هنا شارع "محمد محمود"، وعلى جدرانه مازالت القصة مستمرة، مازالت الوجوه فوق الجدران تسرد حكاية الثورة، ومازال الفنانون متناثرون يرسمون صور الشهداء وأحلام الثورة الضائعة فى الرحلة الثالثة لثورة الجدران، حاملين فوق أطراف ريشاتهم ذكرى ملامح رفاق ميدان غادروا دنيانا إلى جوار حلم بوطن أفضل يستعدون لرسمه بأنفسهم على حوائط الشارع التى مازالت تفوح برائحة الثورة، وشهيد "مهما اتقتل عايش". سنة بعد أخرى مرت على الرسومات التى تغيرت معالمها بتغير الأحداث، بعضها من اختفى فى موجات متفرقة استهدفت فنون الجدار التى تم مسحها أكثر من مرة فى ظل إصرار رساموها على إعادتها للحياة مرة أخرى، ولم يكن هناك أفضل من الذكرى الثانية لمحمد محمود لإعادة رسمها كما أكد "بيكاسو" أو "عمر فتحى" لليوم السابع أثناء حديثه عن الجرافيتى ثلاثى الأبعاد على جدار الجامعة الأمريكية، ويقول "بيكاسو": الجرافيتى بدأ مع الثورة بشخبطة على الحيطان، تطورت مع أحداث محمد محمود لبورتريهات ولوحات فنية بتبهر العالم، ودلوقتى بنعمل تجربة جديدة لرسم ثلاثى الأبعاد بأفكار مبتكرة بخامات بسيطة زى الفل". بداية محاولات توثيق الأحداث تعود للرسام "عمار أبو بكر" الذى بدأ توثيقه للأحداث فى الوقت الذى ارتفعت فيه الغازات المسيلة للدموع فوق رؤوس المتظاهرين وانطلقت طلقات الخرطوش فى الظلام لتخطف النور من عيون تنادى بالحرية، وهو ما يؤكده "بيكاسو" الذى تحدث عن الجدارية الأولى لكل من فقدوا أعينهم، وانطلقت من بعدها محاولات التوثيق فى نفس وقت حدوثها. على بعد أمتار قليلة من "بيكاسو" وقف "عبود" يتابع رحلة جرافيتى محمد محمود فوق سلم يرتفع لخمسة أمتار هم ارتفاع جداريته الضخمة، ينزل لدقائق ليشارك فى الحديث عن ثورة الجرافيتى فى محمد محمود ويقول: "أحنا جينا نرسم رغم الشرطة اللى مالية المكان، والقانون اللى بيجهز لينا بأربع سنين سجن، لأن من البداية محدش أدانا حرية الرسم عشان نرسم، أحنا اللى انتزعناها، ورسومات محمد محمود بقت نبض الثورة والناس". يلتقط منه الحديث "كريم"، الذى قام قبل ساعات بالانتهاء من جداريه "مانيفسترو" علة جدران الشارع ويقول: "معظم الرسومات اللى كانت فى بداية محمد محمود اتمسحت دلوقتى، لكن الفكرة أننا نفضل محافظين على الرسم فى الشارع ونطور مستواه فى كل مرة بنعيد رسمه أو بنضيف شهيد جديد للحوائط، عشان فى النهاية مهما حصل يفضل محمد محمود برسوماته يفكروا الناس بالثورة".