات والأكاذيب، وأن نحافظ على هيبة الدولة، وإعطاء الفرصة لدوران عجلة الانتاج، والحفاظ على مؤسسات الدولة الأمنية والثقافية والاجتماعية والفكرية، وإبراز قيمة الانتماء للوطن فى نفوس الطلاب والشباب من خلال تعريفهم بأهمية المشاركة الإيجابية فى شئون المجتمع وتعويدهم احترام عادات الوطن وتقاليده والمحافظة على ثرواته ومؤسساته. وإشاعة جو الأمن فى وطننا الغالى مسئوليتنا جميعًا، فعلى جميع أفراد المجتمع أن يسارعوا لوأد محاولات زعزعة الأمن والاستقرار. وفق الله تعالى المخلصين لمصر، ونسأله تعالى أن ينشر الأمن والأمان والهدوء والاستقرار فى بلدنا الحبيبة "مصر".