يحكى أن أحد الملوك المهووسين بالشهرة قد عهد إلى أمهر مهندسى عصره فى البناء ويدعى سنمار ببناء أفخم قصر له كى يصبح مفخرة للملك فى تاريخ البلاد كلها، ولما أتم سنمار عمله صعد به الملك إلى أعلى القصر ورمى به حتى لا يبنى قصرًا مثله لأحد من بعده.. أصبحت هذه القصة مثلاً يضرب فى نكران الجميل وفى مقابلة الإحسان بالإساءة.. تذكرتها وأنا أتأمل فى شعبنا المسكين!- على مدار تاريخه كله- فى أحواله مع حكامه الذين أذاقوه العذاب وحالوا بينه - مع سبق الإصرار والترصد!- وبين كرامته ووقفوا سدًا منيعًا فى سبيل حصوله على حريته وكافأوه على سذاجته! ولعلنا نذكر ما فعله محمد على باشا حينما طرق الشعب ومعهم علماء الأزهر باب بيته يستحثونه على ولاية أمر مصر والرجل يتمنع!! ويظهر التعفف المصطنع والزهد الكاذب فى الولاية التى تتوق إليها نفسه! ثم كافأهم على طيبتهم وبلاهتهم فقام بنفى علماء الأزهر المؤثرين فيمن حولهم, ثم أحاط نفسه بعدد من المستشارين والقادة الأجانب غير المصريين وسن بعد ذلك من القوانين التى تنظم شئون الحياة فى مصر من زراعة وصناعة وجيش ما جعل شعب مصر مواطنين من الدرجة الثانية إن صح التعبير.. ولا ننسى كذلك وقوف الشعب المصرى بأكمله خلف تنظيم الضباط الأحرارعام1952وتدعيمهم له بالجماهير التى أعطتهم زخمًا وشرعية فى مواجهة الملك, وحولت الانقلاب إلى ثورة! وما إن آلت إليهم الأمور! وأصبحت مقاليد الحكم فى أيديهم حتى شرع مجلس قياده الثورة المباركة! فى تكبيد حرية الشعب وفى اصطناع المخاطر الوهمية! التى تجعل الدولة فى حالة تعبئة مستمرة وكأن الأعداء يتربصون بهم وبثورتهم العظيمة! وأصبح ترديد بعض الجمل والشعارات التى لعبت أجهزة الإعلام(الموجهة) دورًا فى نشرها قرءانًا يتلى بين الناس مثل: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة! وخلى السلاح صاحى! وتمت تعبئة الناس لعدو متربص بهم, فاستحلوا بهذا كرامتهم وكشفوا بذلك عوراتهم وسلطوا عليهم كلابهم المدربة- صلاح نصر وشمس بدران- تنهش لحومهم.. وتعتدى على حرماتهم.. وتقتل فيهم الاعتزاز بالدين والوطن, حتى يحكمون قبضتهم بالخوف والترويع وأجهزه الأمن الوفية لأسيادها والتى لا تحتاج إلى شحن أو توجيه! فى بلد أصبح الحديث عن حق الشعب وكرامته نوعًا من الزندقة ودربًا من دروب الخيال.. وحدث نفس الشىء مع مبارك الذى لم يحفظ لشعبه كرامته ولم يرع حقه فى عيش كريم جزاء ما أنعم الله به عليه من حكم هذا البلد العظيم وهذا الشعب المسالم! بل لقد بخل عليهم بحريتهم وكرامتهم.. تحكى وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس فى مذكراتها أنها طلبت من الرئيس المصرى أن يعامل شعبه بشىء من الكرامة وأن يمنحهم الحرية فرد عليها أنه يعرف شعبه جيدًا ويعرف ما يصلح له!! فتركهم لعصابة من اللصوص والقتلة فى حماية أجهزة الأمن, فتاجروا فى كل شىء (أكياس دم ملوثة- مبيدات مسرطنة- قمح فاسد) دون رقابة أو محاسبة! بل قدم بنفسه الحماية لهؤلاء اللصوص وساعد نظامه عدد منهم على الهروب بعيدًا عن القضاء والمحاكمات(أصحاب القروض, ومالك عبارة الموت)، وكأنه لا يحفظ للشعب جميلاً ولا يرعى لهم حرمة ولا يبكى وهو المسئول عن أعداد المرضى بالأورام السرطانية والفشل الكبدى ممن وقعوا ضحية ثلة من عديمى الضمير حتى أذن الله لثورة 25يناير أن تعيد الأمور إلى نصابها، لكن قله من أصحاب المنافع.. وجمع من المغفلين!.. يريدون العودة بنا إلى الوراء!! أمين عام حزب البناء والتنمية بالبحيرة