تشير الكفاءة الاقتصادية إلى الاستخدام الأمثل للموارد، وذلك بهدف تعظيم الإنتاج من السلع والخدمات ويمكن القول أن أى نظام اقتصادى يعتبر أكثر كفاءة مقارنة مع نظام آخر، إذا تمكن من تقديم المزيد من السلع والخدمات للمجتمع دون استخدام مزيد من الموارد والكفاءة من منظور إدارى تعنى القدرة على تحقيق الأهداف المحددة فى زمن محدد مع مراعاة جودة المخرجات، وهى من مقاييس نجاح الكيانات الاقتصادية (دولا كانت أو مؤسسات) تكاملا مع مفهوم الفعالية، والتى تعبر عن مدى تحقيق الأهداف بأقل تكلفة وأقل وقت ممكن ويتم الوصول إلى الكفاءة الاقتصادية، من خلال الدج بين الكفاءة الفنية والتى تعبر عن إمكانية الحصول على أقصى إنتاج ممكن من استخدام قدر محدد من مدخلات الإنتاج من الناحية الفنية والكفاءة التخصيصية، التى تعبر عن إمكانية الحصول على المزيج الأمثل أو الأقل تكلفة لمدخلات الإنتاج المستخدمة فى إنتاج قدر معين من السلع والخدمات، لقد شهد الاقتصاد المصرى خلال فترة الستينات من القرن الماضى انطلاقة لمرحلة الكفاءة الاقتصادية والتى شهدت بداية للتخطيط طويل المدى لتحقيق انطلاقة ونهضة تنموية متميزة، من خلال إنشاء قاعدة صناعية عملاقة للصناعات الاستراتيجية كالحديد والصلب والغزل والنسيج، وتعزيز مصادر الطاقة بمشروع السد العالى، وحقق الاقتصاد المصرى خلالها مرحلة الكفاءة الفنية بالاستخدام الأمثل للموارد، لتعظيم الإنتاج من السلع والخدمات، وإن غابت الكفاءة الإدارية لتحقيق الأهداف المرجوة بشكل كامل نظرًا لما مرت به تلك الفترة من ظروف الحرب، تم خلالها توجيه الاقتصاد التنموى إلى اقتصاد الحرب. عاود الاقتصاد المصرى ليبدأ مرحلة جديدة من الصحوة والانطلاق عقب انتصارات أكتوبر المجيدة وذلك بما حققته مصر والدول العربية من رسم ملامح جديدة للاقتصاد العالمى، مرتكزًا على بروز الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للنفط العربى على المستوى العالمى، والاستفادة من الوفورات المتولدة من ارتفاع عائداته، مما ساهم فى تدفق الاستثمارات العربية على مصر، ففى عام 1974 صدر القانون رقم 43 لاستثمار رأس المال العربى والأجنبى وبموجبه أنشأت المناطق الحرة والاستثمارية وفى 5 يونيو 1975، أعيد فتح قناة السويس للملاحة، ليعود الشريان الأهم من شرايين الاقتصاد المصرى للتدفق من جديد، وتأهلت مصر لانطلاقة اقتصادية وتم التأسيس لمرحلة من الانفتاح الاقتصادى، وان استغلها البعض القليل فى تحقيق ثراء ومطامع شخصية وتحويل الانفتاح الاقتصادى عن مساره من انفتاح إنتاجى، يهدف إلى استكمال القاعدة الإنتاجية إلى انفتاح استهلاكى يخصم من الكفاءة الاقتصادية ولا يضيف إليها. وفى عام أواخر عام 1977، دخل الاقتصاد المصرى إلى مرحلة التحجيم، مع بداية اتفاق السلام المصرى الإسرائيلى والتوقيع على معاهدة كامب ديفيد، واتساع الفجوة مرة أخرى بين مصر كطامح فى التنمية وبين بعض الدول العربية الرافضة لتوجه السلام مع إسرائيل، وانتقل الاقتصاد المصرى من الشراكة العربية إلى الكفالة الأمريكية متمثلة فى المعونة المنصوص عليها فى الاتفاقية، تتلقاها مصر سنويًا بموجب توقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية، من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى شكل منح لا ترد بمبلغ 2.1 مليار دولار لمصر، منها 800 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية. أعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بمصر كهيئة مشرفة على المعونة الأهداف من تلك المعونات، بأنها لتنمية الاقتصاد المصرى، حتى يصبح قادرًا على التنافسية العالمية، بما يحقق الاستفادة العادلة لجميع المصريين، وذلك فى ستة مجالات وهى الواردات السلعية بنسبة 27%، والمعونات الغذائية بنسبة 18%، والبنية التحتية بنسبة 25%، والتعليم بنسبة 8%، والصحة بنسبة 9%، وأخيرًا الديمقراطية والمجتمع المدنى بنسبة 13%. وبنظرة بسيطة على مدى التقدم والتحسين، الذى طرأ على المجالات السابقة، نجد أن الاستفادة قليلة جدًا قياسًا بالتخريب الذى تم فى مجالات الزراعة والصحة والتعليم والأسرة، حيث كانت مصر حقل تجارب لكل ما هو فاسد فى المجالات السابقة واستنفاذ الاقتصاد المصرى بما يعادل 4 مليارات دولار سنويًا مقابل المعونة لصالح الشركات الأمريكية فى شكل عقود امتياز للتنقيب عن البترول والغاز الطبيعى وعبور مجانى بالقناة للسفن الحربية وزهيد القيمة للسفن التجارية للقناة، وأخيرًا كان تصدير الغاز لإسرائيل بثمن بخس، ومنذ ذلك التاريخ تم تجنيب سيناء خاصة ومصر عامة عن أفق التنمية، والحد من قدراتها العسكرية والاقتصادية بشكل أثر كثيرًا على كفاءة الاقتصاد من ناحية الأداء والهدف ونتج عن ذلك اختلال لموازين العدالة الاجتماعية، وغياب الشفافية وتفشى الفساد من أعلى سلطات الدولة حتى أدناها. إن الاقتصاد المصرى يحمل من المقومات الطبيعية والبشرية، ما يجعله اقتصادًا رائدًا عربيًا وإقليميًا بشرط إرساء مبدأ الشراكة الذى يمكن من الاستخدام الأمثل للموارد لتحقيق معدلات مرضية من النمو تعود بالتنمية على المواطن وليس من خلال المعونات أو الاستدانة سواء كان ذلك فى ظل الكفالة (المعونة) الأمريكية أو بالتحول إلى الكفالة العربية والاستدانة المفرطة، والغير محسوب عواقبها فى الحاضر أو مستقبلا على الأجيال القادمة.