فى روايته الصدارة عن دار الشروق "سفينة نوح" يناقش الكاتب خالد الخميسى فكرة خروج المصريين من بلدهم، والذين أصبحوا يجدون مشكلة كبيرة للحياة فى ظل انعدام فرص العمل بها، فلا يجدون سبيلا سوى أن يلجأ الجميع للسفينة التى نخرج بها من البلد، ويكتب لنا الخميسى حكاياته عمن لحق بسفينة نوح أو يعد العدة للحاق بها للخروج والنجاة. بنية الرواية تبدو بسيطة من الخارج لكنها عميقة الرؤية، حيث قسم الكاتب فصول رواياته إلى شخصيات وبدأ بأحمد عز الدين الطالب الجامعى العاطل عن العمل، وحبيبته هاجر التى التقاها فى الأول من يناير 2000، والتى شجعته بعد التخرج على السفر لتحقيق حلم حياتهما بالزواج، والتى قرر أن يقطع علاقته بها بعد تعرفه عبر "الشات" على فتاة أمريكية. أما الفصل الثانى هاجر مصطفى فهو عن حبيبة القلب لأحمد التى توفيت معنويا فى 1 يناير 2005 عيد ميلاد حبيبها والذى قرر مغادرتها وانتهى بها الحال فى الولاياتالمتحدة مع أيمن صبحى الزوج الذى فرضته عليها الظروف الاجتماعية. ورغم أن الخميسى لا يبرز شخصية أيمن صبحى ضمن فصول الرواية الرئيسية، لكن هذه الشخصية تلعب دورا محوريا فى حياة هاجر وفى الرواية بدءا من الفصل الثانى، إذ تنتقل أحداث الرواية جزئيا إلى أمريكا ليعرفنا الخميسى على عالم جديد هو عالم المصريين الذين يهاجرون إلى هناك هجرة غير شرعية، ورجال الأعمال الذين يهربون بأموالهم إلى هناك بعد إصابتهم بالإفلاس، ونلتقى مع شخصية عبد اللطيف عوض الذى يقص لنا الخميسى قصة هجرته غير الشرعية، عبر جبال الأنديز من أمريكا الجنوبية، ثم يعمل فى مطعم أيمن صبحى، ويقوم بكل المهام الأخرى فى حياة أيمن بخلاف عمله فى المطعم، فهو المسئول عن أعمال سباكة ودهانات شقته التى تزوج فيها هاجر، وهو الذى يقوم بأعمال متعهد حفلة عرسه، وفى النهاية يترك العمل لديه بعد عرض رجل الأعمال المغرى أكرم منجى الذى يستطيع إغراءه بزيادة عدة دولارات عن المبلغ الذى كان يتقاضاه من أيمن صبحى. وينتقل بنا الخميسى مرة أخرى إلى لندن حينما يعرض لقصة الطالب العابث فريد المنجى ابن المليونير الهارب بثروته أكرم منجى مرورا بالطبيبة القبطية الثرية الناجحة وحتى سمسار الهجرة وغيرها من الشخصيات. لكن قرب انتهاء الرواية تربط كل الشخصيات بعضها ببعض، فالكل فى مركب الوطن يحلم بالقفز إلى سفينة نوح، ويختتم "الخميسى روايته بفصل "من أول السطر" الدال على الحال التى وصل إليها أبطاله قائلا فى المقطع الأخير "ظهرت لى سفينة نوح وهى طافية فوق طوفان أغرق اليابسة. بدت لى كبيضة العالم تنتظر الفقس. كنطفة تستعد لخلق عالم لا نعرفه، ولا يمكن التكهن بطبيعة أحواله. بدت لعينى السفينة كحرف النون، نصف دائرة علوية: قوس قزح. يشكلان معا وحدة الكون جديدا يتشكل بتفجير الكون القديم. سفينة نوح على شكل هرم وتبدو قمة الهرم كشعلة فوق سطح سفينة الخروج، شعلة تتجه إلى بلاد بعيدة". ويكتب الخميسى على الغلاف الخارجى لروايته "سفينة نوح سوف تمنحك كل ما تطمح إليه من معرفة، أولا: انتبه لا تدع السفينة تفوتك، ثانيا: تذكر إننا جميعا فى الهوا سوا، ثالثا: كن مستعدا ففى أى لحظة يمكنك أن تضطر إلى القفز داخل السفينة، رابعا: سافروا أزواجا لأسباب نحن فى غنى عن شرحها، خامسا: أقدم على ما ينبغى أن تقدم عليه، ولا تلتفت لما يكتب أو يقال، سادسا: لا يهم من أين جئت، الجميع يسعى للحاق بالسفينة، سابعا: اعلم أن من خرج ولحق بسفينة نوح كتب الله له النجاة".