سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"اليوم السابع" تكشف أسرار "حرب البترول" فى ليبيا.. انفصاليو "برقة " يسيطرون على حقول الإقليم ويتهمون حكومة "زيدان" بسرقة عائدات النفط .. مسؤول عسكرى: أمريكا ستتعاون مع الشيطان من أجل البترول من داخل أكبر ميناء تصديرى ب«شمال أفريقيا»..
نقلاً عن العدد اليومى إعادة رسم خارطة الميزانيات الدولية أمر كفيل بإشعال الحروب أو تأجيجها على الأقل، هذا ما يحدث داخل ليبيا أكبر دول تصدير البترول، اقتحام الولاياتالمتحدة للعراق كان بالطبع لضمان عدم وقوع أزمة وقود فى الولاياتالمتحدة، وقتها وقع الاتفاق بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا على تقسيم حصة النفط العراقية، وكان لابد من إشعال الأرض، إلا أن المدللة فرنسا كان لابد من إرضائها بعد تضامنها مع غزو العراق فكان آخر بند بصفقة التحالف الدولية هو منح فرنسا صفقة النفط الليبية. المفاجأة التى أصابت الجميع بالصدمة دعوة الكتل الثورية للفيدراليات على غرار الولاياتالمتحدة والإمارات، بدعوى توزيع عادل لثروات ليبيا، والتخلص من مركزية الحكم فى ليبيا، ليصبح من حق كل إقليم منفصل لعقد الصفقات والاتفاقات مع أى دولة وفقا لشروط البيع والشراء، ليصبح السؤال: هل يسير السيناريو الليبى نحو السيناريو العراقى وهل تتدخل الولاياتالمتحدة بقوات دولية لحماية حصتها البترولية خاصة بعد ظهور وحدة التدخل السريع فى شمال أفريقيا، والذى سيصبح بمباركة دولية لذا كان من الضرورى الدخول لأحد حقول البترول كأول فريق صحفى يدخل حقل بترول فى ليبيا عقب إعلان الفيدراليات، وإغلاق الحقول بقوة السلاح للضغط على الدولة لتنفيذ المطالب. فى إقليم برقة يصفها أهلها بأنها مدينة عائمة على آبار البترول، فرائحة الذهب الأسود تشتمها مع بداية الطريق الصحراوى لمدينة طبرق، حيث يوجد أكثر من %85 من إجمالى ثروات البترول فى ليبيا، والذى يمثل %25 من إجمالى اقتصاد ليبيا، فى صباح ثالث أيام رحلة «اليوم السابع»، داخل ليبيا، توجهنا فى السادسة والنصف صباحا من مدينة بنى غازى إلى طريق آبار البترول فى مدينة طبرق التى تبعد مسافة 280 كم عن مدينة بنى غازى، كانت تسير خلفنا عربة مدرعة رباعية بها ثلاثة رجال مسلحين لحمايتنا من جماعة أنصار الشريعة المتفرقة على طريق بنى غازى وحتى دخولنا إلى مدخل مدينة طبرق، لأن الكتائب منفصلة وليست تحت قيادة واحدة وإدارة واحدة. فى الطريق مررنا على كتائب عبدالفتاح يونس القائد العسكرى السابق فى جيش القذافى والذى اغتيل على يد أنصار الرئيس القذافى، بعد حوالى ثلاث ساعات ونصف الساعة وصلنا لميناء برقة لتصدير البترول أكبر ميناء على مستوى شمال أفريقيا لتصدير البترول والغاز، الميناء من الخارج يقف عليه ثلاث كتائب مسلحة، من نوع الأسلحة الثقيلة كالجرينوف ومضاد الطيران، وحراسه الذين يرتدون الزى العسكرى يحملون الكلاشينكوف، قبل التجول فى الحقل كان لابد من الجلوس أولا مع مستشار الشؤون العسكرية والأمنية لقوة دفاع إقليم برقة، رفض الإفصاح عن اسمه لدواع أمنية. السؤال الذى كان يدور وقتها هو هل من الممكن أن يكرر التاريخ نفسه من جديد، فبالعودة إلى الوراء تحديدا فى عام 2003 كان اقتحام الولاياتالمتحدة للعراق بالطبع لضمان عدم وقوع أزمة وقود فى الولاياتالمتحدة بسيطرتها بصورة غير مباشرة على ثانى أكبر احتياطى للنفط فى العالم، لتظهر ليبيا فى الصورة من جديد بعد إعلان الدعوة لتأسيس الفيدراليات، على غرار الولاياتالمتحدة والإمارات، بدعوة توزيع عادل لثروات ليبيا، والتخلص من مركزية الحكم فى ليبيا، ولكن السؤال هل يسير السيناريو الليبى نحو السيناريو العراقى وهل تتدخل الولاياتالمتحدة بقوات دولية لحماية حصتها البترولية خاصة بعد ظهور وحدة التدخل السريع فى شمال أفريقيا، بعد إغلاق الحقول بقوة السلاح للضغط على الدولة لتنفيذ المطالب؟ السؤال الذى أجاب عنه مستشار الشؤون العسكرية لإقليم برقة. قائلاً: «أمريكا ستتعاون مع الشيطان من أجل البترول» هكذا قال لنا مستشار الشؤون العسكرية لإقليم برقة أثناء مقابلتنا قبل دخول الميناء كإجراء أمنى لازم، مؤكدا أن الدعوة للفيدراليات أو الاتحاد وفقا لتعريفها لن تؤثر على العلاقات «الليبية الأمريكية»، ووفقا لوجهة نظره فإن الولاياتالمتحدة لن تهتم إلا بمصلحتها والتى ستكون فى التحالف مع مالكى حقول البترول، مشيرا إلى أن حكومة إقليم برقة سوف تعمل وفقا للقانون وتقسم البترول على جميع ولايات ليبيا، قائلاً: «قانون 79 يقسم البترول بالتساوى على جميع مدن ليبيا، ولن نتبع سواه». وعن إغلاق حقول النفط أشار إلى أنه لم يكن وسيلة للضغط على الحكومة أكثر من كونه وسيلة لحماية آبار البترول من أعمال السرقة والنهب التى كانت تتعرض لها حقول البترول فى ظل وجودها تحت يد حكومة على زيدان رئيس الحكومة، مشيرا إلى أن بعض الصفقات كانت تتم بمكالمة تليفونية دون ورقة رسمية والتى لا يعترفون بها - على حد تعبيره - مؤكدا أنهم يقدمون البترول إلى كل مدن ليبيا ولا يمنعونه عن أى بلد، موضحا أن الحكومة لا تمانع من عقد الصفقات الدولية مع أى دولة تطلب البترول ولكن وفقا لشروط بيع البترول التى ينص عليها القانون الليبى، عدا إسرائيل الدولة التى لن يتعاونوا معها تحت أى ظرف. مستشار الشؤون العسكرية كان دائم التأكيد فى حواره مع «اليوم السابع» على أهمية العلاقة بين مصر وليبيا، تحديدا فى الفترة المقبلة، معترفا بشكل صريح بتقصير ليبيا فى حق مصر - على حد تعبيره - مشيرا لاتساع دائرة تهريب السلاح والعناصر المتطرفة والتى اتسعت حلقتها بعد الموجة الثورية الجديدة 30 يونيو، والتى أدت لتدفق هروب العناصر الإخوانية المستعينة بقطر، والمستغلة على حد سواء بالفجوة الأمنية وهشاشة النظام الليبى للهرب عبر حدود «مصر - ليبيا» إلى قطر. ليقول لنا نصا رافضا إنهاء الحوار قبل نشر سطوره: «نؤكد على اعتذارنا لمصر، ونؤكد أيضا على حرص ليبيا على اتصال العلاقات مع مصر فى الفترة المقبلة، فلا يوجد أمن داخلى أو استقرار لدولة ليبيا دون استقامة العلاقات بين البلدين، وما حدث من انتهاك للحدود هو أمر خارج عن إرادتنا نحن الليبيين وكقوة فيدرالية، تسعى لتحقيق استقلالها والاستقرار الداخلى». بعد انتهاء الحوار كان لابد من تغيير السيارة التى دخلنا بها إلى حقل البترول، كان يقود السيارة التى استقللناها نجل مستشار الشؤون العسكرية شاب عشرينى، يجيد استخدام اللغتين الفرنسية والإنجليزية، درس فى الخارج ويحضر للدراسات العليا، كان يرتدى البدلة العسكرية، ترك التعليم وفرصته فى الحصول على عمل مهم فى أى دولة وأصبحت مهمته منحصرة فى «حماية الوالد»، كانت لغة جسده ترفض وضعه الحالى، الوضع الذى قد يفضى بحياته فى أى وقت، كان يحمل السلاح على كتفه ويعلق الطبنجة «9 ملم» أعلى بنطاله، فى المقعد الخلفى للعربة كان بجوارى قطعة سلاح كبيرة «كلاشينكوف» وسيلة الحماية اللازمة، ورغم عدم رضائه عن وضعه القدرى ورغم تطلعه الدائم للسفر والخروج بعيدا عن الدائرة الضيقة التى كانت تعبر عنها أفكاره المتطلعة ورغبته فى العلم والاستقرار، إلا أن شعوره بالواجب تجاه والده أولا كان يدفعه لاستكمال الطريق، فكان يأتى رده منكسرا كباقى الليبيين «الله غالب». كان المسلحون يحيطون بنا من كل جانب، أسلحتهم على أكتافهم ونظراتهم ثاقبة متسائلة «كيف دخلتم إلى هنا، ومن أى جهة أنتم» الأسئلة التى نطقت بها بعض ألسنة العاملين بالداخل مغلفة بتعبيرات الدهشة، قال لنا أحدهم «لم يقو أحد على الدخول إلى هنا تحت أى ظرف.. أنتم دخلتم التاريخ». نظرا للحراسة الأمنية الشديدة كنا ملتزمين بالسير فى العربات التى جهزت لنا والتى كانت مسلحة بأنواع متعددة من السلاح، بل يحمل بعضها أثر معركة قريبة، كان بجوارى سلاح كلاشينكوف مفرغ الطلقات، من الواضح استعماله من مدة زمنية قريبة، كان يحمله شاب عشرينى يرتدى زيا عسكريا كباقى العناصر المسلحة الموجودة على أبواب الميناء، من الواضح على طريقة حديثه أنه خريج تعليم متوسط، كباقى حال أهل ليبيا الذين يعانون من هشاشة البنية التحتية فى ليبيا وعلى رأسها المؤسسات التعليمية والطبية. الحقل الذى يعمل على مدى الساعة، بدايته بحقول تصنيع «غاز الميثان» والتى كانت متوقفة لعدم وجود عماله، بعدها دخلنا على حقول النفط، الميناء كان مقسما لجزأين على اليمين كان الرصيف خاليا من أى سفن وعلى اليسار كانت توجد سفينة واحدة كبيرة، وبالسؤال علمنا أن السفن الموجودة هى السفن الخاصة بتوريد البترول إلى الداخل فقط، أما الرصيف الخالى وهو خاص بتصدير البترول للخارج، والمتوقف العمل به حاليا وفقا لسياسة الدولة التى تمنع تصدير البترول لخارج ليبيا، ووفقا لشهادة العاملين داخل الميناء الذين أحاطوا بنا فور دخولنا أرض الميناء بأن إدارة الميناء رغم حمايتها لميناء النفط، وإحكام السيطرة عليه لا يمكن اتخاذ قرار تصدير البترول للخارج وفقا لقرار الدولة حتى الآن. ثورى حمودة عضو مكتب قوة دفاع برقة، وأحد المسؤولين بالميناء قال لنا «سعة طاقة عمل الميناء تصل إلى 280 ألف برميل يوميا، مؤكدا أن تصدير البترول للخارج متوقف منذ أكثر من خمسة شهور، فقط البترول يوزع إلى مدن ليبيا، نحن ملتزمين بما نصته حكومة على زيدان التى تمنع تصدير لبترول إلى دول الاستيراد الكبرى». جميع خطوط مشتقات البترول متوقفة فى حقل البترول «الميثون، آمونيا، يوريا» وغيرها من مشتقات البترول لعدم وصول معاشات العاملين بتلك المصانع من مؤسسات الدولة، يقصد حكومة على زيدان التى قطعت مصادر التمويل عن آبار البترول لثنى أذرع حكومة برقة عن العمل داخل الحقول - على حد تعبيره - مما يؤدى لخسارة الميناء لما يزيد على نصف العائد اليومى الذى كان ينتج من الميناء والذى كان يتعدى المليارات، مضيفا بقوله: «حاولنا التواصل أكثر من مرة مع حكومة على زيدان، لإرسال مرتبات العاملين بالميناء لاستكمال العمل داخل الميناء ولكن لا حياة لمن تنادى، مما اضطرنا لتسريح العمالة تخفيضا للمرتبات الآن لاستكمال العمل فالقليل من قطاعات النفط تصرف بمجهودات ذاتية». على جميع حقول النفط أعلام ليبيا منتشرة وبعض اللافتات التى تحمل معنى إما النصر أو الشهادة من أجل ليبيا، كل منشأة يقف أمامها ثلاثة حراس مسلحين - كحد أدنى من التأمين للمنشأة - فى طريق الخروج استقللنا نفس العربة، الجميع بلا استثناء رفض خروجى من العربة للتحدث مع الكتائب المسلحة لأنه أمر سترفضه الكتائب المسلحة وقد تتعامل معه بشىء من « التحفظ». المفارقة التى اكتشفناها لاحقا أن الحارس الخاص بنا طيلة الرحلة منذ لحظة خروجنا من بنى غازى فى السابعة صباحا وحتى دخولنا إلى ميناء البترول مرورا بتجولنا داخل الميناء وحتى لحظة خروجنا منه، والذى كان كباقى المحيطين بنا يحمل السلاح ال 9 ملم، كان الابن الأكبر لمستشار الشؤون العسكرية، الأمر الذى يعكس حقيقة مهمة وهى انعدام الثقة بين جميع الفئات داخل ليبيا، وأن دخولنا إلى أكبر حقل بترول فى شمال أفريقيا كان يتم على أعلى درجات السرية، لذا كان الاعتماد الأول على شخص واحد وعائلته، الأمر الذى كان يفسر تتبعه لنا طيلة طريق العودة بسيارة ابنه الأصغر، وإيقافه لنا فى عدة محطات للتأكيد على سلامتنا الأمنية، فضلا على تصميمه على إيقاف العربة فى طريق الدخول إلى مدينة طبرق، والدخول بنا إلى بداية الطريق، وذلك بعد إيقاف كتيبة مسلحة لنا تابعة لإحدى كتائب الجيش المنفصلة عن المؤسسة الرسمية. فى طريق العودة إلى طبرق مررنا بثلاث كتائب عسكرية تابعة لجهات مختلفة، وفى طريق الكوش مدخل طريق غرب طرابلس على مدخل بنى غازى مررنا على كتيبة لأنصار الشريعة رافعة علمها الأسود، على بعد 10 كيلومترات مررنا على كتيبة أخرى لجماعة أنصار الشريعة تسير فى الشارع مكونة من ثلاث عربات نصف نقل محملة بأسلحة ثقيلة تسير بين المدنيين متجهة نحو كتيبة أنصار الشريعة، ولا أحد يعلم ما قد يحدث.