وكيل تعليم الأقصر يتفقد مدارس الطود لمتابعة العملية التعليمية    وزير الكهرباء يبحث مع المؤسسة الحكومية الروسية للطاقة الذرية و«روسآتوم» معدلات التنفيذ بمحطة الضبعة    وكيل «أوقاف الغربية» يجتمع بمديري الإدارات لمناقشة خطط العمل الدعوي    مدبولي: ما نشهده من أحداث تُنذر باتساع النزاع على المستوى الإقليمي    برامج تدريب مجانية لتأهيل الشباب بقرى ومراكز محافظة أسيوط    محافظ المنيا يهنئ الفائزين بمسابقة المشروعات الخضراء الذكية بمؤتمر الفيوم    القاهرة الإخبارية: لأول مرة الاحتلال يتحدث عن استهداف حيفا    وزير الأشغال اللبناني: مطار بيروت مستمر بالعمل    النواب اللبناني: إسرائيل متجردة من كل القوانين والمواثيق الدولية    وفد كاف يجتمع بعبد الواحد السيد قبل السوبر الأفريقي    محافظ الجيزة يكلف بإزالة مخالفات بعقارات في الدقي    بعد تسجيلات متداولة تحذر من شرب مياه الحنفية.. رئيس جودة المياه يكشف حقيقة تلوثها    تحرير 14 محضراً لمخالفات تموينية بقلين بكفر الشيخ    جامعة أسيوط تفتح أبوابها لأكبر طالب جامعي بعمر 62 عامًا    إلهام شاهين وآيتن عامر في العرض الخاص لفيلم «عنب»    لمواليد برج الجوزاء.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من سبتمبر 2024    الصحة: تطوير ورفع كفاءة قسم العمليات بمستشفى المقطم    مواجهات نارية في الجولة السادسة من الدوري القطري    حارس ليفربول: 5 أمور تحسنت في مستوى محمد صلاح تحت قيادة آرني سلوت    "اللي مالوش خير في حاتم ".. إرث فني مبدع لخالد صالح رغم رحيله مبكرًا    محافظ أسيوط: مواصلة تسليم نموذج 8 نهائي التصالح في بعض مخالفات البناء بمركز أبنوب    محافظ المنوفية يلتقي مدير مستشفى شبين الكوم التعليمي الجديد    وكيل صحة البحيرة يتابع أعمال الإنشاءات بمستشفى بدر الجديد|صور    إمام عاشور: مواجهة الزمالك ليست سهلة.. واندمجت سريعا في الأهلي    البيئة: مؤتمر الأطراف ال29 للتغيرات المناخية اختبار حاسم لاتفاق باريس وللعمل المناخي العالمي    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 25-9-2024 في محافظة البحيرة    وزير التعليم العالي يشهد حفل استقبال الدفعات الجديدة    قطر أول دولة خليجية تعفى من فيزا الدخول لأميركا    صحيفة أمريكية: نتنياهو المعزول يقاوم الضغوط لإنهاء الصراعات في غزة ولبنان    حالة الطقس في مصر: ارتفاع نسب الرطوبة نهارا على بعض المناطق رغم استقرار الطقس    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    عقب تداول «فيديو».. سقوط لصوص أغطية بالوعات الصرف بالمنصورة    ضبط 6 أشخاص حال قيامهم بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار بالقاهرة    بزشكيان: إسرائيل ارتكبت "إبادة جماعية" في غزة    الجيش الإسرائيلى: 5 صواريخ أطلقت من لبنان تجاه زخرون يعقوب ويوكنعام عيليت    الجناح المصرى بLeisure 2024 يفوز بجائزة «الأفضل»    موعد عرض الحلقة 10 من مسلسل برغم القانون.. انتظروا أحداثا شيقة    استشاري يحذر من الخلافات الأسرية: تصيب الأطفال بالانطوائية والعنف    خالد جلال يناقش خطة عروض البيت الفني للمسرح ل3 شهور مقبلة    «الكولونيل» فريد مسعود    التليفزيون هذا المساء.. خالد الجندى: قضية الإلحاد موقف نفسى وليس فكريا لأغلبية الشباب    خبير سياحي: الدولة تقدم خدمات متكاملة في مشروع «التجلي الأعظم»    تكريم الإنسانية    تعديل المخططات التفصيلية لقريتين في محافظة الدقهلية    محافظ الدقهلية يكتشف تلاعبا بوزن رغيف الخبز    إعداد.. وتأهيل.. وتبادل خبرات    صحة المنوفية: ختام فعاليات دورة المنشآت الصحية والقوى البشرية بحضور 40 متدربا    السوبر الأفريقي.. جوميز يحسم حيرة مركز الظهير الأيسر في الزمالك    ستارمر: انتقاد نتنياهو للحكومة البريطانية بسبب تعليق بعض صادرات الأسلحة أمر خاطئ    تفاصيل زيارة رئيس الوزراء ل«مدرسة السلام المتميزة»    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    حكم الصلاة بالتاتو والوشم    هل نقص المغنسيوم في الجسم يهدد حياتك؟    عاجل.. رد فعل حكم السوبر الأفريقي بعد طلب الزمالك استبعاده.. كيف يدير المباراة؟    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    وفاة إعلامي بماسبيرو.. و"الوطنية للإعلام" تتقدم بالعزاء لأسرته    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القس صفوت البياضى.. لا تجادل ولا تناقش
نشر في اليوم السابع يوم 25 - 10 - 2009

تربطنى بسعادة القس صفوت البياضى رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر علاقة طيبة قائمة على مشاعر الود والتسامح وقبول الآخر، الأعجب أننا لم نلتق يوماً واحداً، ولم ير كل منا الآخر، بل أعرفه من خلال كتاباته ومقالاته التى تنم عن وعى شديد بقضايا وطنه وأمته، وربما قرأ لى مقالاً أو أكثر، وربما لم يعرف شيئاً عنى، ولكن كل ما أود قوله بدايةً، إننى أحمل له بقلبى كل الاحترام والتقدير لوعيه المستمر بوطنه وسعيه لرقيه وتطوره. كما أن هناك صلة رحم بيننا، وهى صلة العلم والتعليم، حيث كنت تلميذا بالمدرسة الإنجيلية الابتدائية الخاصة لمدة ثمان سنوات.
ووجدته منذ أيام يطالب بضرورة حذف وحدة كاملة من كتاب التاريخ المُقرّر على طلاب الصف الثانى الإعدادى، لأنها، على حد قوله، تحمل مفاضلة بين الدين الإسلامى والديانات الأخرى تنتهى بإشارة غير مُعلنة، إلى أفضلية الإسلام عن تلك الديانات، وأشار القس صفوت البياضى إلى أن تلك الوحدة محلُّها كتاب التربية الدينية الإسلامية وليس كتاب الدراسات الاجتماعية. وقال رئيس الطائفة الإنجيلية إنه من المفترض أن يقتصر المنهج على سرد الوقائع التاريخية فقط دون التطرق إلى المقارنة بين الإسلام والأديان التى ظهرت قبله، وأكد فى نهاية تصريحه أنه يكن كل الاحترام للمسلمين الذين يمثلون أغلبية فى المجتمع. ولنا ملحوظات حول الخبر والتصريح والرأى والقضية برمتها.
أولاً: قد يظن البعض من أهلى وعشيرتى وأصحاب ديانتى أن هذين الرأى والتصريح بغيضان جداً، ويحتملان كرها وعداوة للإسلام والمسلمين، وأنا أعذرهم وأقدر مشاعرهم، لأن بعضاً منهم لم يتربَ على الحوار والمناقشة، وبعضهم لا يملك آليات النقاش وفنياته، بل إن منهم من يتبنى منطق أن من ينتقدنى فهو عدو يتربص بى.
ثانياً: الرجل يتحدث من زاوية تعليمية محضة لا من ناحية دينية، لأن رجلاً بحكم خبرة وسن القس صفوت البياضى يعلم أنه يقترب بحديثه هذا من عش المحظورة، لذا فهو حريص فى اختيار عباراته وألفاظه، كما أنه يعنيه الحفاظ على مقومات هذه الأمة وحمايتها كغيره من مغبة الفتنة الطائفية التى لا تبقى ولا تزر.
ثالثاً: لو نظرنا إلى اتجاهات تنظيم المنهج الدراسى فى العالم كله سنجدها لا تخرج عن أربعة اتجاهات، إما منهج المواد الدراسية المنفصلة وهو ما ينادى به سعادة القس البياضى، أو منهج المواد المتكاملة أى تكامل المعرفة الرياضية واللغوية والاجتماعية والعلمية، أو منهج الخبرات الذى يهتم بتزويد الطلاب بمجموعة من الخبرات التعليمية والتربوية التى تعينهم فى المستقبل على مواجهة العمل والحياة، وأخيراً منهج النشاط الذى يعتمد على نشاط وفعالية المتعلم.
رابعاً: وهذا رأيى على استحياء أقدمه لسعادة القس صفوت البياضى أولاً، ولهذا المواطن المهموم بقضايا وطنه كما اهتم واغتم بحادثة قطارى الصعيد منذ ساعات قليلة (كلاكيت ثالث مرة).
لقد أشرت إلى أنك عندما تقابل وزير التعليم دون الجامعى الدكتور يسرى الجمل سوف تحدثه بشأن هذا الأمر، وأنا أود أن أطمئنك بأنه هذه الآونة مشغول جداً بمتابعة استعدادات المدارس لمواجهة أنفلونزا الخنازير وهى تحصد أرواح زهرات حياتنا المستقبلية، يقف ويشاهد ويتأمل وينتظر قراراً فوقياً لتعليق الدراسة أو تأجيلها أو إلغائها، بالإضافة إلى أنه جد مهموم بتواجد أكوام هائلة من القمامة أمام بوابات المدارس بامتداد المحروسة، ناهيك عن توصياته المستمرة بمراعاة قواعد الجودة والاعتماد لمدارسنا النظيفة.
لكن المهم الذى ينبغى أن تعرفه جيداً وتفطن إليه حتى لا ترهق نفسك بعبء التطوير والتغيير والتنمية، رغم أن تلك الكلمات الثلاث هى التى قادت أوباما ذا الأصل الإفريقى كى يحكم أمريكا، وهى أيضا التى قادت النابغة أحمد زويل لتطوير ما تعلمه فى مصر، وهى التى صعدت بنجيب محفوظ ومجدى يعقوب ومحمد غنيم ومحمد البرادعى للتألق والتفوق والنبوغ إن منهج التاريخ أو ما يطلق عليه الدراسات الاجتماعية وليس وحدة منه فقط، لا ولن يسهم فى تعميق فجوة الاحتقان والطائفية بين طلاب وتلاميذ الوطن الواحد.
أنت تتكلم عنى وعنك وعن أبناء جيلك وربما جيلى الذى كان يرى فى لعب الكرة بالشارع نوعاً من قلة الاحترام ونزع الهيبة رغم كوننا صغاراً وقتئذ، لكن هؤلاء التلاميذ الذين يسعى وزيرهم لجودة تعليمهم واعتماد مدارسهم الآيلة للسقوط مادياً ومعنوياً وثقافياً ربما لا يعلمون أنفسهم ماذا يدرسون، كما أن معظمهم يعلمون عن الخلفاء الراشدين وهو موضوع ضمن الكتاب المقرر بأنهم رجال طيبون ليس أكثر ولا أقل، ونحمد الله تعالى أن شيوخ زوايا الفضائيات لا يقتربون من سير هؤلاء الخلفاء فيفسدون على النشء فطرتهم وسليقتهم.
ولقد أشرت سابقاً فى أكثر من موضع ضرورة تضمين كتب التاريخ المدرسية حقبة الأقباط التاريخية، وتهكمت ساعتها بقولى إنهم أثناء الحضارة الإسلامية مروراً بالدول الإسلامية مثل الأيوبية والإخشيدية والطولونية كانوا الأقباط موجودين بسواحل النمسا وسويسرا، أو كانوا يصطافون بكولومبيا. وكتبت مقالاً فى هذا بعنوان "نظرية إما.. أو" أكدت فيه على خطورة عدم تضمين تاريخ وحياة الأقباط فى مصر باعتبارهم جزءاً من نسيج هذا الوطن، فيظن الطالب أن الأقباط كانوا يعيشون فى الأمازون، أو فوق جبال الهملايا، وكل الذى يذكره الطالب كيف كان الإسلام متسامحاً مع هؤلاء، ولكن ألم يكن للأقباط منذ فجر الحضارة الإسلامية ونهضتها الفكرية دور بارز، أم إنهم كانوا يقضون عطلة نهاية العام بأحد شواطئ النرويج.
لكن الأمر الذى أود التأكيد والتركيز عليه، أنه فى حالة نقل هذه الوحدة إلى كتاب التربية الدينية الإسلامية، فدعنى أحدثك عن أمر استغرق منى سنوات حينما كنت أعد رسالتى للماجستير منذ أكثر من عشر سنوات، يظن الأب والأم والجد أن صبيهم وصبيتهم الصغيرة تذهب إلى المدرسة لتتلقى معارف ومعلومات فى اللغة العربية والرياضيات واللغات الأجنبية، بالإضافة إلى ظنهم بتلقى أبنائهم معلومات دينية تسهم فى تنويرهم ورعايتهم ووقايتهم وتنشئتهم تنشئة دينية سوية.
هذا ما يظنه الجميع، ولكن الحقيقة ليست كذلك، فتلك الموضوعات التى يدرسها هؤلاء بمنهج التربية الدينية لن تسهم فى إعداد متعلم مستنير، بل ستساعده فى الارتقاء بملء وقت فراغه بالإنترنت وغرف الدردشة الإليكترونية وزيادة حصيلته اللغوية المبتذلة وإدمانه التليفزيوني. ناهيك عن معلم التربية الدينية بمدارسنا الذى لا يختلف كثيراً عن معلم التاريخ؛ هذا لا يفقه، وذاك لا يعتبر.
وكنا أيام الدراسة الجامعية نسمع من أساتذتنا أن الحضارة الإنسانية قوامها الدين والتاريخ، وأن الدين هو قصة تاريخ الإنسان، وأن التاريخ هو حياة المرء الدينية، ومع هذا أنا لا أرى الصورة سوداء تماماً، لأنه من رحم المعاناة والمحنة تولد الرحمة والمنحة بمناهجنا وطلابنا، لكن حينما تأتى تلك الرحمة ودون النظر إلى أحداث ديروط الطائفية الدموية وكأننا فى غزة أو كوبا، أرجوك سعادة القس وعلى طريقة فيلم الإرهابى للفنان عادل إمام: يا أخ على لا تجادل ولا تناقش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.