افتتاح 7 خطوط إنتاج بمصنع القاهرة للصناعات الغذائية باستثمارات 50 مليون دولار    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 18 مليون جنيه خلال 24 ساعة    بعد خسارة السوبر.. راحة أسبوع للاعبي الأهلي    حبس المتهمين بقتل سائق لسرقته في الهرم    ضبط 8 عصابات وضبط 258 قطعة سلاح وتنفيذ 90 ألف حكم خلال 24 ساعة    رئيس جهاز السويس الجديدة تلتقي مستثمري منطقة عتاقة للاستماع لطلباتهم ومقترحاتهم    وزير الخارجية لنظيره الصيني: لن نتهاون في قضية سد النهضة الإثيوبي    الجيش الإسرائيلي: التقديرات تشير إلى عدم مقتل القيادي بحزب الله هاشم صفي الدين في الهجوم على نصر الله    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا بالستيا جديدا أُطلق من لبنان    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 41 ألفًا و586 فلسطينيًا    بالصور- رئيس جامعة بنها يتفقد سير العملية التعليمية ويشارك الطلاب تحية العلم    تشكيل نيس المتوقع أمام لانس في الدوري الفرنسي| موقف «عبدالمنعم»    بالصور جامعة أسيوط الأهلية تستقبل العام الدراسي الجديد برفع العلم والنشيد الوطني    رئيس الوزراء يبدأ جولة لمتابعة المراحل النهائية لمشروع تطوير التجلي الأعظم    20 جنيها لكيلو البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم السبت    ضبط 4 متهمين بالحفر والتنقيب عن الآثار في القاهرة    «الثقافة» تكرم فريدة فهمي وعبد المنعم عمارة في مهرجان الإسماعيلية الدولي    مواعيد وأسعار تذاكر حفلات مهرجان الموسيقى العربية.. أبرزها تامر عاشور    الاثنين.. القومي للسينما يعرض فيلم الطير المسافر في نقابة الصحفيين    بمشاركة مسار إجباري.. حكيم يُشعل المنيا الجديدة بحفل ضخم وكلمات مؤثرة    رانيا فريد شوقي وحورية فرغلي تهنئان الزمالك بحصد السوبر الإفريقي    عمرو سلامة يوجه الشكر ل هشام جمال لهذا السبب    الإفتاء في اليوم العالمي للمسنين: رعاية كبار السن واجب ديني واجتماعي    «الزراعة»: مصر لديها إمكانيات طبية وبشرية للقضاء على مرض السعار    رئيس هيئة الدواء: أزمة النقص الدوائي تنتهي خلال أسابيع ونتبنى استراتيجية للتسعيرة العادلة    محافظ أسيوط: تنظيم ندوات تثقيفية وتوعوية للشباب بالقضايا المجتمعية للحفاظ على كيان الأسرة المصرية    رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بعد الإعلان عن مقتل نصر الله: هذا ليس آخر ما في جعبتنا    خطة المدن الجديدة لاستقبال فصل الشتاء.. غرف عمليات وإجراءات استباقية    تنصيب القس بطرس فوزي قسًّا مساعدًا لكنيسة شبرا    "وزير الدولة للإنتاج الحربي" يترأس مجلس إدارة المركز الطبي التخصصي    سعر الدينار الكويتي مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 28-9-2024 في البنوك    جمهور الزمالك يهاجم إمام عاشور واللاعب يرد (صور)    تشكيل أرسنال المتوقع أمام ليستر سيتي.. تروسارد يقود الهجوم    فيديو.. مزايا التصالح على المباني المخالفة والمستندات المطلوبة    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    وزير خارجية الصين يشيد بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي    الهند تحذر:استمرار باكستان في الإرهاب سيؤدي إلى عواقب وخيمة    حفيد عبد الناصر: الزعيم يعيش فى قلب كل مصرى    «الداخلية» تحرر 508 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وتسحب 1341 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    30 يومًا.. خريطة التحويلات المرورية والمسارات البديلة بعد غلق الطريق الدائري    وزارة الصحة: إرسال قافلة طبية لدولة الصومال لتقديم الخدمات الطبية    أفضل الطرق الطبيعية للتخلص من دهون البطن    بدء تسكين طلاب جامعة القاهرة بالمدن الجامعية وفق جداول زمنية محددة    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا 29 سبتمبر    مجسمات لأحصنة جامحة.. محافظ الشرقية يكرم الفائزين في مسابقة أدب الخيل    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    جوميز: الزمالك ناد كبير ونسعى دائمًا للفوز    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    أول رد فعل من حزب الله بعد استهداف مقر القيادة المركزية للحزب    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    عبد المجيد: التتويج بالسوبر سيمنحنا دفعة معنوية لتحقيق الدوري والكونفدرالية    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهم الدولة الدينية
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 10 - 2009

فى فبراير من عام 1600 أحرق عالم الفلك غيوردانو برونو بعد اتهامه بالهرطقة، أى الخروج عن الدين حسب ماتراه الكنيسة، حصل هذا بأمر من محكمة فاتيكانية مختصة بخروقات قواعد الدين. جنود هذه المحكمة، وهو جهاز يخضع لسلطة رجال الدين، ساقوا غيوردانو من سجنه إلى ساحة الورود فى روما، حيث قيدت يداه وربط بعامود وأشعلت النار بالأخشاب.
غيوردانو نفسه كان قسا، ونشر فى نهاية القرن الخامس عشر عدة كتب عن الفلك، كتب بأن الكون لانهاية له، ولذلك لايمكن أن تكون الأرض مركزا له، فى كونه غير المحدود كان هناك عدد غير محدود من الشموس، وعدد غير محدود من الحضارات. مثل هذه التصورات لم تستطع الكنيسة الكاثوليكية القبول بها أو السكوت عنها. الكنيسة كانت تعتقد أن الأرض هى المركز، والإنسان خلق على شكل الله. غيوردانو لم ينكر وجود الله، إلا أنه كان يقول إن العالم أبدى تماما مثل الله، ومن أجل هذا الاعتقاد قدم حياته ثمنا، رافضا التخلى عن اعتقاده، فى دولة يحكمها رجال الدين، باسم الدين ونيابة عن الله.
محاكمة غيوردانو ما زالت محفوظة فى أرشيف الكنيسة، مع الكثير غيرها من الوثائق عن محاكمات مشابهة التى نفذت على خلفية تفسيرات دينية فى ظل الدفاع عن سلطة الطبقة المسيطرة فى الكنيسة. فى عام 1881 بدأت الكنيسة لأول مرة، تسمح بالوصول إلى الوثائق التى أقدم من عام 1922. والسبب الخوف من اكتشاف علاقة الفاتيكان بالفاشيست الألمان الأمر الذى يقلق الفاتيكان اليوم.
الشرطة الكنسية التى قادت غيوردانو إلى محرقته، كانت تعتبر شرطة المحافظة على القيم، شرطة تنفذ إرادة رجال الكنيسة فى سعيها لفرض تفسيرها الدينى على الآخرين.
هذه الهيئة البوليسية تشكلت عام 1231 وفى ذمتها دماء آلاف الضحايا، ولا تختلف كثيرا عن هيئة المطاوعة فى مملكة آل سعود أو الحرس الثورى فى جمهورية إيران الإسلامية، ومازالت التحقيقات التى انتهت بإعدام آلاف الضحايا الأبرياء محفوظة فى مكتبة الفاتيكان. وتشير الوثائق إلى أن الخوف من حرس الكنيسة كان شديدا وفى كل المستويات. هذه الهيئة البوليسية كانت تملك جهازا قويا من الوشاة أعضاؤه يعتقدون أنهم يدافعون عن إرادة الله. الوثائق تشير إلى أن كل الفضائح كانت تجرى باسم الله، وباسم تطبيق قواعده وتعاليمه.
الأرشيف يحوى أخبار الحرب على الهرطقة والكفار، على الساحرات، على طرق السيطرة على كبار الملوك. كما يحوى وقائع عن القدرة الكبيرة للفاتيكان على السيطرة على عقول المؤمنين، وتسيرهم ضد ملوكهم الأمر الذى كان يجبر الملوك على الخضوع للفاتيكان من أجل المحافظة على مُلكهم. لقد أجبَر البابا جورج السابع، ملك ألمانيا هنريك الرابع على الانصياع عام 1175، إلى درجة اضطرار الملك إلى السفر للفاتيكان من أجل طلب الصفح راكعا.
اليوم يقدم الفاتيكان اعتذاره إلى غيوردانو، باعتبار أن الكنيسة كانت على خطأ وغيوردانو كان على حق. هل يعيد التاريخ نفسه؟
نتابع سعى البعض لبناء دولة دينية، دولة يحكم فيها البشر باسم الله ونيابة عنه، دولة تقوم بفرض التصور الدينى للبعض على الآخرين، عاملة على تسييس الدين، تحت ظل مختلف الشعارات البراقة العامة مثل "الاسلام هو الحل" أو "شرعية لا وضعية" وحتى الادعاء بأن الديمقراطية مستوردة متناسين أن الدولة الدينية هى أيضا مستوردة.
وبالرغم من فشل كافة التجارب الدينية التى قامت فى العصر الحديث مثل دولة مملكة آل سعود والسودان وإيران وأفغانستان، إلا أن الأحزاب الدينية لا تشير إلى هذا الفشل إلا بتعبير أن هذه التجارب ليست إسلامية صحيحة أو أخطأت فى تطبيق الإسلام. رغم أن مشروعهم أيضا يصدر عن رؤية ذاتية للإسلام لا يوجد ما يدل على مصداقيته، أو أنه سينال حظوظا أفضل للنجاح.. هل يستطيع الإسلام أن يكون منبعا كاملا لبناء دولة حديثة؟
حتى الآن ترفض كافة الأحزاب والجماعات السياسية الدينية التى تدعو إلى بناء دولة دينية، طرح برنامج سياسى واقتصادى واجتماعى واضح يعالج المشاكل التى تقف أمامها الدولة الحديثة. يرفضون التكلم عن برامجهم ضد البطالة، عن قوانين العمل، عن التعامل مع الفكر الآخر، عن التعامل مع المواطنين من أتباع الأديان الأخرى.
إن تجارب مملكة آل سعود والسودان وإيران وأفغانستان لا تشير إلى أننا نتعامل مع أشخاص ذوى نضج حضارى، وإنما مع عبدة نص بمفهوم زمنى متحجر لا يرقى إلى مستوى التطور البشرى الحالى. إن الدول الدينية الحالية والقديمة لم تكن موجودة من خلال "قوانين" دينية بحتة وإنما من خلال إيهام مواطنيها بأنها موجودة بهم. فهل حقا توجد دولة دينية؟ وهل حقا توجد قوانين دينية بحتة لإدارة الدولة الحديثة؟
أم أن دولنا الدينية ستكون مجبرة فى القريب العاجل لطلب المعذرة من مواطنيها على انتهاكاتها لحقوق الإنسان وعلى فرضها وجهة نظر أحادية، تماما كما اضطرت أن تفعل سابقتها الدولة المسيحية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.