سجلت اليابان عجزا تجاريا قياسيا فى 2013 وذلك بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة فى البلاد بعد توقف مفاعل فوكوشيما النووى وكذلك بسبب سياسات رئيس الوزراء شينزو ابى بالحفاظ على انخفاض سعر الين، بحسب ما أظهرت بيانات نشرت الاثنين. وفقدت عملة البلاد نحو ربع قيمتها مقابل الدولار منذ أواخر 2012 بسبب سياسة شينزو أبى بخفض الإنفاق الحكومى، إضافة إلى الحوافز النقدية الهائلة التى قدمها البنك المركزى اليابانى بهدف إنعاش الاقتصاد الذى يعد ثالث أكبر اقتصاد فى العالم. وتسبب انخفاض سعر صرف الين فى تضخم أرباح الشركات المصدرة مثل سونى وتويوتا مما أدى إلى ارتفاع مؤشرات البورصة، حيث ارتفع مؤشر نيكاى بنسبة 57% العام الماضى، وهو أعلى ارتفاع له منذ أكثر من أربعة عقود. كما منح انخفاض العملة الرسمية المصدرين مرونة أكبر فى خفض أسعار أجهزة التليفزيون والسيارات ورقاقات الكمبيوتر التى يبيعونها فى الخارج. لكن وبسبب معاناتها من ارتفاع الين إلى معدلات قياسية خلال السنوات الماضية، امتنعت معظم الشركات عن خفض أسعار صادراتها إلى الخارج. وأصبح ضعف الين الآن يتسبب فى ارتفاع تكاليف الطاقة فى اليابان. فقد ازدادت واردات البلاد من الوقود الأحفورى (النفط والغاز) بشكل كبير منذ إغلاق المفاعلات النووية فى البلاد عقب أزمة التسريبات النووية فى 2011، بعد أن كانت تلك المفاعلات توفر للبلاد ثلث احتياجاتها من الطاقة. وقالت شركة "كابيتال أيكونوميكس" للأبحاث "لا توجد مؤشرات على أن ضعف الين يزيد من تنافسية الصادرات اليابانية"، مشيرة إلى أن حصة اليابان من الصادرات العالمية لم تتغير كثيرا رغم انخفاض الين. وذكرت أن "السبب الرئيسى فى ذلك هو أن المصدرين يترددون فى خفض أسعار منتجاتهم". ورغم انتخاب أبى بأغلبية ساحقة فى الانتخابات العامة بعد وعده بإنعاش الاقتصاد اليابانى، إلا أن اليابانيين لم يشعروا بالتأثير الايجابى لسياساته. فقد أظهر استطلاع أجرته "كيودو نيوز" فى عطلة نهاية الأسبوع إن نحو 75% من اليابانيين لم يشعروا بأى تأثير لمساعى تحقيق النمو الاقتصادى، كما لم تلق دعوات أبى للشركات لزيادة الأجور لكى يتمكن المستهلكون من الإنفاق بشكل أكبر، أية استجابة. ويقول المنتقدون أن على أبى تطبيق الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد بما فى ذلك إحداث تغيير كبير فى أسواق العمل وتوقيع اتفاقيات تجارة حرة. وأظهرت البيانات الرسمية التى نشرت الاثنين ارتفاع العجز التجارى اليابانى إلى رقم قياسى بلغ 112 مليار دولار العام الماضى، وهو أعلى عجز يسجل منذ بدء تجميع البيانات المقارنة فى 1979. وارتفعت الصادرات بنسبة 9,5% لتبلغ قيمتها 69,79 تريليون ين فى اول زيادة لها منذ ثلاث سنوات، ولكن قابلها ارتفاع فى الواردات إلى رقم قياسى بلغ 81,26 تريليون ين. وارتفعت الصادرات إلى الصين بنسبة 9,7% بعد انتعاش الطلب عقب مقاطعة المستهلكين للبضائع اليابانية بسبب خلاف دبلوماسى بين طوكيو وبكين. كما تحسنت الصادرات الإيرانية إلى الأسواق الأميركية والأوروبية التى تعد أسواقا رئيسية لليابان، وتوقع تارو سيتو الخبير الاقتصادى فى معهد "إن إل آى للأبحاث" أن العجز التجارى اليابانى "سيتواصل لفترة من الوقت". وقال إنه عندما كان سعر الين نحو 80 مقابل الدولار فى السنوات الأخيرة، نقلت العديد من الشركات عمليات الإنتاج من اليابان إلى دول أخرى تقل فيها التكلفة وهو ما قلل من أهمية انخفاض العملة اليابانية حاليا. وتراجع الين بشكل اكبر حيث وصلت قيمته إلى أكثر من 100 ين للدولار الواحد، أى بانخفاض كبير عن معدله (70 ينا للدولار) فى أواخر 2012. وأضاف سيتو "لقد باتت زيادة صادرات اليابان أكثر صعوبة لأن الشركات نقلت الكثير من عملياتها الإنتاجية إلى دول أخرى.. ولذلك فإن المعادلة التى تقول إن انخفاض العملة يؤدى إلى ارتفاع فى الصادرات لم تعد حقيقية". وقد شهدت اليابان بيانات مختلفة لكن يبدو أن مساعيها لتعزيز الاقتصاد نجحت فى بعض الجوانب. فقد سجلت اليابان نموا فى النصف الأول من العام 2013 فاق نظيراتها فى دول مجموعة السبعة، رغم أن وتيرة النمو انخفضت فى الربع الثالث، ولكن بيانات التضخم فى نوفمبر أظهرت أن البنك المركزى اليابانى يقترب من تحقيق هدفه بخفض التضخم إلى 2% خلال عامين. والأسبوع الماضى، قال رئيس البنك المركزى هاروهيكو كورودا إن حملته لتخفيف الإجراءات النقدية بدأت تكسب الحرب على الانكماس رغم توقف صانعى السياسة عن الإعلان عن أية حوافز جديدة. إلا أن محللين يرون أن البنك المركزى اليابانى قد يضطر إلى توسيع سياساته لشراء الأصول فى وقت لاحق من هذا العام لمواجهة تأثيرات زيادة ضريبة المبيعات فى أبريل. وقد أثارت زيادة ضريبة المبيعات التى تهدف إلى خفض ديون البلاد، مخاوف من انخفاض إنفاق المستهلكين بشكل يضر بالاقتصاد.